دخل المعلم حجرة الدرس، قال: السلام عليكم يا صغاري، فوقف التلاميذ لتحية الاستاذ.
إجلسوا أيها الأبطال، اليوم لنا موعد مع درس في التاريخ، كتب الاستاذ العنوان على السبورة بالخط الكوفي، صلاح الدين الأيوبي.
عم السكوت قاعة الدرس لبرهة ثم سأل الاستاذ تلاميذه، ماذا تعرفون عن هذه الشخصية التاريخية؟
بدأ الكل يحاول الإجابة و يطلب الفرصة على ذلك.
الأستاذ، تفضل يا حسن.
حسن: صلاح الدين الأيوبي هو محرر بيت المقدس من الصليبيين.
الأستاذ: ممتاز و ما بعد، تفضل يا أحمد.
أحمد: صلاح الدين الأيوبي، هو مؤسس الدولة الأيوبية وموحد الأمصار الإسلامية و قائد الحملة العسكرية ضد الصليبيين و هو من إسترجع مدن فلسطين و مدينة القدس من يد المحتلين الصليبيين و أخرج الصليبيين من أرض الشام.
الأستاذ: أحسنت.
الأستاذ: ماذا عن الوضع الآن في فلسطين و هل هنالك ترابط بين الماضي والحاضر و كيف سيكون المستقبل؟
الاستاذ: تفضل يا عياش.
عياش: نحن الآن نعيش نفس أوضاع أيام صلاح الدين الأيوبي من الناحية السياسية و فلسطين و القدس يرزحان تحت الاحتلال الصهيوني من جديد.
الأستاذ: نعم الرأي، لكن كيف وصلنا إلى هكذا وضع!
الاستاذ: تفضل يا ياسين.
ياسين: تمزق الأمة العربية والإسلامية في الفترة الاستعمارية، مهد لكل هذا، كما أن تكالب القوى الاستعمارية أعطى حقا لمن لا يستحق في الأرض العربية و كان الاختيار على فلسطين، قلب الأمة العربية والإسلامية.
الأستاذ: أكثر من خمسة و سبعين سنة و القضية الفلسطينية تراوح مكانها، عجز العرب على فرض حل سياسي أو عسكري لها، كما لم يستطع المنتظم الدولي عبر مؤسساته كلأمم المتحدة و مجلس الأمن الدولي من إيجاد أو فرض حل لهذه القضية.
و قد كادت القضية الفلسطينية أن تقبر لولا ما جد في الساحة من تطورات الأحداث و خصوصا ما حدث في السابع من أكتوبر الماضي و ما تلاها من عدوان همجي على كل من غزة والضفة الغربية.
ألا ترون أعزائي أننا في الطريق الصحيح نحو التحرير ،لكن ماذا ينقصنا في هذه المرحلة بالذات؟
الاستاذ: تفضل يا أبا عبيدة.
أبو عبيدة: الوحدة و القيادة الرشيدة، كتلك التي جسدها في الماضي صلاح الدين الأيوبي.
الأستاذ: و كيف السبيل إلى ذلك.؟
الاستاذ: تفضل يا ليث.
ليث: الأمة تخوض صراعا وجوديا يهدد كينونتها و الفرقة تزيد من خطورة هذا التهديد، و الوحدة السياسية للأمة العربية والإسلامية أصبح فرض عين في هذا الوقت العصيب.
الأستاذ: و ماذا أيضا. تفضل يا سعد.
سعد: التأهيل الشامل لخوض هذا الصراع، من جميع النواحي سياسيا و عسكريا و روحيا، اي الإعداد الجيد و اكتساب الخبرات و التقنيات اللازمة و تكوين الرجال.
الأستاذ: إذن نحن أمام صراع بين الحضارات والثقافات و صراع بين الحق والباطل و كل الايدلوجيات الفاسدة، التي تتستر وراء حقوق الإنسان والحريات و الديمقراطية و الحق في الحياة كشعار لها داخل مجالها السياسي و الجغرافي و تضن بتلك المزايا المشتركة إنسانيا على من يختلف عنها عرقيا و عقديا.
الأستاذ: لنعد إلى شخصية الدرس صلاح الدين الأيوبي
ما هي أوجه التشابه بين عصرنا و عصر صلاح الدين الأيوبي.
الأستاذ: تفضل يا عقبة.
عقبة: تفكك الأمة العربية والإسلامية، نشبه مرحليا زمان ملوك الطوائف في الأندلس. التشرذم و تغليب المصالح الضيقة لكل بلد عربي على حساب القضايا المصيرية للأمة العربية، كما أن الحسابات السياسية و كذلك الصراع على السلطة داخليا و التبعية للخارج و التوترات البينية بين بعض البلدان العربية، عقد شيئا ما الذهاب نحو وحدة الكلمة و بالتالي أي وحدة سياسية و إقتصادية كبرى بين البلدان العربية، و لا ننسى تكالب الإمبريالية على المنطقة العربية و التدخل في الشؤون الداخلية من الناحية السياسية للغرب في معظم الدول العربية.
الأستاذ: لكن هل من مخرج من هذا الجمود و المأزق التاريخي الذي تعاني منه أمتنا العربية والإسلامية.
ما هي الخيارات المتاحة أمامنا للعودة إلى دورنا كأمة فاعلة و فعالة في هذا الصراع الحضاري.
الأستاذ: تفضل يا عز الدين.
عز الدين: ثورات الربيع العربي، عرت المستور و أبانت عن مكمن الداء ، غياب الإرادة السياسية في التغيير المنشود والثورة المضادة أدخلت المنطقة العربية في حالة جمود تام، إلى حد الوهن فالشعوب لم تعد لها ثقة في النخبة السياسية بصفة عامة، كما أن غياب الزعامات السياسية المؤهلة فكريا و عقديا لحمل مشعل التغيير أصبح حالة مقلقة، و له أكبر تأثير على الحالة التي تعيشها المنطقة العربية.
رن الجرس بصوت عال.
الأستاذ: حسن، غدا سنتابع تتمة الدرس عم السكون حجرة الدرس، ثم بدأ الانصراف.