![](https://anbaaexpress.ma/wp-content/uploads/2024/02/naim.jpg)
حكى لي صديقي لما كان تلميذا بقسم الباكالوريا في عطلة نهاية السنة الميلادية أنه سافر لزيارة أقاربه، و تزامن وقت وصوله المساء، فلما قرع باب منزل أقاربه لم يجبه أحد، و بقي لفترة طويلةوهو ينتظر مجيء أحدهم، و في الأخير قرر أن يسأل أحد الجيران لعله يخبره بسبب عدم وجودهم، و قد أخبرهم بزيارته لهم.
فأجابه الجار أنهم غادروا البيت لحضور جنازة أحد أقاربهم يقطن في نفس المدينة و سأله ثانية هل يعرف المكان ؟
فأجابه معتذرا بأنه لا علم له بما طلب، هنا تساءل صديقي ماذا يجب عليه أن يفعل في غياب هواتف نقالة و قلة الهواتف الثابتة ؟ فما كان عليه سوى الذهاب لتمضية الوقت و العودة في منتصف الليل و يضمن نوما مريحا في فصل شتاء ليله شديد البرودة.
و بالفعل ذلك ما كان ذهب لقاعة السينما و إشترى تذكرة و شاهد فيلمين و بعدها عاد للمنزل فلم يجد أحدا، فضرب الأخماس في الأسداس و عاد ثانية لمقهى قريب من السينما و من محطة القطار و جلس فيها لساعات طوال و شرب فناجين من القهوة، و بعد ذلك سمع أذان صلاة الصبح و إستبشر خيرا و فكر أنه بعد الصلاة سيأخذ قسطا من الراحة في أحد جنبات المسجد في إنتظار الصباح.
و لكن خيبته كانت مؤلمة لأن الإمام بعد الصلاة إنتظر من أتوا متأخرين ليكملوا صلاتهم ثم بعد ذلك أغلق المسجد و لم يقرأوا الحزب كما يفعل في باقي المساجد، فعاد صديقي للمقهى القريب من محطة القطار منتظرا و نادبا سوء حظه.
و هو الذي كان محاطا بأطفال الشوارع الذين يعيشون التشرد و يبيتون في مداخل العمارات، متفاديا الحديث معهم خوفا من أن يسرقوا ما معه من نقود قليلة و ملابسه التي بداخل حقيبة كان يحملها معه، فكانت ليلته بيضاء لم يرى فيها طعم النوم و سوداء بقيت عالقة في ذاكرته من سوء ما عانى منه من خوف و قلة نوم و سوء تدبير.
و في الصباح الباكر توجه نحو منزل عائلته و تزامن ذلك مع حضور واحد من أقاربه الذي فرح بقدومه و توجها معا إلى بيت العزاء الذي كان على بعد كيلومترات، فقام صديقي بواجب العزاء فأدخلوه غرفة ليرتاح فيها بعض الوقت لكنه نام نوما عميقا إستغرق يوما كاملا من الصباح إلى غاية الصباح الموالي، و بعد أن إستيقظ حكى لأقاربه كيف قضى ليلته فبدأوا في عتابه و أخبره أحدهم لم تستأجر غرفة في نزل ” أوطيل”.
و أخبره آخر و هو يستهزئ منه لم لم تشتر تذكرة إياب و تعود من حيث أتيت و كنت على الأقل ستضمن نوما مريحا في يوم بارد من أيام ” الليالي ” التي تكون شديدة البرودة ”
فضحك الجميع من غبائه الذي سبب له شقاء لم ينساه، و هي الحكاية التي لازمته طوال حياته كلما إجتمعنا نحن الأصدقاء إلا و أعاد حكيها لنا.