بعد غياب طويل عن الوطن، عاد و كله أمل أن يلتقي بمحبوبته، و بعد أن نام نوما عميقا مليئا بالكوابيس و صورة محبوبته لا تفارقه، استيقظ مذعورا و خائفا مما رأى و شاهد.
فقرر أن يرسل لها رسالة نصية، فتوجه على وجه السرعة لمقهى قريب من بيته يطل على البحر فشرع في كتابتها قائلا لها: “صباح الحب المعتق بكل عسل فوق شهد، و كل طير مغردا مع جلسة صباحية تراقب شروق الشمس، و أمام بحر أعياه تلاطم أمواج طيلة ليلة باردة فقدت نجومها من شدة ضباب حجب رؤية منتهى ضخامة بحر فأصبح كواد في سراب.
نعم يا محبوبتي احبك و أعشقك و روحي لم تعد تطيق فراقك بل لم تعد تميز بين أنت و أنا بل أنت و أنا التان امتزجتا فأصبحتا أنت أنا و أنا أنت جسدا واحدا فهل من سبيل لتعود الأنا لأنت فنصبحا كيانا واحدا، و نحقق وحدة وجود يصعب معها الفراق الذي عذب حبيبين افترقا و آلمهما وجع ما حل بهما.
يا محبوبتي رقي لحالي فلم أعد أقوى على هجرك فحملت حقائبي وسئمت بلد الغربة فعدت وانتظرت بزوغ فجر لألتقيك و استرجع عافيتي بلقياك”.
قرأت نص الرسالة و بكت وقالت يا ليتك عدت قبل أيام، سألها زوجها: لا تحزني يا حبيبتي بعد أن نتناول فطورنا فإنني قررت السفر لنزور والدتك فإني أعلم ان بعدك عنها أبكاك فأبكاني و أنا لا أقوى على أن أرى دموعك تجري كالوديان.
فانهارت و سقطت مغشي عنها، فوجدت نفسها في مصحة لا تكاد تنطق بكلمة من شدة ما قرأت فتحسرت ولكن بعد فوات الأوان.
فانتظر جوابها و لكنه وهو جالس في مقهى يعد الساعات و الأيام تمر من أمامه و هي حامل في شهرها الثاني.
فحجز أول تذكرة و اختفى و لم يعد يظهر له أثر بعدما شاهد و رأى فقرر أن يدخل في عملية النسيان.