أفريقياالشرق الأوسطسياسة

سبب قرار السعودية.. بعدم نشر خريطة المغرب مبتورة أو استخدام مصطلح الصحراء الغربية

ملف الصحراء هو المعيار الواضح والبسيط الذي يقيس به صدق الصداقات ونجاعة الشراكات

بأمر ملكي، يمنع منعاً مطلقاً بالسعودية استخدام مصطلح “الصحراء الغربية”، ويلزم باستخدام مصطلح “الصحراء المغربية”، ويمنع استخدام أو الإشارة إلى خريطة المملكة المغربية مبتورة بدون صحرائها.

مواقف وقرارات

في شهر ديسمبر الماضي، بالعاصمة القطرية الدوحة، اشاد قادة دول مجلس التعاون الخليجي، وعلى رأسهم القيادة العليا للسعودية، في البيان الختامي، الذي توج أعمال القمة الـ44 للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، بقرار مجلس الأمن رقم 2703 الصادر بتاريخ 30 أكتوبر، بشأن الصحراء المغربية.

حيث يعزز قرار مجلس الأمن الدولي، الرؤية والخيار الإستراتيجي للمغرب، من أجل التفاوض والتسوية السلمية للنزاعات ونهج سياسة اليد الممدودة، التي يدعو لها جلالة الملك محمد السادس دائما.

كما جدد قادة دول مجلس التعاون الخليجي، على تأكيد مواقفهم وقراراتهم الثابتة، والداعمة لمغربية الصحراء والحفاظ على أمن واستقرار المملكة المغربية ووحدة أراضيها.

بالإضافة جددت المملكة العربية السعودية في شهر أكتوبر الماضي، تأكيد دعمها لمبادرة الحكم الذاتي التي قدمها المغرب من أجل التسوية النهائية للنزاع الإقليمي المفتعل حول الصحراء المغربية، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك.

كل هذه المواقف الإيجابية، كانت عامل محفز، من أجل حسم الأمور، والانطلاق إلى مراحل جد متقدمة، وحاسمة.

بأوامر ملكية، أصدر الديوان الملكي السعودي قرارا يدعو فيه إلى حظر نشر خريطة المملكة المغربية مجزأة، (مبتورة) أو استعمال مصطلح “الصحراء الغربية” في كل المؤسسات، في إطار احترام سيادة المغرب ووحدته الترابية.

وقد شدد القرار الملكي، الذي يحمل إمضاء فهد بن محمد العيسى، رئيس الديوان الملكي، على “ضرورة التزام جميع الجهات بعدم استخدام هذا المصلح، أو خريطة المغرب بدون صحرائه”.

وللإشارة، بتعليمات ملكية، وُجّه القرار إلى جميع الوزارات والمصالح الحكومية، والمراكز التعليمية، وجميع المصالح الحكومية، وكل الوزارات، وإلى كل المسؤولين عن الجامعات ومؤسسات التدريب التقني والمهني..، وجمعية الكشافة وإلى جميع المتدخلين في قطاع التعليم العالي والمهني والإلكتروني، وبتعميمه على الجهات التابعة لها أو المرتبطة بها.

وجدير بالذكر، السعودية، دائما ترفض بشكل واضح وصريح بالمساس، بالمصالح العليا للمغرب أو التجرأ على سيادته، خصوصا وحدته الترابية، وتدعم الجهود الدبلوماسية التي تقوم بها المملكة المغربية برئاسة جلالة الملك محمد السادس.

العلاقات المغربية السعودية

المملكة المغربية والمملكة العربية السعودية، تجمعهما علاقات تاريخية منذ أمد بعيد، رغم بعدهما الجغرافي وهي علاقات جد مميزة بين البلدين، وخلال سنة 2023، شهدت العلاقات تطورا ملموسا في مختلف أبعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

عرفت تطورا نوعيا، وشراكات شاملة ذو أبعاد استراتيجية، في جميع المستويات، كما شهدت 2023 عدة زيارات مكثفة ومتبادلة بين المسؤولين من البلدين سواء الحكوميين أو في القطاع الخاص.

المغرب له مكانة مهمة، وخاصة في أمن واستقرار منطقة الشرق الأوسط، واتضح جليا، خلال أعمال قمة ملوك ورؤساء وقادة الدول العربية في دورتها 32 التي احتضنتها جدة في شهر ماي الماضي، والتي شارك فيها الأمير مولاي رشيد، والتي كان هدفها السعي حول الحفاظ على أمن واستقرار المنطقة وتعزيز المصالح العربية، خاصة في ظل الأزمات المتصاعدة على المستويين الدولي والإقليمي.

ومن جهة أخرى، الرياض تنظر إلى المغرب، بأنه أهم وجهة في شمال إفريقيا للاستثمار، وقد وضع الملك محمد السادس، الرؤية المستقبلية، وطموحات المغرب ومؤهلاته ومبادراته الرئيسية التي تجعل من المملكة المغربية وجهة متميزة للاستثمارات، وفق شروط على رأسها احترام سيادة المغرب ووحدته الترابية، وهذه نقطة مهمة غيرت المعادلة، في العلاقات الدبلوماسية والدولية.

ومؤخرا، تم التوقيع، على عدة اتفاقيات التعاون، بين المغرب والسعودية، ومنها إتفاقية في مجال خدمات النقل الجوي، وإتفاقية تعاون في مجال مكافحة جرائم الإرهاب وتمويله، وكذلك توقيع إتفاقية تعاون في مجال الاعتراف المتبادل بشهادات الحلال للمنتجات المحلية، ومذكرة تفاهم للتعاون في المجال الثقافي، مع تعزيز التعاون في مجال إدارة معلومات الملكية الفكرية وتبادل بياناتها.

حسم الأمور

أكد جلالة الملك محمد السادس، في خطابه بمناسبة الذكرى 69 لثورة الملك والشعب، أن ملف الصحراء هو النظارة التي ينظر بها المغرب إلى العالم، مشددا جلالته على أنه أيضا هو المعيار الواضح والبسيط، الذي يقيس به صدق الصداقات، ونجاعة الشراكات.

وكما أشرنا سابقا، بأن المغرب وضع شروطا من أجل تطوير العلاقات بين دول العالم، وخصوصا في مجال الاستثمار، وأهم شرط، هو الاعتراف بمغربية الصحراء ودعم مقترح الحكم الذاتي كحل وحيد.

الخطوة التي أقدمت عليها السعودية، ومجموعة من الدول، هي تأكيد لصدق الصداقات ونجاعة الشراكات.

وأضاف، الملك في خطابه “ننتظر من بعض الدول، من شركاء المغرب التقليديين والجدد، التي تتبنى مواقف غير واضحة، بخصوص مغربية الصحراء، أن توضح مواقفها، وتراجع مضمونها بشكل لا يقبل التأويل”.

ويعتبر خطاب الملك، هو دستور العلاقات الدبلوماسية، ومحدد جوهري، ونعتقد بأن خطوة السعودية، ستكون محفز لعدة دول بتوضيح موقفها قولا وفعلا.

خصوصا، وأن قضية الصحراء المغربية، أي النزاع المفتعل، أصبح محسوما، وواضحا عند الرأي العام الدولي، ومن وراء هذا المشكل الذي طال أمده.

كما تؤكد، عدد من التقارير الدولية، بأن الهدف من هذا النزاع، الذي يقف وراءه النظام العسكري الجزائري، هو الإتجار في المحتجزين الصحراويين المتواجدين في مخيمات تندوف، وعرقلة التنمية المستدامة في المنطقة.

ووصفت التقارير، مخيمات تندوف الجزائرية، بالوضع الصعب للعيش فيها، كما تورطت قيادات مليشيا البوليساريو، في نهب المساعدات المخصصة للمحتجزين بتواطؤ مع مسؤولين عسكريين جزائريين.

وتشهد، مخيمات العار والذل، مسيرات متواصلة، في تندوف وتطالب الرأي العام الدولي من أجل الوقوف معها في هذه المحنة التي طال أمدها.

وللإشارة، تفيد التقارير بأن عدد الصحراويين في مخيمات تندوف، أغلبهم من دول افريقية، “الجزائر -مالي-تشاد-جنوب السودان-موريتانيا-النيجر-طوارق..” أو لا يملكون أي أصول، وأقحمتهم الجزائر للنفخ في عدد ساكنة المخيمات.

وقد أدانت عدة منظمات المجتمع المدني، في عدة دول أوروبية، بالوضع المزري و احتجاز الأطفال والنساء وتجنيدهم، من قبل السلطات الجزائرية ومليشا البوليساريو.

https://anbaaexpress.ma/id5u1

عثمان بنطالب

ناشط حقوقي دولي وإعلامي، خبير في الشأن المغاربي، مدير عام مؤسسة أنباء إكسبريس.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى