عندما تستطيع دراسة عدوك، فأنت في الطريق الصحيح لتحقيق التفوق و الانتصار عليه في أرض المعركة.
إستطاعت المقاومة الإسلامية أن تربي اجيالا في كل مجالات العلم والمعرفة و التقنيات الحديثة و الإعلام والاتصال و التربية على المنهج العقدي الصحيح، و كانت الغاية الكبرى من ذلك معرفة العدو الصهيوني من حيث التفكير و النفسية و السيكولوجيا و الأيديولوجيا و اللغة و التاريخ و الهوية.
و على مدى سنوات طويلة و بالرغم من ان ضريبة ذلك كانت عدوانية هذا الكيان الصهيوني على قطاع غزة والضفة الغربية تزداد يوما بعد يوم و سنة بعد سنة و تقنص خيرة من نخبة و كوادر المقاومة و التقتيل في الشعب الفلسطيني.
إلا أن عمل المقاومة الإسلامية في صمت طيلة هذه السنوات أتى أكله في السابع من شهر أكتوبر الماضي و لقن العدو الصهيوني درسا في حسن دراسة الأعداء و هذا تأتى بالصبر و المصابرة و المرابطة و التقوى و حسن الإعداد، فكانت النتيجة صفعة القرن الذي بدأت في السابع من أكتوبر و لن تنتهي إلا بزوال هذا الكيان المغتصب و التحرير التام من البحر إلى النهر.
عندما تكون المقاومة عقيدة مترسخة في أذهان الشعوب تؤمن بها و تمارسها يوميا في حركاتها و سكناتها و هي شعارها ضد كل طغيان أو ظلم أو تكبر و فساد في الأرض، فهنا تتجلى الخيرية التي وصفت بها هذه الأمة، الأمة الإسلامية “كنتم خير أمة أخرجت للناس، تأمرون بالمعروف و تنهون عن المنكر و تؤمنون بالله”.
المقاومة قضية كل الأحرار و شرفاء الأمة، مقاومة الطغيان و الفساد و الاستبداد و العلو في الأرض و البغي و مقاومة الاحتلال و الاستيلاب الفكري و مقاومة الهيمنة الاقتصادية و كل أشكال التبعية المذلة و مقاومة الاستبداد السياسي و الفساد المالي والاقتصادي و الأخلاقي.
عندما تتفوق على عدوك سياسيا و إعلاميا و استخباراتيا و نفسيا و سيكولوجيا و عقديا و أخلاقيا و سلوكيا و ميدانيا في ساحة المعركة، فأنت تكسب الدعم الدولي لقضيتك العادلة و تحرج عدوك داخليا و خارجيا.
تنهار الجبهة الداخلية المساندة للعدوان و يبدأ التفكك داخل النسيج المجتمعي للعدو الصهيوني و تفتر الماكينة الإعلامية بشكل كبير إلى حد الصدام بين أقطابها المتباينة التوجه السياسي.
وأما خارجيا فتتغير المواقف نظرا للضغوط السياسية الدولية و الضغط من مجلس الأمن الدولي و الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية الدولية و الضغوط الشعبية التي إزدادت في الدول الداعمة للعدو الصهيوني و التي بدأت تؤرق الساسة بتصاعدها و حجمها و تزيد من تدني مستوى شعبية بعض من هؤلاء الساسة و تهدد مستقبلهم السياسي في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة.
المقاومة هي الخيار الأمثل لتصحيح مسار الإخفاقات و العثرات و الهزائم و حتى الاختلافات و الخلافات بين الكتلة الواحدة التي تمثل سواد الأمة الأعظم، و لتصحيح معاهدات و إتفاقيات لم تكن في صالح الخيار الاستراتيجي للأمة العربية والإسلامية و لكل دولة من دول العالم العربي والإسلامي، التي أبرمت مع النظام الكونوليالي سابقا و التي أعطت حقا لمن لا يستحق و هضمت حقوق شعوب بأكملها، ضمن مقاربات سياسية فرضت على الشعوب الضعيفة و تبنتها نخب مدجنة و إنتهازية.
المقاومة هي طريق الاستئناف الحضاري للأمم و هنا أعني بالذات الأمة العربية والإسلامية، التي لا بد لها من هذا المسار لتعود لخيريتها و ريادتها للعالم من جديد.
هذه الخيرية التي صنعت حضارة لا مثيل لها من حيث الجمع بين مختلف الأعراق و الأديان والثقافات و اللغات إنسجمت في كنفها و عاشت في ظل عدلها لقرون عديدة.
صفعة القرن أو نازلة السابع من أكتوبر ،هي بداية النهاية لهذا الكيان المغتصب و الطريق نحو التحرير و التحرر الحقيقيين، تحرير الأرض المغتصبة و الأرض المنهوبة من الإمبريالية و الصهيونية و تحرر الإنسان فكريا و عقديا.
و قد إستطاعت المقاومة أن تسقط صفقة القرن المزعومة و تسقط كذلك كل تطبيع مع هذا الكيان الصهيوني المجرم.
صفعة القرن هزت أركان دولة الاحتلال الصهيوني و ضربت كبريائه في مقتل و زعزعت ثقة اليهود في مشروعهم القومي و أرض الميعاد، و طرحت أسئلة جوهرية حول حقيقة هذا المشروع، كما بدأ التفكير الجدي حول الهجرة المعاكسة و العودة إلى الدول الحاضنة أو دول المنشأ.
إهتزت نفسية المجتمع اليهودي إلى حد عدم الإيمان بأرض الميعاد و مشروعهم الدموي.
بأدوات بسيطة و جهد عال و سنوات طويلة من الصبر و من الرباط و الحزم و العزيمة و دراسة نفسية العدو الصهيوني، أستطاعت المقاومة أن تقصم ظهر العدو الصهيوني و ان تضعه في حجمه الحقيقي و أن يبدو كسراب لا مكان له في المنطقة العربية.