آراءثقافة

إحك يا شكيب.. حكاية سينما أوبرا سلا تابريكت

كنا صغارا و كانت السينما تستهوينا بما للكلمة من معنى، كان التلفاز هو ملاذنا و لم يكن يشف غليلنا لأن وقته كان محدودا في الزمان و لا وجود لقناة ثانية سوى قناة واحدة بلون أبيض و اسود، و حتى الفترة الزمنية كانت محدودة تبتدئ من السادسة مساء إلى حدود منتصف الليل أي الساعة الثانية عشرة.

بمعنى أن ولوج قاعة السينما كان هو حلم كل واحد من جيلي، مع قلة ذات اليد، فكنا نجتهد لجمع دريهمات لنحظى بفرصة حجز تذكرة ، بها نتمكن من مشاهدة فيلمين، و غالبا يكون فيلم هندي و آخر صيني، كانت ساعات البث في عرضين : الأول يبتدئ من الساعة الثالثة مساء إلى غاية الساعة السادسة مساء ، و العرض الثاني لنفس الفيلمين يبتدئ من الساعة السادسة إلى غاية الساعة الثانية عشرة ليلا.

و هذا العرض لم يكن مسموحا لنا به لصغر سننا و للمخاطر التي يمكن أن تعترضنا ليلا منها تعرضنا لملاحقة اللصوص لسلب ما معنا من دريهمات أو لباس، و في كثير من الأحيان التعرض للضرب المصحوب بجروح على مستوى الوجه، أو نتعرض للاعتقال من طرف رجال الشرطة ” لاراف ” سيارة الأمن التي كنا نطلق عليها هذا الاسم أو اسم ” الواشمة” فكنا نختار العرض الاول تفاديا لما لا يحمد عقباه.

و حتى هذا الاختيار كان مرفوقا بمخاطر منها، أنك إن أردت الحصول على تذكرة فلابد لك من الذهاب مبكرا أي بساعتين قبل البث، لتنخرط في طابور طويل يحرسه شباب معروفين بشراستهم و عدوانيتهم يحملون عصيا أو ” سمطة ” مصنوعة من الجلد، أو ” كروا ” تستعمل في ميكانيزم الدراجات النارية، يضربوننا بها ان خرجت أرجلنا عن الصف.

و رغم كل ذلك كنا نتحمل ذلك العذاب لسبب بسيط هو مشاهدة العرض الأول فيلم أول و بعده نخرج لفترة قصيرة تسمى ” لونطراك” لشراء وجبة خفيفة تسمى” معقودة” ربع خبزة و بطاطس مدعوقة و طماطم عبارة عن خلطة تمزج مع البطاطس، و نعود بعدها لمشاهدة الفيلم الثاني، و كم كانت فرحتنا كبيرة عندما كنا نحظى بهذا الشرف، ضرب ورفس من طرف بلطجية يشغلهم صاحب قاعة السينما و عندما نأتي متأخرين فلابد لك من زيادة سنتيمات تمنحها للسيدة تحمل بيدها جهازا يسمى “پيل ” أو انك ستتعرض للسب من طرف المشاهدين الذين يكونون مندمجين في مشاهدة الفيلم.

نعم كنا سعداء بتلك اللحظات رغم ما كان يصاحبها من ألم و عند المساء نخرج للحي لنفتخر بإنجازنا و هو مشاهدة فيلمين بسينما حينا تسمى سينما أوبرا و نبدأ في عرض الوقائع و أبناء الحي ملتفون حولنا و نحن نعيش لحظات الخيلاء و الاعتزاز لأننا كنا محظوظين بما شاهدنا.

هنا تكون حكايتي قد انتهت و في انتظار حكاية أخرى أترككم في أمان الله.

https://anbaaexpress.ma/mnzzu

شكيب مصبير

كاتب وفنان تشكيلي مغربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى