بقلم: عبد السلام شركوك
مما لاشك فيه أن المؤتمرات والمؤتمرون الذاهبون إلى مركب مولاي رشيد ببلدة بوزنيقة يوم 09 فبراير المقبل من أجل المشاركة في فعاليات المؤتمر الخامس لحزب الأصالة والمعاصرة، يعلمون أن الحزب يعيش اليوم، لحظة تاريخية فارقة حبلى بالتحديات، أهمها، تحديات المساهمة الفاعلة في نطاق الأدوار الدستورية والقانونية للأحزاب في ظل فقدان الثقة، إلا أن السؤال الذي فرض نفسه مؤخرا على ضوء الرسالة الملكية الموجهة للمشاركين في الندوة الوطنية للذكرى الستين لقيام أول برلمان بالمملكة، فضلا عن النقاش العمومي المتعلق بالنخب الحزبية والسياسية الأخير، بأي نخب سيمارس الحزب وظائفه؟
وإذ اعتبرنا مما جاء في الرسالة الملكية من دعوة للبرلمان لتخليق الحياة البرلمانية من خلال إقرار مدونة للأخلاقيات في المؤسسة التشريعية بمجلسيها عنوان تفاعل استباقي تام لجلالة الملك مع الانتظارات المشروعة لأوسع فئات مجتمعنا، فإن جزءا كبيرا من مظاهر الإساءة للبرلمان يقع على عاتق الأحزاب، عبر تبوأ نخب حامت من حولها الشبهات قبل فتح ملفاتها لدى القضاء، مراكز القيادة التنظيمية في هرولة من هؤلاء من أجل تحصين تزكيتهم الانتخابية المختلفة، وهما منهم أن المؤسسات الدستورية تحصن الفرد من المتابعة في حالة مخالفة القانون.
ذات سياق غداة استقلال البلاد، نسب إلى أحد المقاومين ما مفاده: “لهذا لم يعد يصلح لنا رجال السياسة من الطينة القديمة”.. فعلى جانب هذه القولة وطرفها، سجل متوالية من ملاحظات تخص أنماط من النخب الحزبية فاسدة خانعة منبطحة خرجت من المؤتمرات الوطنية للأحزاب، نحو الجلوس في المكاتب السياسية عنوة، ضدا في كل الأعراف والأخلاق التنظيمية، مهمشين بنات وأبناء الأحزاب الذين ترعرعوا تحت مظلة الحزب في بنياته الترابية والوطنية.
لا ينكر إلا متحامل المحاولات الحثيثة التي قام بها بعض من قيادة حزب الأصالة والمعاصرة في الأربع سنوات الماضية بعد المؤتمر الرابع، من أجل “فرض” بنات وأبناء الحزب في المواقع التنظيمية البعيدين عن الشبهات، والدفاع عنهم أمام “وحوش الإنتخابات” الذين ما فتئوا يأتون على الأخضر واليابس، وإنصافهم أمام “لوبيات” المصالح التي تؤثر بشكل جلي في صناعة القرار التنظيمي لاسيما ذاك المتعلق بما يسمى تدليسا في الحديث “بالريع”.
هناك قيادات ذات ضمائر حية كانت تقاوم منطق اكراهات الواقع، وهم بالمناسبة قلة محسوبين على رؤوس الأصابع، حتى أن أحدهم من المشهود له بالنضال داخل الحزب منذ التأسيس، قال بشكل صادق غبطة منه بعد ان كانت تصد أبواب الحزب امامه وتفتح على مصراعيها امام المشبوهين، في حق أحد القادة من أعضاء المكتب السياسي وهو بالمناسبة وزيرا في الحكومة انتصر له في محطة تنظيمية، بعد أن رفع عليه فيتو من “غول” ترابي: “وجب أن نصع تمثالا للرجل أمام أحد مقرات الحزب، تكريما لمجهوداته الأحادية والمعزولة في الدفاع عن شباب الحزب وانصافهم”.
إن هذا الظرف الدقيق من تاريخ الحزب، يستلزم من المؤتمر الخامس، صوت المؤتمرات والمؤتمرين من ربوع البلاد، صوت المناضلات والمناضلات من حملة المشروع الذي تأسس عليه الحزب، تحصين هذا الكيان من تلك المفاهيم الهادمة والمحطمة للطاقات الحزبية، التي تنهل من خطاب الواقع والواجهة ولغة الخشب، يستلزم كذلك توطيد ما بني في هذا الحزب من طرف رعيل التأسيس من قيم وطنية أصيلة تتقاطع وقيم الحداثة والتقدمية الرامية لصالح الإصلاحات التدريجية الاجتماعية والسياسية والاقتصادية.
ومن أجل ذلك وجب على المؤتمر الخامس الخروج بقيادة غيورة على هذا الحزب، قيادة من المنتوج الخالص من شوائب الترحال العابر للأحزاب.
تعليق واحد