بدأ العد التنازلي لمليشيا البوليساريو، فقد أصبحت تعيش هذه الأخيرة مراحلها النهائية، كما تتوالى عليها الصفعات من جميع الأطراف، بسبب الوعي الدولي المتزايد بحقيقة هذه المنظمة (الإرهابية) ذات الأبعاد الإجرامية، والمدعومة من طرف النظام العسكري الجزائري، وخير دليل تقرير الأمم المتحدة الأخير الذي أشار إلى إنتهاكاتها لحقوق الإنسان وتعنتها الفارط.
بالإضافة إلى الانتصارات الدبلوماسية للمملكة المغربية، حيث تم إعادة التأكيد على الوحدة الترابية، للاقاليم الجنوبية، من طرف عدة دول وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، وألمانيا وبلجيكا وإسبانيا، بالإضافة إلى مجموعة من الدول الإفريقية، وكذلك دول منطقة الشرق الأوسط..، ودعم مخطط الحكم الذاتي، الذي يأتي كحل واقعي للنزاع المفتعل، في ظل غياب أي مشروع تفاوضي، جاد من قبل الأطراف الأخرى.
وهذا يعتبر مؤشر قوي على موت الأطروحة الإنفصالية الإرهابية، التي أصبحت تتخبط مثل الديك المذبوح، وتقوم بعدة محاولة إرهابية استفزازية من أجل الهروب إلى الأمام، حيث قامت مساء يوم الجمعة الماضي، بعملية إرهابية، بالأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية، وبالضبط في الجماعة القروية “أوسرد”، التابعة لجهة الداخلة وادي الذهب.
وأفادت مصادر صحراوية، بأن هذه المحاولة الإرهابية كانت فاشلة، حيث تم سقوط القذائف في منطقة صحراوية غير آهلة بالسكان لم ينتج عنها أي خسائر في الأرواح.
وللإشارة، سبق هذه المحاولة الفاشلة، عملية إرهابية من طرف مليشيا البوليساريو، استهدفت مدنيين صحراويين مغاربة في أكتوبر الماضي، بمدينة السمارة.
هذه العمليات الإرهابية الاستفزازية، الهدف منها تعطيل مسلسل السلام، والتنمية المستدامة، والعيش الكريم التي يطالب بها أغلبية الصحراويين المغاربة، في مخيمات تندوف، والذين لا يتعدى عددهم 2000 حسب اللوائح الإسبانية المعتمدة، أما باقي المحتجزين في تندوف مخيمات العار والذل، من أصول افريقية، وعددهم يقارب 86 ألف، واغلبهم من “الجزائر -مالي-تشاد-جنوب السودان-موريتانيا-النيجر-طوارق..” حسب اللوائح التي تملكها السلطات الإسبانية.
قرارات إسبانية رادعة تجاه البوليساريو
جدير بالذكر، جدد وزير الشؤون الخارجية والإتحاد الأوروبي والتعاون للمملكة الإسبانية، السيد خوسيه مانويل ألباريس، الخميس الماضي بالرباط، موقف بلاده فيما يتعلق بمسألة الصحراء المغربية.
حيث قال “إن موقف إسبانيا من قضية الصحراء لم يتغير، وهو ما تم التعبير عنه بالفعل في الإعلان المشترك المعتمد في 7 أبريل 2022، والإعلان الذي وافق على انعقاد الدورة 12 للاجتماع الرفيع المستوى المغرب-إسبانيا في فبراير 2023”.
وهذا الإعتراف الإسباني راجع، إلى أهمية قضية الصحراء بالنسبة للمغرب، وكذا بالجهود الجادة والموثوقة التي تبذلها المملكة المغربية في إطار الأمم المتحدة من أجل إيجاد حل مقبول للطرفين.
وفي هذا الإطار، قررت المملكة الإسبانية، تغيير الاستراتيجية تجاه البوليساريو، وتبني سياسة الردع وعدم التسامح مع المرتزقة.
قررت السلطات الإسبانية عدم تجديد الإقامة في إسبانيا لأنصار الميليشيات المسلحة، تلقت مليشيا البوليساريو صفعة قوية، من طرف السلطات الإسبانية، بعدما تم إنجاز لائحة سوداء، تضم عدد من عناصر البوليساريو، ممنوعين من الإقامة في إسبانيا.
وعلى سبيل المثال، تلقت الانفصالية المرتزقة “أميناتو حيدر”، التي جندت حياتها للتطبيل للجبهة الانفصالية، ولقيادة عصابة البوليساريو الإرهابية، قرارا رسميا قبل أسبوعين، يفيد بأن ملفها المتعلق بتجديد الإقامة فوق الأراضي الإسبانية، قوبل بالرفض.
وللإشارة، الإنفصالية أميناتو حيدر، سبق أن استفادت لمدة 16 سنة من الإقامة في إسبانيا، واعترفت مؤخرا، بخيبتها في الحصول على الإقامة مجددا، حيث أفادت بأنها أصبحت محظورة من السفر إلى إسبانيا، وأن السماح بدخول أراضيها مرهون بحصولها على تأشيرة سفر محدودة.
موقف السلطات الإسبانية الصارم، تجاه المرتزقة وتجار ملف المحتجزين في مخيمات تندوف، له عدة أبعاد جد مهمة رغم أنه جاء متأخرا.
وأدانت عدة منظمات المجتمع المدني في إسبانيا وفي عدة دول أوروبية، بالوضع المزري و انتهاكات حقوق الإنسان داخل مخيمات تندوف، واحتجاز الأطفال والنساء من قبل السلطات الجزائرية وعصابة البوليساريو، ساهم في تنوير الرأي العام الدولي، وخصوصا الإسباني.
بالإضافة إلى التنديد الأممي، بتدهور وضعية حقوق الإنسان في مخيمات تندوف في تقريره الأخير لمجلس الأمن حول الصحراء المغربية، كما أشار للمرة الأولى إلى تجنيد الأطفال في مخيمات الذل والعار.
هذا كله دفع بالسلطات الإسبانية، من إتخاذ قرارات تخدم المصالح العليا المشتركة للبلدين، (المغرب وإسبانيا)، واحترام حقوق الإنسان، وعلى رأسها طرد المرتزقة وتجار الإنسانية، الذين يتجارون بالمساعدات الإنسانية المقدمة للمحتجزين في تندوف.
كما شدد ممثل مدريد متحدثا بإسم الإتحاد الأوروبي، باعتبار إسبانيا رئيسة له في الفترة الحالية، على “ضرورة تسجيل عدد المحتجزين في مخيمات تندوف، مع تقديم مساهمات جديدة وإضافية لهم”.
ويعتبر هذا التحول الإسباني الأوروبي، بمثابة، وعي المنتظم الدولي وفي مقدمته مدريد، بالعراقيل التي تقيمها مليشيا البوليساريو من خلال منع إحصاء سكان المخيمات المحتجزين في الأراضي الجزائرية، كما يعبر الموقف الإسباني، تجاه قضية الصحراء المغربية، بالعقلاني والمتزن، والذي يدفع في اتجاه توطيد علاقات الشراكة الاستراتيجية بين الرباط ومدريد.