توفي يوم الجمعة الماضي، وزير الدفاع الجزائري الأسبق وعضو المجلس الرئاسي في التسعينيات خالد نزار، واحد أهم صناع القرارات بالجزائر، ويعتبر من أقوى الشخصيات في النظام العسكري الجزائري.
وتُوفي نزار عن عمر يناهز 86 عاماً بعد صراع طويل مع المرض، وحسب مصادر جزائرية، توفي بعد أن كان قد نُقل إلى المستشفى العسكري في العاصمة الجزائرية قبل قرابة أسبوعين.
خالد نزار، مهندس النظام العسكري الجزائري، وصاحب أهم القرارات، كان وراء الإنقلاب على نتائج الإنتخابات التشريعية التي جرت في ديسمبر 1991، وأصبح من بعدها الرجل القوي في النظام الجزائري، خصوصا خلال الفترة بين 1990-1994 أي خلال العشرية السوداء وتحسب له مقولته الشهيرة خلال هذه الحقبة حين قال لو اقتضى الأمر التضحية باربعة ملايين جزائري لإنقاذ الجزائر فلن أتوانى لحظة.
موت خالد نزار، أحدث زلزال قوي، وسط المجلس العسكري الجزائري، الذي يعاني حالة الفوضى منذ مرض الرئيس الراحل بوتفليقة وخلال عهدة عبد المجيد تبون عبر اعتقال والإجهاز على عدد مهول من أطر الجيش.
ماذا وقع بعد وفاة خالد نزار؟
الجميع أصبح، يعرف حقيقة النظام العسكري الجزائري، وخصوصا الرأي العام الدولي، النظام الجزائري، فقد الوعي، ويتخبط في الفساد، الذي تشرف عليه المؤسسة العسكرية.
بالإضافة إلى ذلك، يرجح أغلب الخبراء السياسيين، بأن الجزائر تحاول إخفاء فشلها، والتغطية على أزمات داخلية كثيرة، عجز النظام العسكري عن إيجاد حلول لها بالرغم من الإرتفاع الكبير في عائدات النفط والغاز.
لكن وفاة نزار، أربكت الأوراق في المجلس العسكري، حسب معطيات توصلت بها أنباء إكسبريس، من مصادر جزائرية، تنبأ بحملة تصفيات بالمؤسسة العسكرية، قريبا وإعتقالات في صفوف الضباط.
وتؤكد مصادر موثوقة، حول احتمال اعتقال “لطفي نزار” الذي يهدد بدوره بكشف أسرار خطير حول هرمية الجيش والأمن التي كان والده أخبره بها قيد حياته.
بالإضافة، إلى خلافات خطيرة بين ورثة خالد نزار، وخاصة، المدعوة لمياء (مدمنة على الكحول) وأختها سومية (مدمنة على تناول المخدرات)، ضد الأخ الأكبر الذي زور توكيل، للاستيلاء على ممتلكات الأسرة، وبيع الأراضي مؤخرا في الجزائر بعد دخول الجنرال نزار إلى العناية المركزة بالمستشفى العسكري في العاصمة الجزائرية.
هذه كلها، معطيات ساهمت في إرباك أوراق النظام العسكري، الذي يعيش انقسامات في صفوف القيادات العسكرية، حيث أن وفاة نزار ستعزز حظوظ عبد المجيد تبون لعهدة ثانية خصوصا وأنه كان بمعية الجنرال توفيق مدين ومجموعة من الضباط بما فيهم رئيس المخابرات الخارجية “مهنا جبار” يشتغلون لإقصاء تبون ومجموعته من الحكم لفرض مرشحهم.
للتذكير فإن الجنرال خالد نزار، والجنرال توفيق كانا يدعمان رمطان لعمامرة للرئاسة ولكن مخططهم فشل بعد تنحية هذا الأخير من منصب وزير الخارجية من طرف لوبي تبون.
ووفقا لنفس المصادر، شنقريحة الذي يعاني مؤخرا من متاعب صحية كبيرة، اضطرّ رغم أنفه دعم عبد المجيد تبون، خوفا من أن يؤدي فاتورة هذه الصراعات الحالية.
وبالتالي وقع اختياره على تبون مما قد يهمشه داخل قطاع مهم داخل مؤسسة الجيش التي يعارض ولاية ثانية لتبون.
وللإشارة، سبق أن نشرت أنباء إكسبريس معلومات، تفيد بأن عبد المجيد تبون، خلق لوبي جديد، داخل الجهاز الأمني، من أجل دعمه، والإطاحة بالفريق أول السعيد شنقريحة.
هذا الانقسام هو سبب هذه التصرفات العشوائية التي يقوم بها جزء من المخابرات الجزائرية، الذي يصطاد في الماء العكر، والتي لا تخدم مصلحة الجزائر، كما ساهمت في استمرار الأزمة الخارجية الجزائرية مع عدة دول إقليمية ودولية منها مالي والنيجر وتشاد ناهيك عن الإمارات العربية والمشير خليفة حفتر بليبيا.
وجدير بالذكر، كان من المفترض أن يعلن تبون عن نيته التقدم لعهدة ثانية خلال خطابه أمام مجلس الشعب يوم 25 ديسمبر 2023 إلا أن الصراعات القائمة مع الجيش جعلته يتراجع والاقتصار على خطاب ذكر فيه ما ادعاه بانها إنجازات الدولة خلال عهدته.
وهذا الصراع الجديد، بعد وفاة خالد نزار، سيأزم الوضع الداخلي بالجزائر وسيضعف حتما عبد المجيد تبون الذي سيضطر خلال الأشهر المقبلة المناورة لكسب مساندة الجيش الجزائري حتى ولو إقتضى الأمر الضرب بيد من حديد بأيدي القيادات العسكرية المناوئة لترشيحه لعهدة ثانية.