و أنت جالس في مكان قصي تنظر إلى سماء بغيوم و غروب شمس بألوان زاهية، أمام بحر أمواجه من شدة تلاطمها إستوت متعبة كأنها زربية أخذت مكانها في غرفة ضيوف تؤثث المكان، في تلك اللحظات جرى حوار بين متحاورين: إنسان و بحر: كيف حالك يا صديقي البحر؟
الحمد لله يا صديقي الإنسان، حدثني عن عالمك المخفي أما الظاهر فأنا أتمتع به كلما سنحت لي الظروف كما أراقبه عندما تضطرني الظروف أيضا، جميل يا صديقي الإنسان ما أخبرتني به و بدوري أكون سعيدا بأحاديثكم معشر البشر، و تؤنسني محادثاتكم و فضفضتكم.
في عالمي الداخلي هناك حياة أخرى متناغمة بين موجوداتها متكاملة كل له دور و عيشهم يجري وفق مشيئة ربانية، و لا يفوتني أن أخبرك يا صديقي الإنسان لماذا أنتم معشر البشر مشاكلكم كثيرة و صبركم ضعيف و عدوانيتكم فيما بينكم بأسها شديد.
و خاصة لما أجدكم أمامي في لحظات جميلة فيكون صراخكم يفسد جمالية المكان و يعكر صفو الزمان و يجعل حضوركم حالة نشز يفسد للمكان وقاره و سنفونيته.
يا معشر البشر الحياة جميلة تمشي وفق ناموس لم يتغير منذ الأزل ليل و نهار متعاقبين لا ظلم و لا عدوان أمطار و غيمات و ثلوج و برد و شمس و حرارة، لكل حظه في هذا الناموس، و الوجود لا ظلم و لا تضارب، جميل تذكيرك لي يا صديقي البحر بكل هذا لذا أرجو نصيحة منك بها نغير سلوكنا أيها البحر العظيم.
ادإعلم يا صديقي الإنسان كلنا خلق وفق نظام رباني مسطر قوامه الإحترام الواجب بين المخلوقات و أساسه عدم الظلم و نشر فضائل كثيرة منها المحبة و التعاون و التضامن و التآزر، و كل هذا يؤدي إلى العدل و المساواة و يحفظ لكم الحرية التي لا جور فيها على حرية الاخر عندما يعرف كل واحد منكم ما له و ما عليه.
فإذا حققتم كل هذا فيتعرفون للأمكنة قيمتها و جماليتها و نكون نحن البحار و الجبال و الهضاب و السهول وغيرهم معم في تناغم يعيد لنا جميعا أدوارنا التي سطر الخالق سبحانه لنا.
فيا صديقي فقد حان وقت إستقبال ضيوف الليل فإلى لقاء قريب و ليكن ليلا حتى تحضر معك عدتك و يكون لنا حوار آخر بعد أن تكون فكرت فيما أخبرتك به، شكرا لك صديقي البحر و إلى الملتقى في القريب العاجل لأني إستمتعت بنصائحك و بما جعلني أفكر فيما غاب عني من حكم و من ناموس رباني لهذه الحياة التي تجمعنا.
فقلت مع نفسي عندما تغيب حقيقة الأشياء تقع الأخطاء و يقع الاضطراب.
