كما أشرنا في مقالنا السابق “الحرب الكاشفة.. أسقطت الأقنعة والإحتلال يعيش الاستنزاف“، فإن حرب طوفان الأقصى، كسرت فعلآ المعتاد، وهذا أصبح واضحا جدا، للرأي العام الدولي، ومازال الإحتلال لم يحقق شيئا، على الأرض رغم تهديداته وقصفه المستمر الذي يستهدف المدنيين العزل.
حيث، أجبرت المقاومة الفلسطينية جيش الإحتلال الإسرائيلي من التراجع في عدة محاور رئيسية من قطاع غزة، وكشفت عجزه.
وقد أكدنا، كذلك، بأن إسرائيل، دخلت رسميا مرحلة العد التنازلي، وتعيش بشكل فعلي حرب الاستنزاف المدمرة داخليا ودوليا.
لهذا قررت إسرائيل، الخروج، من هذه الأزمة، وإعادة ترتيب الأوراق، والموافقة على شروط المقاومة الفلسطينية، وإبرام إتفاق هدنة بين إسرائيل وحماس، لمدة أربعة أيام، وتبادل الأسرى، وسط تساؤلات، عما إذا كانت ستشهد تجددا لإطلاق النار في غزة، بعد انتهاء أيام الهدنة.
وبشأن، هذه الهدنة الاستثنائية، التي تم التسويق إليها، بشكل واسع، وتم التواصل لها بوساطة قطرية ومصرية، وحقيقة الأمر هو انتصار، وضغط غير مسبوق للمقاومة الفلسطينية، وإجبار الإحتلال على الموافقة على شروطها، وفتح المعابر لتتدفق المساعدات والوقود لتشغيل المستشفيات.
بعد انتهاء الهدنة.. ماذا سيحدث ؟
هناك عدة سيناريوهات، بعد انتهاء الهدنة، على سبيل المثال بنيامين نتنياهو يتمسك بمواصلة القتال بعد انتهاء الهدنة، والقضاء على حماس، كما يرجح عدد من المراقبين للشأن الفلسطيني كذلك، تجدد القتال، ويقولون أيضا إن الأمر محكوم بالعديد من العوامل، من أبرزها الضغوط التي تتعرض لها حكومة إسرائيل داخليا ودوليا.
وهناك من قال إن الأولوية التي تركز عليها جهود المجتمع الدولي، هي تقليص مساحة الصراع وتجنب حرب إقليمية كبرى، وهذا ما لا تريده الولايات المتحدة الأمريكية.
وفي حالة عودة القتال، والحرب بعد انتهاء أيام الهدنة، بين الطرفين، هناك عدة سيناريوهات متوقعة في هذه الحالة:
أولا، من المرجح أن يعود القتال، بشكل جزئي، ليس مثل السابق، مع إستمرار الحصار شبه الكامل الذي فرضته إسرائيل في 8 أكتوبر على قطاع غزة.
أما الاحتمال الثاني، وهو ضرب عدد من الأهداف المدنية، وتدميرها واستهداف المدنيين، من أجل الإصرار على تهجير سكان غزة، وقد قامت إسرائيل بتحذير سكان غزة، وحذر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي افيخاي أدرعي، في اليوم الثاني من الهدنة سكان قطاع غزة بعدم التحرك إلى شمال قطاع غزة. وقال “أوجه رسالة مهمة لسكان غزة، محظور دخول المنطقة، محظور الاقتراب لمسافة كيلومتر من الحدود، من أجل سلامتكم اتبعوا هذه التعليمات”.
أما السيناريو الثالث وهو مهم، وتشتغل عليه عدة دول يتضمن نشر قوة دولية لضمان نزع السلاح الشامل، ووضع قطاع غزة تحت إدارة دولية مؤقتة، وهذا في إعتقادي إحتمال صعب في هذه الفترة الراهنة، لأن المقاومة الفلسطينية ترفض هذا، خصوصا بعد عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر الماضي.
أما السيناريو، القوي هو هدن “متتالية، ومتقطعة“، بسبب ضغط الشارع الإسرائيلي لاستلام بقية المحتجزين، بالإضافة واشنطن، تؤكد على استمرار الهدنة لمنع توسع الحرب إقليميا.
وحسب عدة معطيات رسمية تفيد بأن، ضغط الولايات المتحدة الأمريكية على إسرائيل بشكل مستمر، من أجل المزيد من التهدئة الجزئية والمتقطعة.
وهناك عامل رئيسي ومهم كذلك، تأثير الوزراء في اليمين المتطرف الإسرائيلي على قرارات الحكومة والجيش بشكل مباشر في الأيام المقبلة.
وجدير بالذكر، أكد وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، يوم الجمعة، أن الهدنة الحالية مع حركة حماس في قطاع غزة ما هي إلا “توقف قصير ومؤقت” ستستأنف إسرائيل بعده العمليات بكامل قوتها العسكرية.
وقال رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي، يوم أمس السبت، إن قواتهم ستستأنف الهجوم على قطاع غزة فور انتهاء الهدنة الإنسانية المؤقتة مع حركة “حماس”.
ماهي مطالب المقاومة الفلسطينية ؟
إسرائيل الآن تعيش أزمة مالية واقتصادية بسبب الحرب، وتعيش حرب استنزاف في مراحل متقدمة، وسترضخ للضغوط الدولية والاقتصادية، وستعمل على المفاوضات من أجل إيجاد حلول.
أما في حالة إذا استمرت إسرائيل بالحرب، والعمل بكل الطرق والوسائل على الإستمرار في حربها الوحشية ضد غزة وسكانها المدنيين، من أجل تحقيق إنتصار نسبي، وإلحاق الهزيمة بالمقاومة الفلسطينية، وتصفية رموزها، حتى لو بشكلٍ رمزيّ، تكون هناك فرصة سانحة لتوسع الحرب على مستوى المنطقة، وبهذا إسرائيل تنتحر.
مطالب المقاومة، إستطاعت المقاومة الفلسطينية، الصمود وخصوصا كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس، على التصدي لإسرائيل، وأجبرتها على أن تنخرط في مفاوضات، وابرام إتفاق هدنة وكسر شوكتها.
المقاومة تعمل بكل قوتها على الوصول إلى إبرام صفقة لتبييض سجون الاحتلال الإسرائيلي، كما يتوقع خبراء ومحللون أن تؤدي صفقة تبادل الأسرى، الأولى في 23 نوفمبر، إلى صفقات أخرى لتبادل الأسرى، لأن السقف النهائي للمقاومة الفلسطينية هو تبييض السجون الإسرائيلية من الأسرى الفلسطينيين.
وهذا أمر متوقع وستنجح فيه المقاومة الفلسطينية، لأن المجتمع الإسرائيلي سيطالب حكومته، بشكل قوي ويضغط بالإفراج عن بقية المحتجزين لدى المقاومة في قطاع غزة، وللإشارة تزداد الضغوط الداخلية في إسرائيل على حكومة بنيامين نتنياهو.
وتحتجز حركة حماس وفصائل فلسطينية أخرى أكثر من 240 رهينة في قطاع غزة منذ إنطلاق عملية طوفان الأقصى.
ومن هذا المنطلق المقاومة الفلسطينية، وكتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس، خصوصا انتصرت فعلا، على إسرائيل، وأظهرت قدرات قتالية غير متوقعة، وقد ألحق هجوم 7 أكتوبر “طوفان الأقصى” أضرارا بإسرائيل، كبيرة أكثر من أي من حروبها السابقة.
تعليق واحد