آراءسياسة

حركات المقاومة.. الإستثناء العسكري الذي يردع قوى الإستعمار

هل نحن مقبلون على استعادة هذا المشهد، اليوم في غزة المقاومة ؟

رغم ما تروجه البروباغندا الإعلامية، في المجال العسكري، عن هامشية العامل البشري في الحروب الحديثة و مركزية العامل التكنوبوجي، فإن الحروب التي قادتها الجماعات المقاومة، عبر العالم، أثبتت عكس ذلك، حيث إستطاع بضعة آلاف من المقاومين مسلحين بآليات بدائية بسيطة من إلحاق الهزيمة بجيوش جرارة مسلحة بأحدث الآليات التكنولوجية.

الأمثلة على ذلك لا تعد و لا تحصى، بدءا بحركات التحرير الوطني التي نجحت في طرد جيوش الاستعمار و أفشلت استراتيجيات دولية كبرى، و مرورا بحركات المقاومة اللاحقة التي واجهت الولايات المتحدة الأمريكية/القوة الاستعمارية الجديدة، في الفيتنام و أفغانستان و الصومال.

حيث تجرع الأمريكيون هزائم نكراء، و فقدوا الآلاف من الجنود، و أحرقوا ترليونات الدولار في تمويل الحرب دون جدوى، و في الأخير استسلموا و فروا هاربين بما تبقى من جنود و آليات.

و ما زالت ذاكرة العالم تستعيد صور الهروب الجماعي الأخير للجنود الأمريكيين من أفغانستان، و هذا المشهد هو نفسه الذي حدث من قبل في الفيتنام.

هل نحن مقبلون على استعادة هذا المشهد اليوم في غزة المقاومة ؟

من خلال مقارنة بسيطة، يمكن التأكيد على وحدة المشهد، من جهة أولى، الاستعمار هو نفسه، الاستراتيجيا الحربية الاستعمارية هي نفسها، الآليات العسكرية هي نفسها.

من جهة ثانية، المقاومة هي نفسها، إستراتيجيا حرب العصابات هي نفسها، و الخطط الدفاعية لإفشال العتاد العسكري هي نفسها.

وحدة المشهد هذه تؤكد على على وحدة الصراع، أي وحدة الاستراتيجا و وحدة الخطط، و هذا يؤكد، بمنطق عسكري صرف، أن مصير المشروع الاستعماري الصهيوني لن يكون أفضل من مصير المشروع الاستعماري الغربي، الكلاسيكي الأوربي و الجديد الأمريكي.

هذا الاستنتاج يتجاوز البناء المنطقي، رغم أهميته، لأنه مدعوم بالمنجزات على أرض المعركة، فالكيان الصهيوني منذ فرضه كولاية أمريكية 51 و تعيين حكام الولاية على المستوى الفيدرالي الأمريكي !!!

لم يحقق أي استقرار بل قضى كل هذه المرحلة في صراع مستمر مع حركات المقاومة، و عبر استقراء عابر يمكن إدراك تنامي و تطور المنهج المقاوم الذي بدأ عبر جماعات دعوية بسيطة و إرتقى، فيما بعد، إلى جماعات مسلحة، ليتحول أخيرا إلى حركات مقاومة تمتلك إستراتيجيا و خططا عسكرية قادرة على تحقيق الردع العسكري.

و لعل الأحداث الأخيرة، في علاقة بطوفان الأقصى، لتؤكد أن حركات المقاومة قد وصلت مرحلة النضج العسكري، و هي ليست أقل شأنا، اليوم، من مثيلاتها في الفيتنام و أفغانستان، و النتائج على أرض المعركة تؤكد ذلك.

فعدد القتلى و الجرحى و الأسرى من جنود الاحتلال الصهيوني غير مسبوق، و التهديد العسكري وصل إلى العمق الصهيوني في تل أبيب حيث لا تتوقف صفارات الإنذار ليلا و نهارا، و أفواج النازحين من الصهاينة في تزايد..

و من لا يرى كل هذه المشاهد فقد أعمته الإيديولوجيا الصهيونية، و يجب عليه أن يخضع لحصص التأهيل الابستملوجي ليستعيد عافيته و يرى العالم بعين موضوعية.

https://anbaaexpress.ma/jynfc

إدريس جنداري

باحث أكاديمي و كاتب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى