كشفت شبكة BBC البريطانية، أن إسرائيل وضعت وضعت خطة سرية قبل 52 عاماً لترحيل الآلاف من فلسطينيي غزة إلى شمال سيناء المصرية.
وتقول الشبكة في تقرير إن قطاع غزة أصبح مصدر إزعاج لإسرائيل بعد احتلاله إلى جانب الضفة الغربية والقدس الشرقية ومرتفعات الجولان السورية، بحسب وثائق اطلعت عليها.
وباتت مخيمات اللاجئين المكتظة آنذاك، بؤر مقاومة للاحتلال، فمنها انطلقت العمليات ضد القوات المحتلة والمتعاونين معها، بحسب ذات المصدر.
وحسب تقديرات البريطانيين، فإنه عندما احتلت إسرائيل غزة، كان في القطاع 200 ألف لاجىء، من مناطق فلسطين الأخرى، ترعاهم وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” و150 ألفا آخرين هم سكان القطاع الأصليين الفلسطينيين.
وقالت تقاريرهم إن غزة لم تكن “قابلة للحياة اقتصادياً بسبب مشكلات أمنية واجتماعية خلقتها حياة المخيمات وأنشطة الفدائيين التي تسببت في أعداد متزايدة من الضحايا”.
وذكرت التقارير بحسب الشبكة البريطانية أنه خلال الفترة بين عامي 1968 و1971، قُتل 240 فدائيا عربيا (فلسطينيا) وأصيب 878 آخرون، بينما قتل 43 وأصيب 336 جنديا من قوات الاحتلال الإسرائيلية في غزة، وهو ما دفع الجامعة العربية إلى الإصرار على على وقف الأنشطة الإسرائيلية ضد اللاجئين الفلسطينيين في غزة، من خلال”تبني إجراءات عربية مشتركة لدعم المقاومة في القطاع”.
في تلك الأثناء، تقول “BBC ” إن السفارة البريطانية في تل أبيب رصدت تحركات إسرائيلية لتهجير آلاف الفلسطينيين إلى العريش التي تقع شمالي شبه جزيرة سيناء المصرية، وتبعد قرابة 54 كليومتراً عن حدود غزة مع مصر.
وحسب تقارير السفارة، فإن الخطة شملت “النقل القسري” للفلسطينيين إلى مصر أو أراض إسرائيلية أخرى، في محاولة لتخفيف حدة العمليات الفدائية ضد الاحتلال والمشكلات الأمنية التي تواجه سلطة الاحتلال في القطاع.
وأسرت الحكومة الإسرائيلية للبريطانيين في عام 1971، بوجود خطة سرية لترحيل الفلسطينيين من غزة إلى مناطق أخرى على رأسها العريش المصرية.
وأبلغ وزير النقل والاتصالات الإسرائيلي آنذاك شمعون بيريز (زعيم حزب العمل ووزير الدفاع والخارجية ورئيس الحكومة ورئيس الدولة في إسرائيل لاحقاً) المستشار السياسي للسفارة البريطانية في تل أبيب بأنه “حان الوقت لإسرائيل كي تفعل أكثر في قطاع غزة وأقل في الضفة الغربية”.
وقالت السفارة إن بيريز، كان مسؤولاً عن التعامل مع الأراضي المحتلة وأكد “أنه رغم أن الحكومة الإسرائيلية لن تعلن رسمياً السياسة الجديدة، ولن تنشر توصيات اللجنة الوزارية التي تراجع الموقف، فإن هناك الآن اتفاقاً في مجلس الوزراء على متابعة تدابير بعيدة المدى للتعامل بشكل أكثر فعالية مع مشكلات غزة”.
وأقر بيريز بأن الخطة تهدف “لإعادة توطين حوالى ثلث سكان المخيمات في أماكن أخرى في القطاع أو خارجه”. وأكد اعتقاد إسرائيل بأن “هناك حاجة ربما إلى خفض إجمالي عدد السكان بحوالى 100 ألف شخص”.
وأبلغ الوزير الدبلوماسي البريطاني بأن “معظم المتأثرين، هم في الواقع، راضون بأن يجدوا لأنفسهم سكناً بديلاً أفضل مع تعويض عندما تزال أكواخهم، أو يقبلون شققا عالية الجودة بناها المصريون في العريش، حيث يمكن أن يكون لديهم إقامة شبه دائمة”.
وحسب تقرير لملحق السلاح الجوي البريطاني عن اللقاء، سئل العميد غازيت عن سبب اختيار شمال سيناء قال “السكن في العريش قد اختير لأنها المكان الوحيد الذي تتوفر فيه منازل خالية وفي حالة جيدة بعد إصلاحها”. وأضاف “لن يكون هناك بناء جديد في العريش، فالمنازل المتاحة كانت تخص ضباطا مصريين في السابق”.
بدا هذا الوضع مغايرا، من وجهة نظر البريطانيين، لثلاثة مبادىء كان قد أعلنها الجنرال موشيه ديان وزير الدفاع الإسرائيلي تضمن السيطرة على الأراضي المحتلة بعد حرب 67. وهذه المبادىء هي: حد أدنى من الوجود العسكري، وحد أدنى من التدخل في الحياة المدنية الطبيعية، وأقصى اتصال أو جسور مفتوحة مع إسرائيل وبقية العالم العربي.
وفي تقرير عن وضع غزة، قالت إدارة الشرق الأدنى في الخارجية البريطانية “السؤال الأكثر إثارة للاهتمام بالنسبة للمستقبل هو ما إذا كانت إسرائيل مستعدة الآن، في حالة غزة، لتعديل في المبادىء الثلاثة”.
وحسب رأي السفير البريطاني في إسرائيل فإن “مخيمات اللاجئين توفر ظروفا مثالية لنشاط الفدائيين، الأمر الذي جعل من الصعب تطبيق سياسية الجسور المفتوحة”، التي عبر عن اعتقاده بأنها نجحت في الأراضي المحتلة الأخرى”.
ونبه السفير بارنز، في تقرير شامل إلى وزير الخارجية، إلى أن معلوماته تقول الأونروا “تتوقع لجوء إسرائيل إلى حل الترحيل”. وقال إن الوكالة “تتفهم المشكلة الأمنية الإسرائيلية”، لكنها “لا يمكن أن توافق على النقل القسري للاجئين من منازلهم، ولا إجلائهم حتى على أساس مؤقت إلى العريش في مصر”.
غير أن السفير عبر عن اعتقاده بأن “توطين اللاجئين الغزاويين في الأراضي المصرية في العريش هو نموذج لعدم الحساسية (الإسرائيلية) تجاه الرأي العام الدولي”.
وفي تقييمه للخطة السرية الإسرائيلية، حذرت إدارة الشرق الأدنى من أنه “مهما تكن المبررات الإسرائيلية لهذه السياسة بعيدة المدى، لا نستطيع إلا أن نشعر بأن الإسرائيليين يقللون من قيمة حجم الغضب الذي تثيره هذه العقيدة (الإسرائيلية) القائمة على خلق حقائق على الأرض، في العالم العربي والأمم المتحدة”.”حلول أخرى” لمشكلة غزة.
تعليق واحد