مايقع هذه الأيام بين المقاومة الفلسطينية ودولة الكيان الإسرائيلي من معارك طاحنة بين الطرفين، والمفاجأت الصادمة التي ضربت دولة الاحتلال الاسرائيلي تحت ضربات نيران المقاومة الفلسطينية، والعمليات النوعية التي أبهرت العدو قبل الصديق (بغض النظر عن السياقات والتوقيت والحسابات الجيوسياسية الدولية والاقليمية).
أظهرت هذا الكيان بموقع هش جدا، لأنه أساسا تم زرعه في فلسطين من قبل القوى الاستعمارية الغربية، وبالتالي فإن هذا الكيان لن ينعم بالسلام مادام منشأه أساسا قام على إبادة وتهجير وقتل شعب كامل، بمنطق أيديولوجي كولونيالي رافضا لكل مبادرات السلام التي قدمت له.
فجميع مبادرات السلام والاتفاقيات الدولية كاتفاقيات أسلو، فشلت فشلا ذريعا بسبب مواصلة إسرائيل مشروعها الإستعماري دون أي حسيب أو رقيب، ولم يحترمها الطرف الإسرائيلي، لتنزيل مضامين هذه الاتفاقيات، وكذلك الانتهاكات الصارخة التي يقوم بها المستوطنين لحرمة المسجد الأقصى وتحت حماية وأنظار الجهاز الأمني والعسكري لدولة الاحتلال الإسرائيلي وانتشار رقعة الاستيطان الخ على مدار 6 عقود.. مما خلق قناعة راسخة لدى الشعب الفلسطيني بأن المقاومة هي الحل والسببل الوحيد لمواجهة هذه الاستفزازات الإسرائيلية التي أضحت شبه يومية، وحولت حياة الفلسطينيين الى جحيم لايطاق.
هنا أستحضر كتاب الفيلسوف الفرنسي الراحل روجيه غارودي “الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية” كتاب يفضح خبث هذا الكيان وهو من أكثر الكتب التي أثارت جدلاً في القرن العشرين، حيث تم منع هذا الكتاب بشكل علني وفاضح في فرنسا ومن قبل الصهيونية العالمية، لأنه تجرأ على إحدى المحرمات التي رسّختها الصهيونية العالمية دون أن تسمح لأحد بمناقشتها أو فتح ملفاتها، ولا يتعلق موضوع الكتاب بالمحرقة (الهولوكوست) فقط.
كتاب الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية
بل تعداه إلى دحض الأكاذيب الإسرائيلية التي سبقت قيام دولة إسرائيل بمئات السنين، مثل مقولة الأرض الموعودة وشعب بلا أرض لأرض بلا شعب، وغيرها من المقولات التوراتية والتلمودية التي تثبت الأبحاث يوما بعد يوم أنها “خرافات” لا أصل لها إلا في رؤوس كتابها.
فالصهيونية وكما هو معروف هي حركة سياسية ظهرت أواخر القرن التاسع عشر الميلادي داخل التجمعات اليهودية في وسط وشرق أوروبا، وقامت على فكرة إيجاد كيانٍ سياسي تنهي حالة التيه التي يعيشها اليهود منذ إخضاعهم من قبل المملكة الآشورية، وفق المعتقدات التلمودية، وتسمح بعودة الشعب اليهودي إلى الوطن أو الأرض الموعودة فلسطين.
فغارودي لم يؤلف كتاباً بالمعنى التقليدي، إنما حرص على أن يجعل من الوقائع التاريخية نسيجا للحقائق، ويصنع مساحة من القماش قابلة للنظر وقابلة للفحص وقابلة لاختبار التماسك والمتانة.
فالمقاومة الفلسطينية لم تنطفأ شرارتها وان خفتت أحيانا فالوقائع التاريخية والمادية تثبت أن إنشاء الكيان الاسرائيلي على أرض عربية ماهي إلا بداية النهاية للصهيونية التي إختطفت اليهودية، فاليهودية جماعة دينية عمرها قرون ليست مرادفة للصهيونية التي هي أيديولوجية قومية حديثة ليست يهودية حصرا.
ومن يريد الاطلاع على هذا المفهوم الملتبس على العديد من الناس فيمكنكم مراجعة موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية للمفكر المصري الراحل عبد الوهاب المسيري.
تنبيه هام: كمواطن مغربي أحترم قرارنا السيادي الوطني في العلاقات الدولية، الذي يقوم على البراغماتية والمصالح و نحترم أكثر التزام المغاربة، دولة و شعبا، بالقضية الفلسطينية فلا داعي ان يزايد علينا أحد من أصحاب الشعارات الفارغة والجوفاء، والذين يرزحون تحت نظام شمولي عسكري، ويعيشون خارج الواقع وعلى هامش التاريخ، وهؤلاء لم يقدمو أي شيء للقضية الفلسطينية سوى الكلام، وجعجعة بلا طحن.
وبلاغ الديوان الملكي بتاريخ 13/ 03/ 2023 كان واضحا في هذا الشأن “(… ) موقف المغرب من القضية الفلسطينية لا رجعة فيه، وهي تعد من أولويات السياسة الخارجية لجلالة الملك، أمير المؤمنين و رئيس لجنة القدس، الذي وضعها في مرتبة قضية الوحدة الترابية للمملكة. و هو موقف مبدئي ثابت للمغرب، لا يخضع للمزايدات السياسوية أو للحملات الانتخابية الضيقة..
6 تعليقات