آراءسياسة

توتر العلاقات الفرنسية المغربية.. سردية فرنسية بأقلام مغربية

قراءة في خرجتي أبو بكر الجامعي و علي المرابط

الصحافيان أبو بكر الجامعي وعلي المرابط ينطبق عليهما المثل المغربي “بغا يكحلها عماها”.

كلاهما حاول تفسير الأزمة المغربية – الفرنسية، لكن بمنطق مُحاب للفرنسيين الذين يدفعون الثمن من تحت الطاولة، ومتآمر على المغرب الذي هو الوطن و الانتماء يا حسرتاه! على كل حال، هذا هو منطق صحافة العمالة للأجنبي في كل ريوع العالم و ليس هؤلاء سوى امتداد له.

خرج أبو بكر الجامعي في مقال صحفي على صفحات جريدة: le Monde diplomatique (N 835 oct 2023) ساعيا، حسب زعمه، إلى الكشف عن خبايا توتر العلاقات الفرنسية المغربية.

و هذا، كما نعلم، يتجاوز المقاربة الصحفية لأن يضرب عميقا في أعماق العلاقات الدولية، و يحتاج إلى أكاديميين و خبراء قادرين على تحليل المعلومة في تشابكاتها.

لكن الصحافي أبو بكر الجامعي يتحدى المنطق الأكاديمي ويضرب منطق الخبرة، و يزعم أنه قادر على الكشف ليس عن ظاهر التوتر بل عن خبايا التوتر، و أنى له ذلك !.

بالإضافة إلى هذا الجانب التقني المهم جدا، لابد أن نمارس نوعا من الشغب السوسيو-ثقافي للكشف عن الخلفية الثاوية خلف تحليل الجامعي، خصوصا و أنه يقدم نفسه كصحافي معارض لـ (النظام) مما يسقطه في خوارم المروءة الصحفية ويشكك في مقاربته التحقيق (ية).

هذا الخلل، على مستوى الشكل والمضمون، يظهر جليا على مستوى أسلوب التحقيق الصحفي وعلى مستوى توظيف الوقائع، و خاصة على مستوى الذهاب عميقا في بحر التأويل الذي يتطابق مع السردية الفرنسية شبرا بشبر و ذراعا بذراع.

إيراد الجامعي لملف الصحراء كعامل أساسي في النزاع القائم هذا تحصيل حاصل ليس إلا، الهدف منه إسدال الستار على نوايا التحقيق / التحليل، وهذا ما يظهر جليا حينما يحفر الجامعي عميقا لاستخراج وقائق معجونة ومطبوخة على طريقة الكعك الفرنسي !.

سواء واقعة استدعاء عبد اللطيف الحموشي للمثول أمام القضاء الفرنسي بتهمة التعذيب، أو اتهام السلطات الفرنسية للمغرب بالتجسس على الرئيس ماكرون بإعتماد برنامج التجسس بيغاسوس، وهنا يغرق الجامعي عميقا ليؤكد، بشكل متسرع، على تبعية الإستخبارات المغربية للمخابرات الإسرائيلية (الموساد) بشكل يستقوي به المغرب على صانع القرار الفرنسي!!!

و هكذا يغرق تحقيق الجامعي في التفاصيل، و على طريقة تأويل الميديا الفرنسية التي يقودها رموز التزييف اليميني بتعبير باسكال بونيفاس في كتابه les intellectuels faussaires الذي كشف من خلاله عن مظاهر التزييف التي يمارسها رموز الميديا في فرنسا، و طبعا من ينسج على منوالهم من ذوي البشرة السوداء و الأقنعة البيضاء.

كتاب les intellectuels faussaires

بشكل متزامن، خرج الصحافي علي المرابط بفيديو على طريقة روتيني اليومي ! زاعما أنه ملم بخبايا الصراع الفرنسي المغربي، و على نهج صحافة معارضة (النظام) يتجاوز المرابط كل الوقائع و يقفز بعيدا بادعاء (السبق الصحفي) !.

ليؤكد بجرة قلم عابر أن مكمن الخلاف هو تخطيط فرنسا لتتويج هشام العلوي ملكا للمغرب مكان الملك محمد السادس!!! وهنا يطفح كيل صحافة التزييف لتفرز دما و قيحا بدل اللبن السائغ !.

هؤلاء يحتقرون ذكاء المغاربة، حينما يروجون للخزعبلات و التفاهات باسم صحافة معارضة مفترى عليها، فهم يعتاشون على الأخبار التي يروجها المخبرون في أقبية النوادي الليلية المظلمة ليخرجوا على المغاربة صباحا وينشروها كأخبار حقيقية صحيحة !.

لكنهم لا يدركون أن المغاربة في مستوى النضج الفكري و السياسي الذي يؤهلهم للفرز بين الحابل والنابل، و لا يدركون كذلك، بسبب اغترابهم عن مجتمعهم ووطنهم، أن الملك والشعب أصبحا جسدا واحدا معافى من أعراض (المراهقة اليساروية)، و لم يعد مقبولا في قاموسهم السياسي منطق (الله ينصر من أصبح) !.

فمنطق الدستور واضح والمؤسسات تقوم بمهامها، و إذا فشل ليوطي في تتويج بن عرفة سلطانا على المغاربة في عز سيطرته و نفي السلطان الشرعي الملك المجاهد محمد الخامس، فكيف يمكن لمراهق سياسي مثل ماكرون، مرفوض في الداخل الفرنسي و منبوذ في المحيط الأوربي و الدولي، أن ينفذ هذه المهمة الاستخباراتية القذرة ؟!.

خلاصة القول، من أراد ممارسة المعارضة السياسية فليؤسس حزبا أو حركة أو.. و يخرج على الناس بوجه مكشوف ليقنعهم بأطروحته، أما أن يتم توظيف الصحافة كحصان طروادة لدك حصون الوطن و خدمة أجندة الأعداء، فهذا ما يجب الكشف عنه و فضحه على الملأ.

المغاربة الأحرار، من عهد الحركة الوطنية مرورا بالمعارضة السياسية، كانوا يختلفون مع الدولة و يرفضون الكثير من قراراتها. و قد سارت الصحافة الملتزمة على نفس الخط تمارس معارضة وطنية بناءة، لكن لم نبتل يوما بسياسيين و صحافيين يجنون في سلة خصوم الوطن.

https://anbaaexpress.ma/xiflb

إدريس جنداري

باحث أكاديمي و كاتب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى