في محاضرة للدكتور عبد الله الطيب – رحمه الله – على قناة التلفزيون القومي السوداني عن أصول أهل السودان في نهاية القرن العشرين، طرح معالي الدكتور عُدَّة أسئلة للنقاش والبحث عن تاريخ وأصول أهل السودان، لكنه لم يتكلم مباشرة عنهم طيلة الحلقة على امتداد ثلاثين دقيقة موجودة باليوتيوب وتركَّز سؤاله المحوري حول اللغة العربية في وسط السودان كيف جاءت للوسط دون أن تتغير أصول لهجات تلك الأطراف ؟ علماً بأنَّ كل أطراف السودان لغتها الأصل هي اللغة المحلية أو الرطانة، قال بالحرف الواحد: هذا السؤال إجابته ليست عندي، وأترك البحث لآخرين.
يرجح الدكتور عبد الله الطيب من غير تأكيد تكوين نواة أصول بلاد السودان للهجرات العكسية من الدول المحيطة به وبالأخص بلاد الجزيرة العربية ربما لتكتمل في مخيلته جذور اللغة العربية لوسط السودان وانتقالها من الأطراف للداخل بسبب تلك الهجرات من طريق التجارة والمصاهرة والاقامة إلى غيرها من الأسباب وقال بأنَّ جزيرة العرب هي نقطة اتصال بين أفريقيا وآسيا وأوروبا وممالك الفرس والروم والمصريين والهند هي الأخرى ملتقى الشعوب إلى آخر ما قاله.
يمكننا طرح تساؤلاته التي هي نواة هذا البحث عن الموضوع في شكل النقاط التالية:
1 / قِدَم الساقية في بلاد السودان القديمة وهي أقدم من الناعورة التي يعرفها المصريون، وقد سمعها إسماعيل باشا أول مجيئه السودان الشمالي وذكر هذا الأمر مستر إنجلز سنة 1922 في رحلته نحو سنَّار وكانوا يستقدمون الخيل الجيدة من بلاد أفريقيا القديمة وهي بلاد السودان، أي بلاد دنقلا في حربهم ضد الهكسوس.
2 / كيف جاءت اللغة العربية أواسط السودان علماً بأنَّ أطرافه من قبائل البجا والنوبة والزغاوة والدينكا والشُلُك والنوير والباريا، وكل تلك القبائل لا تتحدث اللغة العربية ولا من أصل لغتهم، بل يتحدثون لغتهم المحلية وهي اللهجة الخاصة بهم كالرطانة مثلاً ؟.
3 / يجب البحث عن مخطوطات ووثائق وخلافه للتعريف بالهوية الوطنية ومن ثَمَّ فإنَّ اللغة هي أحد أهم معطيات خارطة الطريق نحو تحديد الهُوُيَّة السودانية العروبية والأفريقية.
4 / هل للهجرات العكسية لبلاد السودان أي أثر في تكوين نواة أصول وتاريخ وجذور أهل السودان أم لا كهجرات ربيعة العربية في القرن الثامن أو التاسع الإخراجي ؟.
5 / ابن بطوطة في القرن التاسع الإخراجي الموافق للقرن الرابع عشر الميلادي ذكر في كتابه (تحفة النُظَّار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار) المطبعة الأميرية بالقاهرة سنة 1933، قال: (رأى الكواهلة في شرق البحر الأحمر) ثم توجهوا من بعد لغرب السودان ، ما دلالة ذلك على أصول أهل السودان ؟.
6 / علاقة التكارير وهم سُكَّان بلاد النيجر نسبة لنهر فيها بقبائل غرب السودان في تكوين أصول الجزء الغربي من البلاد، قال:
تكرناك يا عشوق للغالي طال الشوق
وهذا البيت يعجبني جداً، وتعريب “تكرناك” أي السير على الأقدام.
7 / ربط الطرابيل ورأيتها في سنٍ مبكرة سنة 1931 وعددها حوالي مائة وستين هرماً وحتى حدود شندي وكرمة بشمال السودان – وهي أهرامات البجرواية – حوالي تسعمائة هرم مختلفة الأحجام.
8 / ضرورة البحث عن الآثار والكتابات القديمة كالنقوش والنحوت والهيروغلوفية أو الخط المروي البجراوي القديم وكذلك التواصل الحضاري بين مملكة مروي وعلوه مع الفونج والفور ثم نظم الإدارة والحكم والقانون، وأيضاً النظرة العرقية وصراع الطبقات، من الأهمية بمكان.
9 / حضارة بلاد النوبة في شمال السودان، يحب البحث فيها بصورة مكثَّفة.
10 / مراجعة ما كتب في هذا الباب أمثال الأستاذ الدكتور محمد عوض محمد والأستاذ الدكتور يوسف فضل حسن والأستاذ نعوم شقير وغيرهم.
موضوع الفكرة
بناء على ما سبق، فسيكون موضوع البحث عن تلكم النقاط وزيادة هي إجابة مباشرة عليها بجهد المقل والبحث ما استطعت إليه سبيلاً لأُسْهِم في تكوين فكرة عامَّة لأصول وتاريخ وجذور أهل السودان.
فيما بحثت عنه وفيه وسيكون عمدة هذا البحث بعد قراءة عُدَّة مراجع ومصادر ومحاضرات وكتب ذات صِلة وثيقة تتعلق بالموضوع وتلخيص لتلك القراءات من المراجع المذكورة ستذكر آخره هو كتاب الأستاذ الدكتور محمد عوض محمد الأستاذ بجامعة فؤاد الأول ومدير معهد الدراسات السودانية “السودان الشمالي سُكَّانه وقبائله” طبعة لجنة التأليف والنشر بالقاهرة سنة 1951 م أول ذي الحجة سنة 1370 خ ثم كتاب “مملكة مروي” للأستاذ الدكتور مبارك الشريفي وغيرهم من المراجع والمصادر وبالله التوفيق.
2 تعليقات