فوجئ الرأي العام المغربي نهاية الأسبوع المنصرم بواقعة مؤطر جمعوي يستغل أطفال مخيم جنسيا هذه الواقعة التي جعلت الشارع المغربي يعيش حالة من الغضب مطالبا معها بتطبيق القانون في حق الجاني كما بالموازاة طالبت فعاليات مدنية و حقوقية و منظمات تعنى بقضايا الطفولة بتنزيل أشد العقوبات عبرة لكل المتربصين بهكذا ضحايا من الأطفال.
كما نحيل على الرأي العام الوطني كإطار حقوقي المنظمةالمغربية للحقوق والحريات،أنه بالرغم من الجهد التشريعي الذي بذله المغرب في هذا المجال، وانخراطه في العديد من التشريعات الدولية ذات الصلة بحماية الطفولة والموافقة عليها وعلى رأسها البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية حقوق الطفل بشأن بيع الأطفال واستغلالهم في البغاء وفي المواد الإباحية و الموقع بنيويورك في 25 ماي 2000، إلا أن تفعيل هذه القوانين على أرض الواقع لم يعط النتائج المرجوة و لا زالت مخيبة للأمال.
و في ظل تنامي ظاهرة الإعتداءات الجنسية على الأطفال و تواتر مجموعة من الحوادث ذات العلاقة باستغلال القاصرين دون الثامنة عشرة و العاجزين و من هم في وضعية إعاقة ذهنية أو المعروفين بعدم الأهلية و التمييز وحتى من تتسم وضعيتهم بالضعف هاجس الأسر المغربية في حمايتهم و تجنيبهم أي سلوك عدواني أو جنسي، و بالرغم من الترسانة القانونية التي يواجه بها الجناة و التي في ظل أجرأتها ضد المتابعين ما أن تخف تداعيات اعتداء من هذا النوع، حتى يضج الرأي العام المغربي بأخبار حادث اعتداء جنسي جديد، يهتز له أي شعور إنساني من صنيع وحوش تجردت من أدميتها، مما يجعلنا نسجل في هذا الشأن ما يلي :
* دق ناقوس الخطر بسبب تنامي حالات الإعتداء الجنسي على الأطفال بالمغرب، خاصة مع ما عرفته مدينة الجديدة فيما بات ينعث بواقعة المؤطر الجمعوي و بمدينة آسفي كذلك باغتصاب قاصرتين و الإعتداء الجنسي الجماعي على شابة من مستعملي الطب النفسي بمنطقة الكرعان بإقليم آسفي.
* تأكيدنا على تشديد العقوبة على جرائم الإعتداء الجنسي على القاصرين و العاجزين و عدم التساهل تجاه المعتدين، وذلك بعد توالي حوادث الإغتصاب و التغرير المصاحب بحالات هتك العرض .
* مطالبتنا بإعادة النظر في طبيعة العقوبات السجنية من أجل التضييق على جرائم البيدوفيليا، في ظل الاحصاءات التي تتحدث عن العنف الجنسي بالمغرب و الذي تمثل نسبة %25.3 في حق الأطفال، و بلغت نسبة المسلط منه في حق القاصرات من البنات 61 %، بينما الأطفال الذكور 39 % .
* ضم صوتنا لمطالب الأحزاب السياسية والهيئات الحقوقية بالمغرب المطالبة بتشديد و رفع مدة العقوبات السجنية ضد جرائم الإعتداء الجنسي على القاصرين، و ذلك من أجل محاصرة مظاهر استغلال الأطفال جنسيا، و ردع المتربصين من المصابين باضطراب البيدوفيليا .
* تسجيلنا على أنه بالرغم من إلغاء المغرب للفصل القانوني الذي يسمح بتزويج المغتصب من ضحيته لرفع الملاحقة الجنائية إلا أن مقتضيات الفصل 55 من القانون الجنائي المغربي لا زال المتهمون في قضايا الإعتداءات الجنسية يتخدونها مجالا للإفلات من العقاب بتنازل ضحاياهم عن المتابعة في حالة إدلائهم بعقود الزواج من الضحايا أنفسهم.
* تنبيهنا من الأحكام السالبة للحرية في حق المعتدين و التي غالبا ما تعتبر متساهلة و حتى في بعض الإجراءات القانونية التي قد يستغلها الجناة للإفلات من العقاب ممن استفادوا من قرارات قضائية بالإفراج المشروط كحالة الكويتي الذي غادر التراب الوطني بعد ساعات من تمتيعه بالسراح المؤقت .
* تثميننا لانخراط المغرب في مجموعة من الأنشطة و التي تهم رعاية الطفولة ، انطلاقا مما تحقق على مستوى معدل الأطفال المسجلين في المدارس و تعميم تلقيحهم و تراجع الوفيات و بخاصة في صفوف المواليد ، علاوة على المجهودات الحثيثة في محاصرة منابع ظاهرة تشغيل الأطفال ، إلا أن تنامي ظاهرة الاستغلال الجنسي للأطفال القاصرين لا زالت تشي بالواقع المرير للطفولة المغربية .
وختاما فإنا كإطار حقوقي
المنظمة المغربية للحقوق و الحريات، نخلص إلى أن حماية الأطفال من أي اعتداء يحتاج إلى جهود مستدامة و منهجية على المستويات الأسرية و الاجتماعية و التعليمية كما ندعو إلى تعزيز المنظومة القانونية تجنبا لأي استغلال من طرف المعتدين بجنوحهم تجاه ما يعتدون به جانبا هشا في متابعتهم قضائيا وهو ما سنكفل به تحقيق بيئة آمنة للأطفال تمنع عنهم أي سلوكيات عدوانية و مشينة تمس كرامتهم و كرامة الأسرة والمجتمع.