آراءثقافةسياسة

انطباعات شخصية حول رواية “الموتشو”

الموتشو.. هو أنا وأنت و هذا العالم العربي الشاسع و الذي يضيق بشباب فقد كل أمل بأن يكون الغد أفضل..

“الموتشو” مصطلح في غاية الدلالة و هو إسم يطلق على الطفل الصغير المتميز من بين أقرانه، إما قدحا أو مدحا في شخصه.

و كما جاء في مداخلة الكاتب فهو يعني بذات المصطلح العالم العربي والإسلامي (المحجور عليه) سياسيا واقتصاديا من طرف نخب تغريبية أخطأت الموعد النهضوي للشعوب العربية و للمنطقة العربية بتياراتها المختلفة، يسارية، ليبرالية و حتى اسلاموية و قومية.

و هذا انطباعي الأولى قبل التطرق لتفاصيل و حيثيات و الاحالات التي دست في هذا العمل الإبداعي.

صياغة مجموعة من الظواهر الإجتماعية في هذا العمل الأدبي، تقربنا من الحالة المجتمعية السائدة في زمن الصراع السياسي الحاد بين السلطة و التيارات السياسية عموما، أو ما اصطلح على تسميته بسنوات الرصاص.

و يعطينا انطباعا أقرب للحقيقة، حول تلك الفترة، لكنه يترك للقارئ حق التأويل حسب موقع القارئ من ذلك الصراع.

و قد استطاع الكاتب أن يصور حدة ذلك الصراع بشكل دقيق إلى درجة الاستعداء الواضح بين السلطة و اليسار الراديكالي و بين اليسار عموما و التيار الإسلامي. و قد لعبت السلطة على الحبلين لتقليم أظافر كل من التيار الإسلامي و التيار اليساري، مما أعطى نفسا و فسحة للسلطة نفسها.

انقسام المعارضة سياسيا و فكريا لحد المفاصلة، بالرغم من تواجد نقط التقاء من حيث الهدف و هو الإصلاح بصفة عامة، ساهم في تأجيج الصراع بين الفرقاء السياسيين و أفسد وأخر كل عملية إصلاح منشودة، فكان التسويف مع  بناء عملية سياسية صورية استفاد منها الوصوليين  الذين أسسوا لمجتمع الريع و المحسوبية و الزبونية و الفساد بكل أشكاله و أنواعه.

واعتقد أن مصطلح، “سنوات الرصاص” يعطينا درجة الاحتقان السياسي و المجتمعي في البلاد. و عموما فالصورة شبه عامة و يمكن إسقاطها على كل دول العالم العربي، نفس ما يجري شرقا نجده في الغرب الإسلامي.

جغرافية سياسية ملتهبة، لكنها خاضعة وتحت تأثير مسكنات بجرعات دورية، و هنا يجب ان نقف على مسببات الضحالة الفكرية والسياسية للنخبة في الوطن العربي، ضحالة فكرية بسبب التغريب اولا و منهجية تفكير أغلب النخب، المناكفة و استعداء للآخر و التخوين، بدل الاشتغال بحل المعضلات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية و وضع لبنة الدولة الحديثة.

الموتشو عمل تشخيصي لحالة الجمود و الشلل التام الذي أصاب مفاصل المنطقة العربية و العقل العربي المرتهن للتبعية و الأدلجة و بريق السلطة والمال.

كما أنه عمل يطرح مشكلة الشرق الأوسط في بعدها الإنساني، بدل النظرة الضيقة التي تعتمد نظرية  الاستئصال من كلا الجانبين.

والرمزية في إستعمال الشخوص يدل على أخذ الكاتب مسافة بينه وبين تلك الشخصيات، لمحاكاة حقيقية لواقع هو نفسه يعيش تناقضاته و سجالاته الفكرية والسياسية.

وأرى أن الرواية استطاع من خلالها الكاتب طرح الأسئلة الصعبة التي تؤرق المثقف العربي بصفة عامة و التي  تعتبر المدخل لبعث الأمة العربية والإسلامية من جديد.

سؤال الهوية و العولمة و الحداثة و الدولة و الآخر فالموتشو هو أنا وأنت و هذا العالم العربي، الشاسع والذي يضيق بشباب فقد كل أمل بأن يكون الغد أفضل.

https://anbaaexpress.ma/0o6ex

أحمد الونزاني

كاتب وباحث مغربي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى