آراءسياسة

السودان والجيش الوطني

تمهيد

الحرب الدائرة الآن في السودان هي حرب عسكرية عسكرية بين قوات نظامية قومية عمرها ثمانية وتسعين سنة ( 1925 – 2023) وبين مليشيا عسكرية متمردة على الجيش السوداني والدستور والقانون عمرها عشر سنوات ( 2013 – 2023 ) ولا يجب وصفها بأي وصف حزبي أو عقائدي أو قبلي أو جهوي أو عنصري أو مناطقي بحال من الأحوال.

وصف العامل العسكري

خمسة شروط تعسفية وضعتها قوات الدعم السريع أمام طاولة القوات المسلحة السودانية إمَّا تنفيذها أو الحرب لا ثالث لهما؛ هي :

1/ إقامة قاعدة عسكرية جوية لها في الحدود الشمالية للسودان بين دولتي مصر وليبيا ( لسهولة التعامل والحركة مع الدول المستفيدة ولبعدها عن العواصم الثلاث للدول المعنية وباعتبارها نقطة استراتيجية في موقعها تستفيد منها بكل دون التدخل منهم في شأنها الخاص؛ باختصار شديد خلق دولة أو دويلة موازية للدولة السودانية وخميرة عكننة لدول الجوار الأفريقي ) .

2 / التوقيع على الاتفاق الاطاري؛ قاصم الظهر ( حكم السودان ضمنياً عبر واجهة قحت واشياعها ).

3 / تكوين لجنة مشتركة لادماج قوات الدعم السريع خلال عشر سنوات في القوات المسلحة السودانية على أن تتبع للقائد العام للقوات المسلحة السودانية لا هيئة الأركان ( يتضح البعد الإقليمي والدولي في هذه النقطة لعدم أهلية عقلية الدعم السريع في التخطيط والتنفيذ لتلك الاجندات داخلياً وخارجياً ).

4 / إعفاء قائمة من الضباط بالقوات المسلحة والشرطة وجهاز الأمن فيما يقدر بثمانمائة ضابط ( يتخذ الدعم السريع وقائده أتباع المؤتمر الوطني ذريعة بتنظيف تلك الأجهزة منهم ).

5 / إعفاء الفريق أول حامد عنان؛ وزير الداخلية من منصبه ( أعلن الفريق أول حامد عنان قبلها بفترة بسيطة قبل تفاقم الأوضاع بوجوب مراجعة السجلات المدنية والأرقام الوطنية الممنوحة لغير السودانيين بالتجنس وكل الأوراق الثبوتية وسحبها منهم لأن الدعم السريع يتكون من جنسيات غير سودانية مما يمثل الفريق أول حامد عنان بقراره ذلك عقبة مباشرة تقف سداً منيعاً لطموحات قائد قوات الدعم السريع بإبعاد وسحب الأوراق الثبوتية من قواته وبالتالي إضعافها وتجريدها من قوتها بصورة غير مباشرة ).

زيادة على ما سبق؛ هناك خمسة أخطاء استراتيجية ارتكبها الجيش السوداني أدت لاشتعال الحرب؛ لا أبالي بغيرها إن وجدت هي :

1 / شطب المادة الخامسة من قانون تأسيس قوات الدعم السريع والتي تقول بتبعية القوات للقوات المسلحة السودانية والتي بموجبها يكون قراري حلها ودمجها بجرة قلم لا غير .

2/ السماح بالتسليح غير المحدود لقوات الدعم السريع وبدون تحديد سقف محدد لحجم التسليح بكل مسمياته ومستوياته.

3 / عدم وقف التمويل ومصادر الدعم الفني واللوجستي الخارجي والداخلي المفتوح على مصراعيه أمام أعين استخبارات الجيش لصالح قوات الدعم السريع.

4/ التجنيد المخيف والسريع جداً ومن جنسيات إفريقية متعددة للعمل بها والقتال في صفوفها خلال أربع سنوات من عشرين ألف مقاتل لمائة وعشرين ألف مقاتل.

5 / ترفيع رتبة قائد قوات الدعم السريع لرتبة فريق أول وتنصيبه الرجل الثاني في الدولة وتحويل مهمته من عسكرية مساندة للجيش لسياسية له فرصة الاستحواذ على حكم البلاد بلا منازع ولا منافس.

بموجب ما سبق؛ تهيأ المناخ بكل أسباب التهيؤ لاشتعال الحرب وكانت انطلاقة الرصاصة الأولى في قلب القيادة العامة للجيش وفي وضح نهار السبت 15 أبريل 2023 وقديماً قيل : إذا لم تستح فاصنع ما شئت؛ وقيل في المثل السائر : على نفسها جنت براغش؛ وعلى الجيش أن يتحمل مسؤوليته كاملة أمام هذه الأخطاء.

وصف العامل السياسي

تهيأ الظرف السياسي الواهن بكلياته وفشله في كل المجالات الحياتية والذي أدى لفشل الاستقرار الأمني مزامنة مع تصاعد وتيرة الشد والجذب بين المكون العسكري العسكري؛ والعسكري المدني؛ والمدني المدني في جهة؛ وتعدد الاتفاقات والنكوص عنها كل مرة في هذه الفترة ( 2019- 2023 ) أربع سنوات ؛ من جهة ثانية وذلك على النحو التالي :

1 / عدم وجود برنامج وطني واضح يخدم قضايا الشعب السوداني خلال الفترة الانتقالية .

2/ اختلاف المكون المدني في ذاته وانقسامه على نفسه بين أحقية الحكم وذاتية الوجود قحت : ١ ‘ ٢’ ٣ خلال أربع سنوات .

3 / تضارب المصالح العليا الشخصية بين قوات الحركات المسلحة وسلبية دورها في حسن إدارة الأزمات وبحكم وجودها على سُدَّة السلطة ؛ وظهر هذا جلياً في فترة الحرب ( 15 / 4 / 2023 – 8 / 7 /2023) ولا أظن أن سيكون لها أي دور إيجابي مدى الحياة .

4 / الدعم اللوجستي الخارجي من بعض الدول لقوات الدعم السريع عسكرياً ولجماعة أحزاب الفكة السياسية ضد منظومتي القوات المسلحة السودانية النظامية ومنظومة العمل السياسي الدستوري المتفق عليها بموجب الدستور الإنتقالي لسنة 2005 والوثيقة الدستورية 2020 بغض النظر عن التعديلات اللاحقة لها.

5/ ضعف الخبرات القتالية والفنية والأخلاقية للدعم السريع في كيفية التعامل أثناء الحروب مع المكون المدني والعسكري والذي ظهر جليا في احتلاله لبيوت المواطنين واستخدامهم دروعاً بشرية وكذلك تمترسها خلف المؤسسات العلاجية وبقية مؤسسات الدولة المدنية واستغلالها قواعداً وثكنات عسكرية متعددة المهام لصالح مقاتليها.

6/ سذاجة وسطحية وضعف الخبرات السياسية من جماعة الاتفاق الاطاري الملعون النشطاء المتسيسين في التعامل مع قضايا جوهرية وطنية لا علاقة لها بالتحزب ولا الاجندات الخاصة في منعطف تاريخي حرج للغاية للدولة السودانية.

7 / الانسياق وراء الإعلام الهتافي الواهن داخلياً ( الميديا والقنوات المحلية الموالية) وخارجياً ( القنوات الفضائية العربية تحديداً ) وتغييب إرادة الشعب كله عن العملية السلمية الانتقالية لقحت بكل مسمياتها ومستوياتها ومن شايعها لفسح المجال لتنفيذ مخططات عميلة لها مصالحها في السودان.

8/ غياب أو فشل اللجان الثورية أو لجان المقاومة الشعبية في توعية الشعب ودورها المنوط بها في تحقيق أهداف ثورة ديسمبر المجيدة ٢٠١٨ وإيقاف نزيف الحرب الدائرة بين المكونات السياسية والعسكرية.

9 / عدم إدانة جماعة الاتفاق الاطاري الملعون أو النخبة السياسية الفاشلة ومركزية قوى الحرية والتغيير التي في سدة الحكم مستغلة الفراغ السياسي والدستوري لتمرد مليشيا الدعم السريع على الجيش الوطني السوداني ولم تعتبر أن الشأن شأن سوداني قومي وطني محض بل اعتبرته نزهه قتالية لا علاقة لها به ليتسع لها المجال فيما بعد لحكم السودان وهيهات هيهات.

10 / السند الشعبي والجماهيري؛ وإن جاء متأخراً ( ربما من هول الصدمة أول الأمر ) أثبت وجوده ودعمه غير المحدود للقوات المسلحة السودانية بل ودعمه أخلاقياً بالوقوف خلفه كالبنيان المرصوص؛ وفنياً بالانضمام للتعبئة العامة ضد التغول المليشي لصالح الوطن.

أسئلة مفروضة من المواطن للجيش

من جملة ما سبق ذكره؛ يتسائل المواطن المغلوب على أمره وأنا منهم ؛ واتوجه أصالة عن نفسي ووكالة عن من يهمه الأمر بتوجيه هذه التساؤلات للقوات المسلحة السودانية على النحو التالي :

1/ متى يعود الوضع لطبيعته في كل ولايات السودان وبالتحديد العاصمة القومية وغرب دارفور ؟.

2 / لماذا لم تحسم قيادة الجيش السوداني الحرب حتى الآن وهي في شهرها الثالث وهي قادرة على ذلك بلا شك من أول وهلة ؟.

3 / أين يختبئ قائد أول مليشيا الدعم السريع والقائد الثاني ولماذا لم يتم قتلهما أو اعتقالهما قبل نشوب الحرب أو القبض عليهما حتى الآن ؟.

4/ لماذا سمحت قيادة الجيش السوداني بتفاقم الأوضاع بالمماطلة والتسويف والتقليل من قوى الخصم حتى وصولها لدرجة الحرب ولم تبتها منذ أيامها الأولى بعد 2019 ؟.

5/ لماذا لم تفرض قيادة الجيش الوطني حالة الطوارئ وحظر التجول حتى هذه اللحظة؟.

6 / هل يمكننا أن نعتبر إن الجيش يخطط استراتيجياً لما بعد مرحلة انتهاء الحرب بالنسبة للاستقرار السياسي والأمني بإعلان حكومة تسيير مهام مدتها ستة أشهر فقط مهمتها الأساس قيام الانتخابات ؟.

7 / إعادة الإعمار وما دمرته الحرب في كل المناطق الحساسة والمتأثرة مباشرةً بها في السودان ؛ ما هي الخطوة العملية القادمة لذلك ؟.

8/ النزوح واللجوء لدول الجوار؛ ماهي خطة التعويضات للمتأثرين مادياً وعينياً؟.

9/ أين دور الحركات المسلحة وقياداتها في قضية الحرب بين الطرفين العسكريين وإعادة بناء الدولة السودانية الحديثة؛ لماذا لم تتدخل بموجب وضعيتها في اتفاق جوبا 2020 المشؤم لوقف نزيف الحرب بقواتها أو بقراراتها السياسية ؟.

10 / لماذا لم تقطع قيادة الجيش السوداني علاقتها مع الدول المتآمرة على السودان وتقوم باعتقال كل متعاون ومتعامل معها في إطار السيادة الوطنية وهيبة الدولة؟.

كلمة إدانة ضرورية للخونة

أدين أنا أصالة عن نفسي ووكالة عن الشعب الوطني الغيور على عرضه ودمه وماله كل أنواع الخيانة والارتزاق وبيع قضايا الوطن بثمن بخس دراهم معدودة وكانوا فيه من الزاهدين لقتل أبناء شعبهم وتشريدهم واغتصاب نساءهم وتيتم أطفالهم بلا ذنب جنوه ولا جريرة اقترفوها فهم لا يستحقون التنكيل والتقتيل من بني جلدتهم؛ بل يستحقون الكرامة والعزة والإباء والإنسانية بلا منتهى لكنه قدر الله فيهم.

كلمة شكر لا بد منها

أتقدم أنا أصالة عن نفسي ووكالة عن الصادقين من أبناء الوطن العملاق بالشكر الجزيل للدول التي فتحت أبوابها على مصراعيها بلا من ولا أذى في استقبال تدفق اللاجئين السودانيين إليها واكرمتهم بحسن الضيافة والاستقبال وأخص بالذكر دولة مصر الشقيقة ودولة تشاد وكذلك المنظمات الإنسانية والدول المحايدة والمملكة العربية السعودية التي تبنت المفاوضات بُغية الهدنة وتمرير المعونات الإنسانية للمتضررين والأصدقاء وكل الذين مدوا أيديهم بالوقوف والمساندة والدعم للشعب السوداني في محنته وأزمته ؛ فعند الشدائد والمحن تظهر معادن أخلاق الناس والشعوب والحكومات؛ فجزاهم الله خير الجزاء؛ ودعني اتمثل بقول الشاعر الحطيئة :

من يفعل الخير لا يعدم جوازيه * لا يذهب العرف بين الله والناس

كلمة أخيرة للشعب وللجيش

قال تعالى : { كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون } سورة البقرة؛ صدق الله العظيم.

عرَّفتنا الحرب من هو الصديق ومن هو العدو؛ وعلَّمتنا من هو الخائن لوطنه والعميل ومن هو الوفي الغيور المخلص لها واتمثل بقول الشاعر الفِنْدِ الزِمَّانِي :
صفحنا عن بني ذهل وقلنا القوم إخوان
عسى الأيام أن يرجعن قوماً كالذي كانوا
فلما صرَّح الشر فأمسى وهو عريان
ولم يبق سوي العدوان دناهم كما دانوا
مشينا مشية الليث غدا والليث غضبان
بضرب فيه توهين وتخضيع واذعان
وطعن كفم الزق غذا والزق ملان
وبعض الحلم عند الجهل للذلة اذعان
وفي الشر نجاة حين لا ينجيك إحسان

ادعم أنا كاتب هذه الأسطر الجيش السوداني بكل ما أملك من قوة ودعم في أي زمان ومكان باعتباري جندياً سابقاً في القوات المسلحة السودانية ومواطناً غيوراً يهمه بلده وشعبه؛ وأدين المليشيا المتمردة أيَّا كانت بكل ما أملك من قوة وإدانة وبالتحديد قوات الدعم السريع واجرمها قانونياً وأخلاقياً وإجتماعياً وعليها أن تتحمل تبعات ما جنته يداها وتلويثها بدم الأبرياء والعزل من بني جلدتها التي دخلت بينهم غازية وخرجت سارقة؛ ولا نامت أعين الجبناء والعملاء والخونة والمارقين والمرتزقة ودعاميص السفارات ومتسولي الفنادق وطلبة الديموقراطية من أساتذة الخيانة والدكتاتورية في إفريقية والخليج العربي وغداً سنلتقي في الخرطوم بإذن الله تعالى وتوفيقه والوطن نظيف من أذيال النشطاء وأعوان الشيطان ولا طرفت أجفان العملاء والله أكبر على كل من طغى وتجبر والعزة لله والوطن.

https://anbaaexpress.ma/knm6t

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى