بقلم: ذ/ الحسين بكار السباعي
أن يغادر الإنسان موطنه الأصلي بإرادته وإختياره، فهذا مايطلق عليه هجرة مهما كانت أسبابها ودوافعها، أو ما إذا كانت هجرة قانونية أو غير شرعية.
ولكن أن يجبر اللإنسان على مغادرة وطنه لعدم الإحساس بالأمن أو نتيحة الفوضى والإضطهاد فهو ما يطلق باللجوء، هذا الأخير الذي عرفته المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة لهيئة اللأمم المتحدة للاجئين، بأنه كل إجبار وإضطرار الى تغيير الموطن من دون إمكانية الرجوع إليه، للأسباب صراعات عرقية أو سياسية أو انقلابات متوالية أو نتيحة لغياب الديمقراطية و حقوق الإنسان، صراعات لم تكن للاجئ قدرة على مواجهتها سوى طلب اللجوء إما بشكل فردي أو جماعي.
إنها حالات متعددة تعرفها القارة الإفريقية ولو بشكل متفاوت من بلد إلى آخر، بتفاوت مسبباتها واختلاف دوافعها سواء بإسم الهجرة أو اللجوء.
حالات كثيرة تنفرد بها منطقة الغرب والساحل الإفريقي، إما بسبب نشاط شبكات الهجرة السرية وعصابات الإتجار بالبشر، والتي تدعمها جماعات إرهابية وعصابات مسلحة مدعومة من طرف دولة أو أكثر والتي ترعى مختلف أنواع الجريمة المنظمة وحتى الإتجار في المساعات الإنسانية من قبيل الأغدية والخيام والأغطية والأدوية الممنوحة من منظمات دولية إنسانية بسبب فساد أنظمة عسكرية لدول معروفة بدعمها للإنفصال والفوضى والانقلابات خدمة لأجندات دول هدفها السيطرة على ثروات العديد من دول افريقيا وممارسة وصايتها الاستعمارية عليها.
جماعات إرهابية وعصابات مسلحة أصبحت توجه سهامها نحو الدول المجاورة وهنا أشير للخطر الذي أضحى يهدد بلدان شمال إفريقيا، بل تعدتها إلى أوروبا عبر عصابات الهجرة غير الشرعية والإتجار بالبشر.
ساقتصر على هذه المقدمة عزيزي المتلقي لانتقل بكل إلى تندوف وعلى امتداد مجال صحراوي خلاء غير بعيد عن بلاد ساحلستان (الغرب والساحل الإفريقي)، لنربط واقع اللجوء ونحن في يومه العالمي متسائلين على جرائم عديدة ارتكبتها ولازالت ترتكبها عصابة بوليساريو المسلحة والمدعومة من نظام عسكر الجزائر.
تندوف وعلى أرض “دولة” عضو بهيئة الأمم المتحدة، والتي من واجبها إحترام القانون الدولي، وسيادة الدول، دولة لازال نظامها يمتنع عن السماح للمندوبية السامية للاجئين باحصاء ساكنة تلك المخيمات والتساءل عن أسباب بقائها لأكثر من 48 سنة، حتى اضحت جحيما وسجنا كبيرا الدخول والخروج منه يتطلب ترخيصا عسكريا.
مسؤولية المنتظم الدولي اليوم وهيئة الأمم المتحدة ومنظماتها المعنية بحماية حقوق الإنسان مطالبة بأمر الجزائر بأن تعطي تفسيرا على مايقع بمخيمات تندوف من قمع واختطاف وتنكيل وتصفية جسدية لكل من يعارض قيادة جبهة مهترأة تشرف عليها أجهزة إستخباراتية جزائرية، وان تضع لوائع واضحة عن ساكنة المخيمات وعن هويتهم وهل هم فعلا مواطنون من أصول الصحراء المغربية من واد الذهب والساقية الحمراء، أم من صحراويي مالي والنيحر والتشاد وحتى السودان، أم مختطفون من دول مجاورة جاءت بهم عصابات الإتجار في البشر في إطار ماضحى يسمى بتجارة الرقيق والأعضاء البشرية، أم هم فقط مواطنون صحراويون جزائريون اقحموا في لعبة قدرة خطط لها مهندسوا الحرب الباردة زمن بومدين صانع “بوليساريو “.
سأعود بكم ياسادة الى بعض من الرسالة التي بعت بها المدعو “أحمد أنبو” وهو أحد مؤسسي جبهة بوليساريو والتي جاء فيها: (أن الجزائر قامت بضخ المخيمات بأكثر من 2000 شخص جزائري يظهر عليهم أنهم تلقوا تدريبا عسكريا متقدما ويحملون اسلحة روسية الصنع وثم استقدامهم على متن شاحنا تابعة لوزارة الماء الجزائرية، ويضيف أن من ضمنهم المدعوا “بل العياشي” وهو أحد أفراد الشرطة السياسية مختص في ملف الطوارق، ويضيف السيد أنبو في رسالته وماذا لوكان كل من ادعي أنهم لاجئين في تندوف هم جزائريون ؟)، بعض من الرسالة التي وجهت بتاريخ فاتح مارس 1976 الى الأنين العام للأمم المتحدة حينها .
مخيمات تندوف والتي لا يمكن أن يتم عزلها عن ما يقع بالغرب والساحل الإفريقي اعتبارا للتورط الفعلي الذي ثبت يقينا من خلال التقارير الأمنية والاستخباراتية بتورط أو مقتل قياديي هذه الجبهة الإرهابية تحث غطاء الانفصال في العديد من العمليات الارهابية وارتكاب جرائم منظمة عابرة للحدود، وضع أمني تغديه الجزائر وتكدس من خلاله قيادتها وجنرالاتها ترواث تشهد بها ارصدة فرنسا وسويسرا.
وضع يهدد الإستقرار بالمنطقة المغاربية، تظهر مؤشراته الخطيرة وتزداد يوما بعد يوم، لا يجب أن نغفل ما وقع بتونس والتي تعرضت ثلات هجمات إرهابية كبيرة عام 2015 ، و ليبيا التي لم تستطع القضاء على تنظيم الدولة في أراضيها الا بعد قتال شرس والاغراق الغير المسبوق لأفواج تزايد يوما بعد يوم لمهاجرين ولاجئين عبر الحدود الشرقية للمغرب لغياب أي تعاون أمني بين المغرب والجزائر بسبب تعنت نظام الجزائر ومواقفه العدائية ضد المغرب.
إن اجتتات بؤر الإرهاب والقضاء على الجماعات الإرهابية والعصابات المسلحة المدعومة من دولة أو أكثر لا يكون باستهداف قادتها أو إعتقال أحد عناصرها بل لا بد من تعاون أممي ودولي وقبله اقليمي، وهنا نسائل كذلك الإتحاد الإفريقي وكيف لا زال يسمح بتواجد عصابة بوليساريو رغم فضائحها وجرائمها ضد الإنسانية بالبقاء داخل هذا الحضن الذي أسس من أجل التنمية ودعم الأمن والإستقرار بالقارة السمراء ؟.
كيف يمكن للأمم المتحدة وهيئاتها الحقوقية أن تتغاضى عن عدم إحترام القانون الدولي و إحترام حقوق الانسان وأن تتغافل عن الجرائم ضد الإنسانية التي ترتكب بتندوف ؟، وأن تستمر في تهديدها لأمن وإستقرار دول الجوار دون أن تفرض عقوباتها وأن تلزمها بتفكيك وطرد عصابة البوليساريو، وتقديم قادتها وعناصرها للمحاكمة الجنائية الدولية وأن تفكك المخيمات التي اضحت بمتابة أكبر سجن بالعالم وأن تسمح لمنظمة غوت اللاجئين باحصائهم وتحديد جنسياتهم وحمايتهم ؟؟؟.
*محام وباحث في الهجرة وحقوق الإنسان مترافع مدني عن قضية الصحراء المغربية.