آراءالشرق الأوسطسياسة

القضية اللبنانية.. بين إرادة شعب وسيطرة الطائفية والتدخلات الخارجية

إرتبط إسم لبنان بتاريخها المكتوب إلى “5000” سنة، بسكانها الكنعانين الساميين الذين عرفوا “بالفينقيين” تجار البحر بمدنهم “صيدا وصور” ووصلوهم لسواحل غرب المتوسط ولازالت آثارهم شاهد على ذلك..

عرفت لبنان بالفنون والثقافة والجمال والأصالة والتنوع الإجتماعي واستقرت فيه شعوب متنوعة منذ القدم وتميزت بالتنوع الديني والطائفي الذي شكل ثلاث ديانات: هي الإسلام والمسيحية واليهودية.

وعلى الرغم من صغر مساحتها إلا أنها تمتلك طبيعة خلابه، لقد أسهم اللبنانيون في تكوين مجتمعات في مختلف القارات حتى وقتنا الحاضر..

عرفت لبنان “بباريس الشرق” منذ عهد الإنتداب الفرنسي 1920 بأنها منارة للثقافة والفكر والسياسة، فقد إحتضنت المثقفين والأدباء والمعارضيين السياسين حتى بداية الحرب الأهلية في 1975.

الحرب الأهلية 

شهد لبنان تدخلات خارجية دولية وإقليمية جعلته ساحة لصراعاتها، وهي بداية لتوتر في الشرق الأوسط في ظل الصراع العربي الصهيوني، حيث إحتضن لبنان المقاومة الفلسطينية، وكان منطلق للعمليات ضد إسرائيل وشهد صراعات فلسطينية فلسطينية وانقسامات لبنانية حول، دعم القضية الفلسطينية ومزيادات وتصفية حسابات.

كل ذلك زاد من تعميق الخلافات اللبنانية طائفيا ودينيا مما مهد للتدخلات الفرنسية الإيرانية السورية الأمريكية الإسرائيلية، وتحالفات الأطراف اللبنانية مع هذه الدول..

وهذا ما أشعل الحرب الأهلية في 14 أبريل 1975، وشهدت إغتيال زعماء ورؤساء “بشير الجميل، رينيه معوض، رفيق الحريري”.

في هذا السياق أتذكر تصريح للرئيس اللبناني الأسبق “أمين الجميل”،  قال فيه “لقد تحول لبنان لساحة للتدخلات الدولية و الاقليمية”.

الإجتياح الإسرائيلي للبنان 1982

تعد حرب لبنان أحد أهم المحطات في الصراع مع إسرائيل التي وجدت فيها الذريعة لإنهاء الخطر الفلسطيني على حدودها، متعللة باغتيال سفيرها في لندن وزيادة لتعميق الخلافات بين اللبنانيين بحجة دعم حلفائها في ظل ما نعتقد بأنه مؤامرة على شعب لبنان بكل طوائفه.

حققت إسرائيل أهدافها في إخراج المقاومة الفلسطينية وإحتلت الجنوب اللبناني، ونتج عن ذلك أسوأ الجرائم الإنسانية في مخيم “صبرا وشاتيلا ” الذي راح ضحيتها الأطفال والنساء والشيوخ العزل وعددهم “3000” من الفلسطينيين.

كانت الحرب مدمّرة بشكل هائل، سواء من حيث الضحايا في الأرواح أو الخسائر في الممتلكات أو من حيث تمزيق نسيج لبنان السياسيّ، الممزّق أصلاً بفعل الحرب الأهليّة.

أسفرت الحرب عن احتلال إسرائيليّ أجزاء من جنوب لبنان استمر حتى سنة 2000، محقّقة نكسة كبرى لمنظّمة التحرير الفلسطينيّة وزعيمها ياسر عرفات، الذي اضطر إلى مغادرة لبنان وإنشاء مقر جديد لمنظمته في تونس.

من بين أهم المحطات التي شهدتها لبنان

– الحرب الأهلية 1975.
– التدخل السوري 1976.
– الإجتياح الصهيوني 1982.
– نشأة المقاومة اللبنانية الذي يمثل حركة الطائفة الشيعية “حركة امل وحزب الله” في عام 1982 في ظل الإحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان..

برز “حزب الله” كقوة مقاومة إسلامية، بدعم من سورية وإيران وإستطاعت أن تأخذ مكانتها محلية واقليميا ودولية، وأرغمت إسرائيل على الإنسحاب من جنوب لبنان عام 2000، بل هزمته شر هزيمة عام 2006 وغيرت من موازين المعركة، وأعطت مثال على حتمية المقاومة وانتصارها.

_ اتفاق 17 أيار 1983 بين لبنان وإسرائيل في عهد أمين الجميل، والذي لقي رفض شعبي حتي تم الغاءه بعد أقل من عام.

-اتفاق الطائف 1989: منعطف مهم في الأزمة اللبنانية، تم بوساطة سعودية سورية في 22 أكتوبر 1989 في مدينة الطائف، واضعا نهاية للحرب الأهلية اللبنانية التي استمرت 15 عاما.

– اغتيال رفيق الحريري 2005: جاء اغتيال رفيق الحريري بمثابة صب الوقود على الحطب، وكيل الاتهامات بين الأطراف والتدخل الخارجي والمحكمة الخاصة وتداعياتها.

ماهي الأسباب التي أوصلت لبنان لعدم الإستقرار منذ إنتهاء الحرب الأهلية 

بعد اتفاق الطائف انتخب عدة رؤساء للجمهورية ورؤساء حكومات، بصعوبة الا بعد تفاهمات دولية وإقليمية.

فهل كان اتفاق الطائف الحل الأمثل أم أنها حل مؤقت ؟!
نعتقد بأن التدخلات الخارجية التي جعلت تبعية الأطراف اللبنانية لها من أهم المشكلات التي تقف ضد ايجاد حل القضية اللبنانية، اذ تعد التناقضات الإجتماعية والدينية والفكرية، إحدى السمات في المجتمع اللبناني الذي كان يفترض أن يكون نواة لبناء دولة مدنية بحكم عراقته وتاريخه!

لقد أنهي اتفاق الطائف الحرب الأهلية، ولكنه عزز الطائفية والمحاصصات والتبعية الخارجية بدل إنهاءها على اساس حق المواطنة والكفاءة وبذلك غابت الثقة بين أبناء الوطن الواحد.

وبرزت المزايدات حول مفهوم الوطنية في قضايا مصيرية بمايعرف بالقومية العربية وفلسطين والتعامل مع الإحتلال الإسرائيلي.

كل ذلك إثر التفاهمات وتقريب وجهات النظر، مما انعكس على حل الأزمة السياسية والإقتصادية، و أصبح انتخاب رئيس الجمهورية، من الأمور العسيرة بسبب التعنت وتضارب المصالح، وما أن تنتهي فترة رئيس الجمهورية حتى تدخل البلاد في فراغ سياسي، وقد وصلت لبنان للإنهيار والإفلاس وازدادت معاناة المواطن اللبناني..

من يملك مفاتيح الحل في لبنان؟ 

لا يختلف عامة اللبنانيون على تحمل الطبقة السياسية المدعومة طائفيين المسؤولية، على إفلاسها الفكري والسياسي وابتعادها عن هموم الشارع..

الدور العربي تجاه لبنان 

مما لاشك فيه بأن الخلافات التي شهدتها المنطقة بين القوي الإقليمية “السعودية – إيران” ألقى بتداعياته على القضية اللبنانية، في ظل غياب للجامعة العربية في عديد الملفات العربية ومنها اللبناني.

نتوقع من التقارب في العلاقات السعودية – الإيرانية – السورية، من شأنه أن يسهم في تحريك الجمود في الملف اللبناني، والتعجيل بانتخاب رئيس للجمهورية بعد فراغ المنصب لأكثر من عام.

ويبقي الحل النهائي داخل لبنان من خلال توحيد صفوف الشارع على أساس وحدة لبنان ونبذ الطائفية والمحاصصات التي أوصلت البلاد للازمات !!

https://anbaaexpress.ma/am4bg

إدريس أحميد

صحفي و باحث في الشأن السياسي المغاربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى