أفريقيا

جماعة توغيلت من”أغلبية المعارضة” إلى نهايتها

إسماعيل الراجي 

منذ أن تشكل مجلس جماعة توغيلت بإقليم سيدي قاسم، عقب انتخابات 8 شتنبر 2021، وهو في حالة انقسام حاد، ترتب عنه تكوين معارضة لرئيسة المجلس، بأغلبية قوية، يعبر عن أوج قوتها معادلة 13#8.

كادت هذه المعارضة خلال أيام من سنة2022 و2023 أن تعيد اعادة ترتيب بيت مجلس الجماعة من جديد، برغم من عدم مرور سنة ونصف للمجلس.

لكن، حالت دون ذلك عوامل داخلية؛ متعلقة بالمعارضة ذاتها، وتجربتها السياسية وأخطأها، ورعونة بعض أعضائها. وعوامل خارجية؛ وهاته من المشاكل المتعلقة بالقوانين التنظيمية وتقدير السلطات التي لها صلاحيات التدخل في مثل هذه القضايا التي يتشابك فيها كل شيء.

قامت المعارضة بتسديد العديد من اللكمات لمنطق اللاحكامة، واللاتشارك، ولنهج سياسة “خلها بالعين وتبعها بالأثر”، وللانتهازية والحسابات السياسيوية التي صدحت من قبل مدبري شأن الجماعة في المجلس الحالي، لكن، دون أن يعدل ذلك بوصلة تحقيق معادلة التدبير الشفاف والتشاركي، ومراعاة التفاوتات داخل تراب الجماعة، وهذا ما يتم تغيبه في النقاش المحلي عن الساكنة.

كان تشكل معارضة قوية بجماعة توغيلت، حالة نوعية في الشأن السياسي المحلي، ومن حسنات المعارضة خلال هذه التجربة القصيرة، عرت كل شيء كان في دهاليز النميمة السياسية، منها ما هو متعلق بالمعارضة، ومنها ما هو متعلق بطرف المنتفض ضده.

إذ لأول مرة بمجلس جماعة توغيلت، تتشكل معارضة، صارت حديث الساكنة والمجتمع المحلي، وبهذا الحضور للمعارضة في جماعة، حركت بذلك مياه آسنة في العمل السياسي في الجماعة، وكشفت القناع، بل أسقطت القناع عن نوعية بعض المنتخبين أخذوا التنمية الترابية رهينة حساباتهم وأطماعهم اللاتنموية.

من المعلوم تعد المعارضة في الجماعات الترابية هي صمام الآمان، لمراقبة المجلس ذا الأغلبية، ويكون للمعارضة الدور الأهم في مراقبة تدبير وتسيير الشأن الجماعي الترابي، متسلحة للتدافع بالدستور والقوانين التنظيمية الترابية، وعلى رأسها القانون التنظيمي 113.14 المتعلق بالجماعات، ونحوها من المعارف ومقاربات التنمية…إلخ.

وعليه، فالمجالس الجماعية المنتخبة بدون معارضة هي مجالس لا يمكن أن تكون محصنة من التجاوزات، والتدبير وفق أجندة سياسيوية، ومصلحية من قبل أغلبية التي تنزع نحو مصالحها، ومصالح جهاتها الممولة في الخفاء أو العلن.

منذ أن تشكلت جماعة توغيلت، وهي من بين الجماعات الترابية على صعيد إقليم سيدي قاسم _على الصعيد الوطني_ في عنق الزجاجة تنمويا، فجماعة توغيلت من بين الجماعات الفقيرة اقتصاديا، وثقافيا، وسياسيا، وخدماتيا.. وواقع الحال خير شاهد على هذا الفقر المتعدد الأبعاد الذي يمكن ملاحظة من بعض جوانبه من خلال توزيع الخدمات الأساسية.

لا يمكن بأي حال من الأحوال تبرأة كل الفاعلين الذي أدلوا بدلوهم في تسيير وتدبير هذه الجماعة الترابية، وعلى رأسهم الفاعل السياسي الذي كان عقبة حقيقية في اقلاع التنموي للجماعة؛ حيث من تربع على مفاصل قرار الجماعة الترابية؛ زمرة منهم كانت أمية بما تعني الكلمة من معنى _كتابة وقراءة_ واليوم لا يختلف عن الأمس! وهذا جزء من مشكل مركب لا يعلم متى يعالج؟

أوضاع التنمية بجماعة توغيلت، تحدث نفسها عن نفسها؛ فكل ملامح الفقر المتعدد الأبعاد المتعلق بالخدمات الأساسية، تسجل حضورا في بعض دواوير الجماعة، إذ على الصعيد الترابي لهذه الجماعة يلاحظ وحسب الميدان مظاهر الاستمرارية لغياب بعض الخدمات الأساسية، ومحدودية نجاعة البعض منها، وأخطر من هذا، غياب العدالة في توزيع مقدرات الجماعة؛ إذ ما تزال بعض ساكنة الجماعة على سبيل المثال:

– محاصرة بلا طرق فك عزلة ذات نجاعة تسهل من حركة النقل والتنقل وتخدم سوسيواقتصاديا؛
– غياب خدمة الماء الشروب؛
– الهشاشة وغياب البنية التحتية لبعض دواوير وبالخصوص الطرق والمسالك داخل الدواوير؛
– غياب خدمة تبعد التلوث والأضرار عن الساكنة؛
وغيرها من الغيابات المسجلة في الخدمات الأساسية والموازية التي من شأنها، أن تحد من نزيف الهجرة بسبب عامل غياب الخدمات الأساسية.

لا يستحيي من يدبر شأن جماعة توغيلت، منذ المجالس السابقة إلى مجلس الحالي، من حالة الغياب وهشاشة بعض الخدمات بتراب الجماعة، لاسيما خدمات القرب التي تدخل ضمن اختصاصات الجماعة الترابية بحكم الدستور والقانون التنظيمي113.14 الذي ينص على الاختصاصات الذاتية والمنقولة والمشتركة للجماعة.

حينما نقول أن بعض الفاعلين لا يستحيون مما عليه الوضع التنموي للجماعة، فيمكن هنا الإشارة إلى الأمر الواقع في تفاوتات الخدمات الأساسية بين دواوير الجماعة، وهذا شاهد على عدم توزيع مقدرات الجماعة الترابية وفق مبدأ الأولويات، ووفق مبدأ المساواة، وسياسة تقليص الفوارق الخدماتية.

مع كل هذا الوضع التنموي المخجل، يلاحظ ما يلاحظ من “تصنطيح” من قبل بعض المسؤولين هناك الذين كلفوا بمهمة تسيير شأن الجماعة وتدبير مصالح الساكنة، يقفون بكل وقاحة على مرأى ساكنة الجماعة، يتبخترون وساكنة الجماعة يركبون قطار الهجرة هروبا من تردي وضعيات مجال السكن، والنقص في الخدمات الأساسية..

فما الذي يجعل مواطنا على قارعة السكن بدون طرق معبدة، أو غياب الماء الشروب، أما حالة التلوث الناجم عن المياه المنزلية والنفايات المنزلية_ وهلم جرا من أشكال النقص والغياب وعدم التدخل_ للاستمرار في السكن في مجاله مع العلم هناك مناطق أخرى خارج الجماعة تجذب بما توفره من خدمات أساسية؟ بل، هذا الفاعل السياسي يركب الموجة ويعوم معها على مغالطة الساكنة بحجج واهية.

من الأمور التي تثير الحنق في المشهد السياسي المحلي، فشل الفاعل السياسي في جماعة توغيلت منذ تأسيسها لليوم، أن يقدم مشروعا تنمويا يتأسس على منطق المساواة والتشارك وأخذ بعين الاعتبار توزيع الخدمات وتجويد خدمة القرب بدون تمييز بين دواوير الجماعة.

فكل ما هنالك في شأن التسيير من فاعل إلى فاعل له موقعه في مفاصل المجالس المتعاقبة، فرض شروطه ولو كانت تنم عن جهل مركب بالتنمية الترابية.

وخير شاهد في هذا المضمار للمجلس الحالي، أين مالية الجماعة لسنة 2022 ؟ أين صرفت؟ ومن استفادة منها؟ وكيف استفاد منها؟ وما المقاربة المعتمدة في الاستفادة منها؟ والسؤال الأهم كيف ستوزع الميزانيات القادمة؟ أي هل فعلا برنامج عمل الجماعة المعد من قبل المجلس تم إعداده بما يتلاءم مع متطلبات وأولويات أغلبية الساكنة؟ هذا من جهة. ومن جهة أخرى هل بنك المشاريع المحددة في برنامج عمل المجلس الحالي هي قابلة للتنفيذ وفق محددات مالية الجماعة أم هي فقط “أدير أصافي ويكون خير”؟‬

من يدرس شؤون بعض الجماعات الترابية_القروية_ ونوعية بعض الفاعلين السياسين فيها، الخير المفقود في بعض فاعليها، لا يمكن بأي قراءة، ألا يخلص أن بعض الجماعات الترابية وتردي أوضاعها التنموية له علاقة مباشرة بنوعية المنتخبين. ففي حالة جماعة توغيلت لم يستطع الفاعلين ومن معهم أن يساهموا ولو بالحد الأدنى في تحسين شروط السكن في مجال العديد من الدواوير التي تم تهميشها بقصد أو غير قصد، المهم أن هذه الدواوير لم تعر أي انتباه أو تدخل نوعي من شأنه أن يساهم في تحسين ظروف حياة عيش الناس في مجالهم.

ساكنة جماعة توغيلت تئن تحت وطأة الجهل المركب في التدبير والتسيير

من يمعن النظر عن من تعاقب على سدة مجالسها إلى اليوم حيث مشهد الأمية والرصيد السياسي إلى مستوى الصفر، وسياسة التدبير مجالسها التي شتت مقدرات الجماعة المالية يمينا ويسارا بدون نجاعة ما عدا بعض الاستثناءات التي تدخل في مشاريع الدولة ومؤسساتها، ولا يذكر اي مجلس قام بتطبيق المقاربة التشاركية في التسيير ولا التدبير، ولا العمل وفق الحد من تفاوت الخدمات الأساسية بين وحدات ساكنة الجماعة؛ وخير دليل واقع الخدمات الأساسية بدواوير الجماعة، من أكبر دوار في الجماعة إلى أصغر دوار فيها، العديد من الدواوير تئن ساكنتها تحت وسط سكن أقل ما يقال عنه يمثل نموذجا حيا عن التخلف في المغرب.

يحسب للمعارضة أو قل لبعض أفرادها أن سربت للساكنة حقيقة بعض الأعضاء الذين يتاجرون باستشاريتهم ولا تهمهم سوى مصالحهم الشخصية، كما يحسب لها تقديم معلومات عن كلفة الجلوس على مقعد رئاسة، وآخديد سياسة الإرتشاء التي أصبح الفاعل السياسي بجماعة توغيلت يمثل نموذجا في الوسط الترابي عن فاعل سياسي فضح الله أمره في كل واد ولو توارى عن المشهد السياسي. يقول أحد الأعضاء من خارج المعارضة عن المعارضة منذ أن كانت في قوتها: “ا كيخربقو هدوك والله لا صور لا حق لا باطل.. “. اسيدي الله يجعل كلشي مبارك مسعود.

يقال: المصائب لا تأتي فرادى، فكما كشفت واقعة مجلس جماعة توغيلت وأزمته عن حقيقة دهاليز الانتخابات وتشكل المجلس، قدمت نازلة المعارضة حقيقة بعض فاعلي المجتمع المدني المحلي الذين يقدمون صكوك الدعم لتنمية التخلف عبر السير مع المنتخبين الحافر بالحافر.

قصارى القول، في أي جماعة ترابية، إذا شوهد ولوحظ سلوك مترشح ينفق المال بلا هوادة من أجل الظفر بمعقد العضوية، أو من أجل الظفر برئاسة المجلس؛ فعلم أن هذا النكرة المعرفة بالمال السائب سيذبح مصالح الجماعة الترابية التنموية من الوريد إلى الوريد.

https://anbaaexpress.ma/egql1

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى