ثقافة

تحت المطر..

بقلم : عفاف خلف

أقر بأني تعبٌ، دنفٌ، مشتاقٌ، ولكثرة ما تمورين داخلي لم أستطع مصافحتك لحظة لقاء، خشيتُ صعود البرقِ فيّ، احتراقك، وانطفائي.
فقط أمسحُ عن صفحة وجهك ما
تجّعد من أرقي بك.

**
على مقعدين، ما يفصل بيننا رهص الدقائق تفتتها الساعات، ابتسامتك المضغوطة، وإفراغي منك.

لا تأسى صديقي، نحنُ نفرغنا من آخرٍ يسكننا، نعيدُ ترتيب فوضانا، وما حصده من عواصفنا آوان المطر، نعيدُ تأثيثنا كل لحظةٍ وكأننا نمارسُ الميلاد من جديد، بك، بنا، بي، بفسخنا معاً والتقائنا عبر ساكنين يحركهما وقود حب، أو متحركين تلجمهما الشهوات.​

– تُرى كيف تكونُ الخطيئةُ تحت المطر!

كانت النوافذُ أكثرَ انغلاقاً من وشاية بوحِ، والأبوابُ مواربةً، تمارسُ فعل التلظى، ونحن شواهدَ رخامٍ لا يريم، نرنو بعمىً، نلبسُ قشورنا بامتياز الحضارةِ التي هذبتنا وجعلت منا إنسانين لا عاشقين,​

**
لم أخبركَ أنني كنتُ أرقب رمادنا ينضحُ رغباتٍ مقدسةٍ، كنتُ أرغبُ في جمعنا رماداً، في الاحتفاظ بنا فخارةً، من لدنِ بائعٍ معتّق اللهفات، تُدرك أصابعه بلوى التكوين، أحملكُ معي حتى أقاصي النهر، وأرى انسيابك داخلي حتى المصب.

أو ربما بلهفةٍ قديمةٍ سأقيم طقوس تعميدي، لأولد من رمادك، رمادنا معاً​

– تُرى كيف يكون طعم الولادةِ من رحم من تُحب!!
– سآوي إلى صمغي يقيني لجة قطع.
– متى كتبتِها!
– حين تنفستك.
– البارحة انقطعتْ أنفاسك.

أويكفي إئتلاق القطط المتخمة ارتكاب!!​

**​

الساعةُ قيامتي، وبعثك، وأرقبُ كيف يكون التكوين، تجمُعك محض حبٍ لا محض أمر، أعرفُ تعبك، خطوط الإرهاق حول شفتيك، التوتر حين يقصم جبهتك، غيوم عينيك، حذرك، المقعد المتململ تحتك، إطراقة رأسك غضباً مكتوماً، جليد تهذيبك، سياط إدانتك، قذاي حين يخدشُ عينيك، وتغلقهما كنوافذَ حالت روحك دون انكشافهما.​

أعرفُ،​

وبي سكون الدوائر حين تستكين، وأعرفُ ما يجمعنا الموج، وأننا من المغرقين.​

وأرى التعب، لأكثر من دهرٍ مكثتَ بي، معي، فيّ، وأدركُ تعب الإقامة، جروح الانسلاخ، ونزفنا معاً، وفتق الساعات.​

**
– لم تصرّحي، كيف يكون طعم الخطيئة تحت المطر!!​

تتوتر اللحظات، تنثرُ عقاربها مكرهةً، تلدغ هدوئك، المقاعد، المسافة، الجمود، التباعد، وتتركنا عاريين، تسترني بعريك، وتفضحنا السماء.​

تهمس روحي/ روحك:
– اشتعال، تعال/ تعالي نُضيء المطر، نتنزل فوانيساً، ونصلي.. ” يا نار كوني….”
– كيف تكون صلاة الجسد!!​

ثرثرتك تغمدُ في الروح حروقاً، وأجهدُ في التداعي:​

– اقتسام، كلٌ لك… وكلٌ لك​

” وليس في الجبة إلايّ ” ​

* روائية فلسطينية 

https://anbaaexpress.ma/5fs0d

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى