حسب مصادر إعلامية محلية، تم تأجيل زيارة الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، إلى فرنسا والتي كانت مقررة، مطلع الشهر المقبل، “شهر ماي” إلى موعد لاحق، وذلك بسبب الاحتجاجات الرافضة لتعديل نظام التقاعد في فرنسا.
وحسب نفس المصادر، جاء هذا التأجيل بـ”اتفاق بين الطرفين”، لافتة إلى أن أسباب هذا التأجيل هي ذاتها التي كانت وراء تأجيل زيارة ملك بريطانيا، تشارلز الثالث، إلى فرنسا قبل أيام، ولكن من دون أن تقدم المزيد من التوضيحات !!.
وللإشارة، سبق أن قام رئيس أركان الجيش الجزائري ”السعيد شنقريحة” بزيارة رسمية إلى فرنسا، لتحضير زيارة تبون، كما صرحت فرنسا، سابقا عبر وكالة أنبائها، بأن ”شنقريحة” يعتزم زيارة باريس، ”تحضيرا لزيارة الرئيس عبد المجيد تبون المقررة إلى فرنسا في ماي المقبل”.
والجدير بالذكر، أن فرنسا تشهد منذ أسابيع إحتجاجات، مستمرة ومتواصلة من قبل مئات من المتظاهرين، والمحتجين، واشتباكات مع الشرطة الفرنسية، ضد مصادقة إيمانويل ماكرون، على قانون يرفع سن التقاعد من 62 سنة إلى 64 سنة، وهو القانون الذي قوبل برفض، من قبل المجتمع الفرنسي، والنقابات الفرنسية، التي تأطر هذه الاحتجاجات الشعبية.
كما شهدت عدة مدن فرنسية، خلال الأسبوع الماضي، احتجاجات واسعة النطاق واشتباكات قوية مع الشرطة، مباشرة، بعد مصادقة المجلس الدستوري على قانون إصلاح نظام التقاعد، كما طالبت النقابات الفرنسية عدم إصداره.
وأكدت النقابات، عبر بيان لها، أنه “في مواجهة الرفض الكبير لهذا الإصلاح، تطلب تنسيقية النقابات رسميا من الرئيس ماكرون عدم إصدار القانون، وهو السبيل الوحيد لتهدئة الغضب المنتشر في فرنسا”.
الهروب من الحقيقة..
حسب عدة مراقبين للشأن الدولي، يؤكدون بأن تأجيل، زيارة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى فرنسا، له عدة أسباب جوهرية، أهمها الأزمة الجزائرية-الفرنسية، التي لا تزال قائمة ومستمرة، بسبب الناشطة أميرة بوراوي، التي على إثرها إستدعى تبون سفير الجزائر لدى باريس للتشاور، ووصف الإعلام الجزائري الرسمي ما فعلته السلطات الفرنسية، بالتصرف “غير الودي”.
أما بخصوص، ما يروجه إعلام العسكر الجزائري، من مبررات، حول تأجيل الزيارة، وسببها التظاهرات الفرنسية، هذا غير صحيح، بل هو فقط تهرب من قول الحقيقة.
النظام العسكري الجزائري، كان يخطط لهذه الزيارة منذ شهور من أجل توقيع عدة إتفاقيات، مع فرنسا، وتفعيلها أهمها إتفاقية أمنية، وقّعت من طرف قيادتا الجيشين الجزائري والفرنسي، تحت إسم “ورقة طريق مشتركة”، لتعزيز التعاون العسكري والأمني، للتدخل في منطقة الساحل والصحراء، التي تعتبر منطقة حيوية، من أجل استغلالها.
وكذلك، مناقشة مشروع أنبوب الغاز النيجيري المغربي، الذي يمر عبر 13 دولة، والذي يشهد تطورات مهمة ومتسارعة.
بالاضافة، مناقشة ملف الذاكرة وماضي الإستعمار الفرنسي في الجزائر، ذكرى اتفاق وقف إطلاق النار بين الجزائر وفرنسا في 1962، الجزائر تطلق، عليه “عيد النصر”، أما فرنسا تصفه بـ”يوم الذكرى”، والمقصود به انتهاء الحرب في الجزائر.
وقد توج يوم الذكرى، الذي سبقته مفاوضات إيفيان بسويسرا، وأفضت لتوقيع اتفاقيات وقف إطلاق النار وتنظيم إستفتاء تقرير مصير الشعب الجزائري، في 03 يوليو 1962، وصرح ماكرون، سابقا دون تقديم إعتراف أو إعتذار عن جرائم الحقبة الإستعمارية في الجزائر.
وحسب عدة مصادر جزائرية، أكدت سابقا لأنباء إكسبريس، بأن الجزائر تعتزم إشراك فرنسا في جزء كبير من المشاريع التنموية الجزائرية.
إذا ماذا وقع ؟..
خلاصة القول..، الأزمة الجزائرية-الفرنسية، مستمرة، وفرنسا، بدأت تتراجع، عن سلوكها، العدواني تجاه المملكة المغربية، وتعود إلى رشدها، فرنسا الآن لا ترغب في زيارة تبون، إلى باريس، وفي هذا الوقت الحساس والظرفية التي لا تخدم مصلحة فرنسا.
تأجيل زيارة الرئيس المعين من طرف كابرانات الجزائر وكبيرهم شتقريحة إلى فرنسا لها أكثر من سبب غير معلن. الأول بمثابة تأديب فرنسا للنظام العسكري الجزائري:
– عدم اعترتف او تقديم ماكرون لأي اعتذار على تصريحاته المدلة للجزائر، من كونها ليست دولة؛
– تسليم قبعة العار للكابران الأول وقت زيارته لباريس بدعوى تحضير زيارة تبون ( ما دور وزير الخارجية؟)؛
– متوبة تبون ممثل العسكر الجزائري على قرار استدعاء سفيره للتشاور )قضية أمينة براو)؛
– التريث من أجل إيجاد منجد لتطبيع علاقة فرنسا بالمغرب…
لربما، هذه بعض الأسباب الظاهرة لهذا التأجيل الذي قد يتحول إلى إلغاء الزيارة، مع استمرار الازمة بين فر نسا والجزائر التي يبدو أنها ستتعمق كلما وقع انفراج في العلاقة بين المغرب وفرنسا.