أغلب الناس يعتمدون على الفتوى في الإسلام من الناحية الفقهية على الحديث النبوي الشريف وقوله أو عمله أو اقراره؛ وحديثي هنا يرتكز على هذا الجانب فقط لا النص القرآني من ذات الأمر.
لفت انتباهي فتوى الشيخ السعودي صالح عبد الله الفوزان / راجع الميديا واليوتيوب حد الساحر / حول عقاب الساحر والمشعوذ والدجَّال؛ وبالتحديد الذي يعمل السحر ليضر به الآخرين؛ وذهب إلى جملة من الفتاوى الموروثة في التاريخ الإسلامي المتقدم ليقارن بينها وبين فتواه حول عقوبة الساحر ليصدر حكمه بناء على ما تقدم من مرافعات فقهيه لا تمد إلى روح الإسلام في شيء ولا صلة.
المعلوم أنَّ في المملكة العربية السعودية يُعاقب الساحر قصاصاً بضرب عنقه بالسيف؛ وهو ذات نص الفتوى التي إعتمد عليها الشيخ صالح الفوزان من الحديث المنسوب للجناب النبوي الشريف؛ الذي رواه الصحابي جندب بن عبد الله؛ قال : { حد الساحر ضربه بالسيف } أو قال في رواية أخرى : { حد الساحر ضربةٌ بالسيف } / لاحظ الفرق بين الكلمتين أحدهما بالهاء المهملة والثانية بالتاء المعجمة المربوطة / ثم كان في خلفية الصوت له باليوتيوب تنفيذ عقوبة حد الساحر قصاصاً بضرب عنقه بالسيف.
مما تقدم؛ يؤخذ على الشيخ صالح الفوزان؛ ومن شايعه في هذه الفتوى عُدَّة مآخذ منها :
1/ خالف المهنية في التثبت والتحقق حيث لم يذكر سند صحة الحديث المنسوب للجناب النبوي الشريف؛ وهو حديث مرفوع لم يرد من غير رجل واحد وهو جندب بن عبد الله ” راجع الخبر في النت باب عقوبة الساحر” ؛ وعندي أن الحديث مقطوع ومحمول على النبي صلى الله عليه وسلم وهذا معروف في مصطلح علم الحديث؛ إذ لم يروِ حديثاً غيره ولم أجد له حديثاً مروياً واحداً في النت حيث يمكن مراجعته هناك؛ ولا يعرفه أحد من المحققين للحديث النبوي وقال بن باز نفسه بأنه ضعيف وأرجع القول له شخصيا لا النبي عليه السلام / راجع النت / .
2/ خالف الشيخ صالح الفوزان الأمانة العلمية في عدم ذكره لسند الحديث مما يشكك في أي فتوى يصدرها سابقاً أو لاحقاً؛ لأنه يبيح سفك دم أمريء مسلم بنص لا كرامة فيه ولا حق للإنسان والإنسانية وهو أشد حرمة عند الله تعالى من الكعبة.
3 / خالف الشيخ صالح الفوزان النص القرآني صراحة وهو عدم ذكر حد لعقوبة الساحر من ضمن الحدود المذكورة في القرآن وهي ثمانية حدود باعتباره أضاف للقرآن حداً لم يذكره وهو الحديث المرفوع لجندب بن عبد الله؛ سأذكرها أدنى هذه المآخذ والمخالفات.
4/ خالف الشيخ الفوزان هَدْيَ النبي صلى الله عليه وسلم؛ فالنبي لا يخالف النص القرآني؛ حاشاه عليه السلام؛ فكيف يضيف هو من عنده ما لم يأذن به الله او يستلفه ممن قبله وهو القائل في محكم تنزيله : { قل ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي إن اتبع إلا ما يوحى الي } سورة.. فكيف نسب النسَّابون للنبي عليه السلام قولاً لم يقله إذا قارنت الحديث المرفوع المنسوب للجناب النبوي الشريف مع نص الآية السابق؛ وهو المتوارث من غير دراسة مقارنة بين لفظ الحديث النبوي والنص القرآني؟!.
5/ خالف الشيخ صالح الفوزان النهج العلمي الأكاديمي في التدقيق في صحة الحديث الذي جعله قاعدة أصولية في الفقه الإسلامي؛ وما هو بذلك؛ يعتمد عليه فيه الكثيرون فيسفكون دماء الأبرياء باسم الدين والإسلام والنبي عليه السلام وهم عنه براء .
قول بن باز بصفحته من النت؛ قال :
أما بعد : فهذا الحديث مروي عن النبي عليه الصلاة والسلام، ولكنه عند أهل العلم ضعيف الإسناد، والصحيح: أنه موقوف على جندب بن عبدالله البجلي ، وقيل: إن راويه هو: جندب الخير الأزدي ، هو الذي قال: حد الساحر ضربه بالسيف، ولكن مثل هذا له حكم الرفع؛ لأنه لا يقال من جهة الرأي. انتهى.
من حق القانون والقضاء السعوديين أن يعاقبا أي مخالفة تنتهك حقوق الإنسان وتضره من طريق العرف المجتمعي القائم عندهم ( وكل دول العالم وبالتحديد الدول العربية المسلمة) والمبين في نص القوانين والدساتير المعمول بها بالمملكة العربية السعودية لكن ليس باسم الدين والإسلام والنبي بصورة تنتهك الجناب النبوي الشريف في المقام الأول؛ ثم تنتهك كرامة الإنسان وحقوقه في المقام الثاني؛ ويخالف الأعراف والمواثيق الدولية وحقوق الإنسان ثالثاً؛ علماً بأنَّ القرآن الكريم لم ينص على العقوبات لكنه نص على الكفَّارات؛ وجعل القصاص قتلاً في أمر واحد فقط هو : قتل النفس بغير حق ( دون الخوض في التفاصيل ) ؛ ثم بين الله تعالى هذا الحق استنباطاً من الآية بسورتي الأنعام والاسراء هما : القتال والجهاد في سبيل الله؛ وقتل النفس التي حرَّم الله إلا بالحق؛ فهل الساحر قتل نفساً بغير حق أم لا ؟ هذا إن لم يكن قتل نفساً في معركة حربية في سبيل الله فذا موضوع آخر ليس موضعه هنا من التفصيل راجع كتابنا تحت الإعداد ” الفكرة الإنسانية العالمية ” ففيه شرح وافي .
ليس تضامناً مع السحر والسحرة والشعوذة والدجل وما إلى ذلك؛ بل العكس تماماً؛ يجب معاقبة كل مخالف يثبت تورطه في جريمة تضر الفرد والجماعة / نفسه أو غيره / لكن في إطار القانون المبرأ من ذريعة الدين بغير نص ثابت وقاطع .
ذكر القرآن الحدود في المواضع الثمانية الآتية :
1/ الوصية ( سورة النساء).
2/ الميراث ( سورة النساء) .
3/ الافتراء على الله بأن تقول فيه ما ليس فيه ومحاددة الذين يفترون عليه ؛ أي تأييدهم ( سورة المجادلة) .
4/ الظِهار لبيان الكفَّارة (سورة الطلاق ) .
5/ عدم ملامسة أو مقاربة المرأة أثناء الاعتكاف ( سورة البقرة) .
الطلاق وفيه ثلاث مسائل :
6 / عدم أخذ متاع المرأة في حالة الطلاق إلَّا أن يخافا ألَّا يقيما حدود الله ( سورة البقرة) .
7/ أن لا ترجع لزوجها الأول بعد طلاقها منه مرتين حتى تنكح زوجاً غيره؛ فإن أرادا رجعا وإلا فلا تثريب عليهما ( سورة البقرة) .
8/ عدم إخراج المرأة بعد الطلاق من بيتها وأن لا تخرج هي من بيتها إلا أن تأتي بفاحشة مبينة ( سورة البقرة) راجع سورتي البقرة والطلاق؛ مشكوراً .
لاحظ : لم يُذكر من الحدود الآتي :
1/ السرقة.
2/ الحرابة.
3/ السحر.
4/ أخرى.
تترتب العقوبة أو مصادر التشريع الإسلامي من مصدرين اثنين فقط هما : النص القرآني الثابت؛ والعرف الاجتماعي المطور منه القانون المحلي السائد في الدولة؛ فمثل تلك البنود الثلاث السابقة تعتبر ظواهراً إنسانية مجتمعية سالبة وعلى المُشَرِّع الوضعي وضع قانون رادع وعقوبة صارمة تساوي حجم الجرم والضرر الناتج عنه ولو بذات نص القرآن فيما ذكر على أن لا تعتبر من الحدود طالما لم يذكرها القرآن الكريم فقط باعتبارها حدود ؛ أكرر النص القرآني فقط بدون تفصيل.
فمن أين أتيتم بهذه القسمة الضيزى والفتوى العجيبة ؟ وأخص بالذكر الشيخ صالح الفوزان ومن شايعه.
أقترح على الجهات المختصة بالمملكة العربية السعودية إعطاء الشيخ صالح الفوزان ومن شايعه المعاش الإجباري لكهوفية العقل غير القادر على الإنتاج الفكري مع صرف الاستحقاقات الأدبية؛ ولي عودة معه وابن باز وأضرابهما إن مد الله في الاجال إن شاء الله ؛ وعلى الله قصد السبيل ومنها جائر ولو شاء لهداكم أجمعين .
شكراً لك على هذه الإضاءة القيمة محبتي لكم جميعاً