عبدالعالي الطاهري
مع إستمرار حالة الإحتقان الإجتماعي، تستعد مصافي التكرير الفرنسية للمشاركة في الجولة الثامنة للإضراب ضد لائحة رفع سن التقاعد محل الإنتقاد من جميع النقابات العمالية والمهنية في فرنسا.
وأعلنت 4 مصافي نفط من أصل 6 عاملة في فرنسا استعدادها للتوقف عن العمل يوم الجولة الثامنة للإضراب في 20 مارس/آذار (2023)، وفقًا لموقع أرغوس ميديا المتخصص في أسواق الطاقة.
وأقرت الحكومة الفرنسية لائحة جديدة لرفع سن التقاعد في البلاد، بإستعمال مادة مثيرة للجدل في الدستور تسمح للحكومة بتمرير اللوائح دون تصويت البرلمان.
ولم تهدأ الدعوات النقابية إلى الإضراب في قطاعات الدولة كافة، بما فيها مصافي التكرير الفرنسية، منذ إقرار الحكومة هذه اللائحة في 19 يناير/كانون الثاني 2023، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
رفع سن التقاعد إلى 64 عامًا
تنص لائحة الحكومة الفرنسية على رفع سن التقاعد إلى 64 سنة بحلول العام 2030، ما أثار غضب النقابات المهنية والعمالية في فرنسا، ودفعها إلى تنظيم سلسلة من الإضرابات الجزئية المتصاعدة تدريجيًا للضغط على الحكومة للتراجع.
ونظمت النقابات المهنية 7 إضرابات جزئية متصاعدة حتى الآن، كان آخرها في 16 مارس/آذار الجاري، ومن المقرر تنظيم الجولة الثامنة من الإضراب يوم 20 مارس/آذار، وسط دعوات إلى جعله إضرابًا شاملًا لكل قطاعات الدولة.
وشارك عمال مصافي التكرير الفرنسية في أكثر من جولة خلال الإضرابات الماضية، بوصفهم من المتضررين من رفع سن التقاعد.
التماس حجب الثقة عن الحكومة
تستعد المصافي لدخول الموجة الـ8 من الإضراب، بالتزامن مع نقص كميات النفط الخام المنقول إليها بسبب إضراب عمال الموانئ.
وشاركت قطاعات الطرق والموانئ والسكك الحديدية في الموجة السابعة من الإضراب بتاريخ الـ16 من مارس 2023، وهو ما ترتب عنه إضطراب كبير في حركة النقل على مستوى أغلب ربوع التراب الفرنسي.
كما قدمت الأحزاب البرلمانية اقتراحًا بحجب الثقة عن حكومة رئيسة الوزراء إليزابيث بورن، في محاولة للضغط على ماكرون وحكومته للتراجع عن لائحة سن التقاعد.
مصافٍ مضربة
يستعد عمال مصافي شركة توتال إنرجي الفرنسية في الـ20 من مارس 2023، للمشاركة في إضراب، ما سيعطل عملية تكرير 219 ألف برميل من النفط.
كما سينضم إليهم عمال مصفاة غونفرفيل ذات القدرة التكريرية البالغة 246 ألف برميل يوميًا، بالإضافة إلى عمال مصفاة بتروينيوس البريطانية الصينية ذات القدرة التكريرية البالغة 210 آلاف برميل يوميًا.
كذلك سينضم إليهم عمال مصفاة بورت جيروم ذات القدرة التكريرية البالغة 207 آلاف برميل يوميًا، وفقًا لما رصدته تقارير إعلامية موثوقة.
وما زالت مصفاة دونغس غرب فرنسا تعمل في الوقت الحالي، لكن عمالها صوّتوا لتمديد إضرابهم لمدة أسبوع حتى 24 مارس/آذار 2023، ما يرجح إعلانهم المشاركة في الإضراب الجديد خلال الأيام المقبلة.
وترفض مصافي التكرير الفرنسية التي تشارك في الإضراب تحميل أو شحن أي مشتقات نفطية خارج المنشآت، في إطار محاولة الضغط على قيادة الشركة والحكومة للتراجع عن لائحة رفع سن التقاعد المريبة.
أربعة ملايين برميل عالقة في الموانئ
تترقب محطة فوس لافيرا على البحر المتوسط إنهاء عمال المصافي إضرابهم بفارغ الصبر، لامتلائها بمخزونات نفط تصل إلى 4.3 مليون برميل، منها 3.2 مليون برميل قادمة من ليبيا.
كما تنتظر شحنة صغيرة تصل إلى 200 ألف برميل من الخام الإيطالي إشارة لتفريغها في ميناء فوس لافيرا منذ 25 فبراير/شباط 2023، بسبب الإضرابات المتواصلة لعمال المصافي.
وما زالت مصفاة فوس تعمل، ولكن بمعدلات تكرير منخفضة للغاية، مع سماح الموظفين المضربين للمشتقات بالخروج لامتلاء صهاريج التخزين، خلافًا لغيرها من مصافي التكرير.
وتنتظر شحنات نفط بحجم 700 ألف برميل قادمة من الولايات المتحدة إشارة مماثلة، للتفريغ في ميناء لوهافر شمال الأطلسي منذ 11 مارس/آذار 2023.
كما يوجد مليون برميل من خام النفط النيجيري بالقرب من الميناء لم تُسلم منذ مطلع مارس/آذار 2023، بالإضافة إلى شحنة ليبية تصل إلى 600 ألف برميل، حسب تقارير رسمية في الموضوع.
وحاولت أكثر من حكومة فرنسية سابقة الإقتراب من سن المعاش، لخفض تكاليف برامج التقاعد، إلا أن النقابات العمالية كانت تحبطها، ما يرجح تراجع الحكومة بصورة أو بأخرى خلال الأسابيع المقبلة مع دخول الإضراب موجته الـ8 وتفاقم الأضرار الاقتصادية للبلاد مع استمرار تعطل المرافق شهرًا بعد الآخر.