على هامش الدورة 52 لمجلس حقوق الإنسان بجنيف، نظم مرصد جنيف الدولي للسلم والديمقراطية وحقوق الإنسان، ندوة للنقاش بتاريخ 10 شتنبر 2023 تحت عنوان “توفير الحماية للاجئي مخيمات تندوف ومسؤولية الدولة الجزائرية: التصاعد المقلق للانتهاكات المرتكبة من طرف تنظيم البوليساريو” من خلال قراءة في تقرير مرصد جنيف الدولي IOPDHR-GENEVA حول أوضاع حقوق الإنسان بمخيمات تندوف ما بعد الجائحة عبر عملية رصد للوضعية الحقوقية لثلاث سنوات.
الندوة التي عقدت عن بعد، عرفت حضور عدد من المنظمات غير الحكومية والمهتمين والمدافعين عن حقوق الإنسان كما كان بالموازاة حضور مكثف للصحفيين والمنابر الإعلامية عبر تقنية التناظر عن بعد بواسطة تطبيق الزوم حيث تم تأمين عبر هذه المنصة الإلكترونية الترجمة في الاتجاهين لثلاث لغات الإنجليزية، العربية والفرنسية وذلك من أجل تسهيل التواصل مع المشاركين في الندوة من الصحفيين من دول عدة.
انطلقت الندوة بتقديم عرض موجز عن تقرير المرصد من طرف السيدة عائشة ادويهي ممثلة مرصد جنيف الدولي لحقوق الإنسان التي أعطت نبذة عن السياق الدقيق لإعداد التقرير وعلى أهم المحاور التي شملها وعن ضرورة تخصيص جزء خاص بشرح الوضعية الشاذة لمخيمات تندوف وعن حالة الفوضى القانونية التي تسير بها هذه المخيمات بعيدا عن قواعد القانون الدولي وعن مسؤولية البلد المضيف الجزائر قبل التطرق لوضعية الحقوق المدنية والسياسية التي لا يمكن وصفها الا بالكارثية والتي ازدادت ترديا وخصوصا بعد عودة البوليساريو لحمل السلاح مخلفة انعداما أمنيا على مستوى المخيمات وفي تهديد للأمن والسلم بدول الجوار.
كما تم، من خلال التقرير، تخصيص محور ثاني للحقوق الإقتصادية والإجتماعية لتشخيص التحديات التي تواجه الحق في الصحة والغداء والخدمات المرتبطة بإعمالهما نظرا لتملص البلد المضيف من التزاماتها وفقا لاتفاقية جنيف للاجئين وترك المخيمات بعيدة عن المخططات التنموية والتورط في نهب وتحويل المساعدات الإنسانية وعرقلة عمل المفوضية السامية للاجئين من أجل الاشراف المباشر على شبكات التوزيع وعدم اجراء إحصاء للساكنة.
في جزء أخير تناول الرصد الحقوق الفئوية عبر الملفين الحارقين للانتهاكات الواسعة النطاق التي تطال الأطفال والنساء داخل المخيمات والمستمرة على مدى قرابة الخمسة عقود والتي ترقى في بعضها الى جرائم حرب وتستدعي فتح تحقيقات كجرائم لا تقبل التقادم.
تطرقت السيدة كريمة غانم، رئيسة المركز الدولي للديبلوماسية، إلى مسؤولية البلد المضيف دولة الجزائر بموجب القانون الدولي الإنساني وإتفاقية جنيف للاجئين تجاه ساكنة مخيمات تندوف واصفة الوضع بالاستثنائي وغير المقبول والذي لا يخضع لقواعد القانون الدولي وخصوصا إتفاقية جنيف للاجئين وشروطها في غياب تام لأبسط شروط الحماية بدءا من تفويض كامل لكل صلاحيات البلد المضيف وتنازل كلي لكل الاختصاصات مرورا حجب المخيمات عن أعين الرقابة الدولية وتوفير الحصانة التامة لقيادة جبهة البوليساريو من أجل تدبير وتسيير المخيمات ووضع مصير ساكنة بين أيدي مجموعة مسلحة تهدد بين الفينة والأخرى بحمل السلاح وتبتز المنتظم الدولي وتتاجر إنسانيا بها من أجل جمع المساعدات الإنسانية معتمدة في ذلك على بسط سيطرتها على الفضاء العمومي واستباحة الحقوق ومصادرة الحريات لكل من حاول الخروج عن الإجماع ومعارضة فكرها والخروج عن ايديولوجيتها لتصبح بذلك هذه المخيمات مرتعا للانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان في غياب تام للبلد المضيف دولة الجزائر والتي هي مسؤولة عن حماية ساكنة مخيمات تندوف والسلطة المناط بها التحقيق في كل انتهاك يمارس على ساكنة فوق نطاقها الترابي.
من جهته، تناول السيد زهير اليوبي، رئيس جمعية تقارب للثقافات، عن ذلك الواقع الملغوم بمخيمات تندوف في غياب ابسط شروط اللجوء من بطاقة لاجئ واحصاء للساكنة وحرية تنقل وتعبير كما أكد أن عودة جبهة البوليساريو لحمل السلاح وتملصها من اتفاقية وقف اطلاق النار لسنة 1991 محطة جديدة من التردي لحقوق صحراويي مخيمات تندوف بسبب ذلك التصاعد المقلق للانتهاكات والتهديد الخطير لسلامة ساكنة المخيمات مع غياب الأمن المخيف وانشغال القيادة بصراعاتها الداخلية حول السلطة والمال، ليضع في الأخير سؤال حماية هذه الساكنة والتي تتحمل فيها دولة الجزائر كبلد مضيف كامل المسؤولية الأخلاقية والقانونية أمام التزاماتها الدولية ذات الصلة.
التفاعل مع الندوة تم بشكل تشاركي بين المشاركين حضوريا وعبر تطبيق الزووم، والذين فتحوا النقاش حول مواضيع وملفات حارقة كملف الاختفاء القسري وانتهاكات حقوق الأطفال وتجنيدهم وحول ضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان بمخيمات تندوف وعن مدى جدية مشروع المصالحة المعلن عنه من طرف جبهة البوليساريو وشكل النقاش حول مسؤولية الجزائر فيما يقع فوق نطاقها الترابي من طرف قادة البوليساريو حيزا مهما.
في ختام الندوة تم تجميع كل التوصيات والمناشدات لوقف نزيف إنتهاكات حقوق الإنسان داخل مخيمات تندوف وضرورة تحمل الجزائر مسؤولياتها ذات الصلة من خلال اصدار “اعلان جنيف لمرصد جنيف الدولي لحقوق الانسان للدورة 52”.