أدان السفير الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة، عمر هلال، في رسالتين وجههما الأربعاء 8 مارس إلى الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس وأعضاء مجلس الأمن، تواطؤ جنوب إفريقيا مع الجزائر و”البوليساريو”، وتبنيها غير المشروط للأجندة الجيوسياسية للجزائر ومساندتها الإيديولوجية العمياء للجماعة الإنفصالية المسلحة.
وفي رد على رسالة عممتها البعثة الدائمة لجنوب إفريقيا لدى الأمم المتحدة، بشأن الصحراء المغربية، أبرز هلال أن المملكة المغربية “تعرب عن بالغ أسفها لكون جنوب أفريقيا تلعب، مرة أخرى، دور ساعي بريد جماعة انفصالية مسلحة ثبت ضلوعها في الإرهاب في منطقة الساحل”، موضحا أن الإرهابي ذا السمعة السيئة “عدنان أبو الوليد الصحراوي” كان عضوا في “البوليساريو” قبل أن يصبح زعيما لجماعة “الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى” الإرهابية، وذكر بأن هذا الشخص اعتاد اللجوء إلى مخيمات تندوف، لتلقي العلاج هناك، قبل أن تتم تصفيته في 15 شتنبر 2021.
وأضاف هلال أن مساعد أبو الوليد الصحراوي، الإرهابي المعروف “لكحل سيدي سلامة” الملقب بـ”عبد الحكيم الصحراوي”، كان أيضا عضوا في “البوليساريو” وتمت تصفيته في 23 ماي 2021.
وفي السياق ذاته، أشار الدبلوماسي إلى أن صحيفة “دي فيلت” الألمانية نشرت، بتاريخ 27 يناير 2023، نتائج تحقيق استنادا إلى تقارير متطابقة صادرة عن العديد من أجهزة الاستخبارات الأوروبية، مؤكدا بالأدلة، على أن “البوليساريو” جعلت من مخيمات تندوف مركزا لتمويل الإرهاب في منطقة الساحل، من خلال “الحوالة” التي تسمح بالتحويل غير المشروع ومجهول المصدر للأموال بين أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا وأمريكا اللاتينية، لا سيما لفائدة الجماعات الإرهابية والفاعلين الضالعين في زعزعة الإستقرار الإقليمي.
من جانب آخر، أشار هلال، كذلك، إلى أن المغرب ما زال يأسف لكون البعثة الدائمة لجنوب إفريقيا تعمل بمثابة وسيط لكيان وهمي لا تعترف به منظمة الأمم المتحدة، وللنتائج المزعومة لمهزلة ما يعرف بـ”المؤتمر السادس عشر لجبهة البوليساريو”، مبرزا أن الجزائر أنفقت مبالغ طائلة لاستقدام مرتزقة الكلمة من أوروبا ومناطق أخرى عبر طائرات خاصة، إلى ما يسمى بـ”المؤتمر”، في وقت تعاني فيه نساء وأطفال مخيمات تندوف من سوء التغذية وفقر الدم والدفتيريا ونقص في المعدات المدرسية.
وأضاف السفير أن “الحديث عن قرارات هذا المؤتمر إهانة لذكاء الأمين العام للأمم المتحدة وأعضاء مجلس الأمن، إذ يتعلق الأمر بقرارات معدة مسبقا من قبل الدولة الحاضنة، الجزائر، ليتم فرضها على المشاركين في هذه المسرحية، تماما كما كان الأمر بالنسبة للانتخاب الهزلي للمدعو ابراهيم غالي”.
وأكد الدبلوماسي المغربي أن المملكة تأسف بشدة لأن جنوب إفريقيا، التي تشارك على غرار المغرب، في العديد من عمليات حفظ السلام، خاصة في إفريقيا، أضاعت فرصة تجنب التواطؤ عبر تعميم منشور دنيء مناهض للأمم المتحدة، لتقدم بذلك على ازدراء مبادراتها ومهاجمة جهود مجلس الأمن بشأن الصحراء المغربية.
وأضاف أنه كان يتعين على جنوب إفريقيا أن تتساءل لماذا تتجنب الجزائر، الطرف الرئيسي في هذا النزاع الإقليمي، وفي كل مرة، بعث رسائل “البوليساريو” التابعة لها، وتكلف دولة أخرى، جنوب إفريقيا في هذه الحالة، بهذه المهمة الوضيعة، مضيفا أن الجزائر، التي كانت وراء إنشاء هذه المجموعة الانفصالية المسلحة، وإيوائها على أراضيها، والتي تقوم بتسليحها وتمويلها، وتضعها على رأس أولويات دبلوماسيتها، يجب أن تتحلى بالشجاعة السياسية لتحمل مسؤولية أفعالها بشكل كامل، وذلك من خلال تعميم البيانات الدعائية لصنيعتها، عن طريق بعثتها الدائمة.
وأوضح هلال أن “تسخير الجزائر لمصادر خارجية لخدمة الاتصالات الدبلوماسية يبرهن من الناحية الأخلاقية على انعدام الضمير وعدم احترام الأمم المتحدة على المستوى السياسي”.
وأضاف السفير أن المغرب يأسف أيضا لكون البعثة الدائمة لجنوب إفريقيا وافقت على أن تعمم على أعضاء مجلس الأمن رسالة موقعة من طرف زعيم جماعة “البوليساريو” الانفصالية، المدعو “إبراهيم غالي”، الذي يتابع أمام القضاء في أوروبا بتهم الاغتصاب والتعذيب، معتبرا أن نقل هذه الرسالة، عشية أشغال الدورة الـ67 للجنة وضع المرأة واليوم العالمي للمرأة، يعد إهانة لضحايا المدعو ابراهيم غالي، اللائي مازلن يكابدن الآثار الجسدية والنفسية والاجتماعية لجرائمه.
وتابع هلال بالقول إن “المملكة المغربية تعرب عن أسفها الشديد إزاء توزيع جنوب إفريقيا لرسالة مليئة بالأكاذيب حول وضعية حقوق الإنسان في الصحراء المغربية، في حين أن مجلس الأمن أشاد في قراراته المتعاقبة، بدور اللجنتين الجهويتين للمجلس الوطني لحقوق الإنسان في العيون والداخلة، وكذلك تعاون المغرب مع آليات حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة”.
ولاحظ أن “الادعاءات التي تروج لها هذه الرسالة خاطئة بقدر ما هي متناقضة: إذ أن مشاركة بعض العناصر الانفصالية التي قدمت من الأقاليم الصحراوية في المغرب، في هذا “المؤتمر” المزعوم، يعد دليلا صارخا على أكاذيب البوليساريو، والتأكيد القاطع على تمتع هؤلاء الأفراد تمتعا كاملا بحرياتهم في الحركة والتنقل والتعبير، بفضل الديمقراطية وسيادة القانون السائدة في الصحراء المغربية. والحال ليس كذلك، للأسف، بالنسبة للسكان المحتجزين في سجن مفتوح في مخيمات تندوف”.
وأبرز سفير المغرب لدى الأمم المتحدة أن المملكة تأسف أيضا لكون جنوب إفريقيا، التي تطمح إلى الاضطلاع بدور أكثر أهمية في الحفاظ على السلم والأمن الدوليين، تنقل إلى أعضاء مجلس الأمن رسالة تشيد بالحرب، وتدعو إلى العنف المسلح والأعمال الإرهابية، وتنتهك قرارات مجلس الأمن.
وأوضح هلال، في هذا الصدد، أن جنوب إفريقيا، ومن خلال عملها ساعي بريد، تشارك في إبقاء “البوليساريو” وبلدها الحاضن، الجزائر، ضمن سرابهما التندوفي لخطة التسوية والاستفتاء، واللذين اختفيا بشكل نهائي، ومنذ أزيد من عقدين، من معجم قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة والأمين العام للأمم المتحدة.
وسجل السفير أن المغرب يود تذكير جنوب إفريقيا بأن تبنيها غير المشروط لأجندة الجزائر الجيوسياسية ومساندتها الإيديولوجية العمياء للجماعة الانفصالية المسلحة “البوليساريو” لن يساعد بأي حال من الأحوال في تسوية هذا النزاع الإقليمي، ولن يضع حدا لمعاناة الساكنة المحتجزة في مخيمات تندوف على مدى عقود.
وشدد على أن مجلس الأمن اعتمد بشكل نهائي، ومنذ أزيد من عقدين، خيار الحل السياسي، القائم على أساس البراغماتية والواقعية والتوافق والقبول المتبادل، مشيرا إلى أن عددا كبيرا من الدول تبنت هذا الخيار من خلال الاعتراف بمغربية الصحراء بالنسبة للبعض، والدعم القوي والصريح للمبادرة المغربية للحكم الذاتي بالنسبة للعديد من البلدان الأخرى، وافتتاح قنصليات عامة في مدينتي العيون والداخلة المغربيتين بالنسبة للعديد من البلدان.
وقال إن “جنوب إفريقيا ستستفيد من دعوة الجزائر والبوليساريو للامتثال للشرعية الدولية من خلال تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2654، وذلك من خلال المشاركة بحسن نية في عملية الموائد المستديرة من أجل إنهاء هذا النزاع الإقليمي”.
وختم هلال بالقول إن جنوب إفريقيا يمكن أن تدخل التاريخ من خلال الانضمام إلى ديناميات السلام، التي يقودها مجلس الأمن إلى جانب مائة بلد عبر العالم، موضحا أن هذه الأغلبية من الدول تدعم الجهود الحصرية للأمين العام للأمم المتحدة، ومبعوثه الشخصي ومجلس الأمن، وتؤيد المبادرة المغربية للحكم الذاتي باعتبارها الحل الوحيد والأوحد لهذا النزاع الإقليمي.