جاءتني ثلاث أسئلة من أخ فاضل عن الصيام خارج الأوطان؟ كذا؟ وما معنى الطقوس في الأديان؟ وأين وصلت الصحوة الإسلامية في تجلياتها العظيمة؟؟ فكان جوابي التالي:
أما الصيام في شهر رمضان خارج الأوطان فهي تجربتي من ألمانيا خاصة، ففي كثير من الأحيان صمنا في الغرب أوربا أو كندا، والعبادة لها جوها الاجتماعي، والعيد جوه بهيج، ولكننا كنا نشعر أننا ضد التيار، وفي جو مناوبات الجراحة كنا نفطر مع موعد الأفطار ولكن في قاعات العمليات، والنهار طويل، وأحيانا كان وقت الإفطار أربع ساعات، وكان الأتراك حرفيين يتقيدون بهذا الوقت فيهلكون، ونحن كنا نأخذ فتوى الخيط الأبيض من الخيط الأسود، فكان يزيد وقت الإفطار ساعات أكثر، ولكن يجب أن نعترف أن الصيام والقيام والعيد كلها مظاهر اجتماعية، وما زالت أيام الأعياد عندي من الطفولة رموزا بهيجة لسعادة غامرة.
أما في الغرب في أوروبا فكله يبهت، بل بدأنا نشعر بالسعادة في شهر ديسمبر مع قدوم أعياد الميلاد.. فهذه حقيقة يجب الاعتراف بها.. أما في الشرق فهناك جو خاص يذكر بالله واليوم الآخر وقراءة القرآن .. فمازال الشرق رغم موته الساحق وبلادته الشديدة يحافظ على بقايا من رموز محنطة مثل الفراعنة والمسلات والكتابة الهيروغليفية، حتى تستيقظ الأمة من السبات الشتوي فتصبح حياتنا همة ونشاطا وفعالية..
أما نظام العبادات:
فلكل أمة جعلنا منسكا هم ناسكوه، وكل قوم عبدوا بطريقة فصلوا وركعوا وسجدوا بما فيهم إنسان نياندرتال، فالدين سمو والعبادة رفع للإنسان من رتبة الحيوان إلى الرمز والمعنى.
والدين رائع، والمؤسسة الدينية مصيبة وضلال. ومحمد ص والمسيح لم يكن يفرق عمن حوله، واليوم رجال الدين بعمائم وقلانسة وطيالسة ومباخر وملابس ثقيلة وعصابات بألوان على الرؤوس، للضحك على العوام، وقيادة جماهير عمياء، وأعمى يقود أعمى الاثنان يقعان في الحفرة، كما جاء في الإنجيل..
والطقوس حركة، مثل قشاط (سمطة = حزام) المحرك في السيارة، إن اتصل بالدينمو شحن بالكهرباء، وإن انفصل دار مثل حمار الرحى، وهي قصة يقصها القرآن عن الحمار والكلب. والمسلمون اليوم يصلون بدون صلاة، وطقوسهم فارغة، وحجهم مهزلة ومقتلة، كما روى ذلك الفيلسوف إقبال، وليس من مكان فيه أوثان تعبد من دون الله مثل العالم العربي، وأي مطار تدخله في عواصم العربان، تطالعك صور الغربان: الآب والأبن والروح القدس، في إحياء عقيدة ماتت منذ أيام جستنيان..
أما الصحوة الإسلامية ؟؟ فما أدراك ما الصحوة الإسلامية؟
إنها تذكرني بقرآن مسيلمة عن الضفدع؟ نقي ما تنقين لا الشارب تمنعين ولا الماء تكدرين نصفك في الماء ونصفك في الطين..
ليس من صحوة بل مريض يتخبط في غيبوبة، وتشنجات عضلية مثل أي مريض خطير مسبوت في العناية المركزة..
ونحن حاليا في فترة الديكتاتوريات الظلمات، إذا أخرج أحدنا يده لم يكد يراها؟ في جيل التيه والخوف؟
نحن جيل الهولوكست الأكبر وقد يأتي من بعدنا فيترحم علينا..
والعالم العربي كله يتفسخ مثل جثة..
ونصيب البعث السوري سيلحق البعث العراقي.. فهما فردتا حذاء لبدوي جاءت قصته في خفي حنين..
وبعد الكارثة القومية البعثية يبدو أننا سندخل كارثة التعصب الإسلامي، ولذا وجب على المرء في سفينة تلوح في أفقها عاصفة البتروس البيضاء أن يستعد لكل شيء.. فيحزم نفسه للغرق العظيم في لجج كالجبال ..
ومن ينظر في مصير الصومال والعراق وسوريا ولبنان، يعرف أننا أمام مفرق طريق بين الفوضى والديكتاتورية… بكلمة أدق ليس أمامنا خيار بعد الاستبداد إلا تجرع نغب التهمام أنفاسا من تيارات الجنون الديني..فلم يولد العقل بعد.
وفي القرآن أن كل قرية معذبوها عذابا شديدا قبل يوم القيامة كان ذلك في الكتاب مسطورا..
إنها أجراس مخيفة لقوم فقدوا حاسة السمع.. مع هذا فهناك جرعة طمأنينة من القرآن أن الزبد يذهب جفاء وما ينفع الناس يمكث في الأرض..
ولننتظر ولادة الإسلام الجديدة في غير أرض العرب؟؟