آراءسياسة

إهانة الذاكرة الجزائرية من طرف الفرنسيين

فرنسا مخادعة في إنحيازها الجديد نحو دولة العسكر ولم تكن يوما دولة صديقة للجزائر

بحرقة شديدة و باستغراب شديد، عن المصير البائس للجزائر تحت جنرالات عسكر، تائهين بذاكرة للتاريخ والجغرافيا للمغرب العربي، تجازوا عقد الثمانين يسيرون ببلد إلى الهاوية.

لقد سخر الإعلامي السوري بقناة “الجزيرة” القطرية، فيصل القاسم، من جنرالات العسكر العرب الذين تجاوزوا الثمانين من عمرهم ولازالوا يتولون قيادة الجيش في بلدانهم. مضيفا :“أنظر أحيانا إلى بعض الجنرالات العرب فأراه قد تجاوز الثمانين من العمر بحيث أصبح خارجا من القبر بكفالة” مفحما الطغمة العسكرية الجزائرية متسائلا: “هل يستطيع ذلك الجنرال السيطرة على وظائفه الجسدية أولاً قبل أن يسيطر على الجيش..؟!”.

قمة الكوميديا الهزلية..النظام الجزائري يتشدق ليل نهار بشعار “مع فلسطين ظالمة أو مظلومة”
نظام يتآمر مع إثيوبيا ضد مصر
نظام يتحالف مع إيران ضد العرب
نظام يعاد يجاره العربي المغرب.
و يتحفظ الآن عن دعم جاره المغرب من أجل إسترجاع سبتة و مليلية المحتلتين؟.

أليس من العار أن يساند نظام الجزائر شرذمة من مرتزقة الحرب الباردة ضد مملكة بحجم المغرب؟

المدعو السعيد شنقريحة، رجل في أواخر الثمانين يغتصب ذاكرة مقاومي جيش التحرير الجزائري الشرفاء البواسل الذي ننحني باحترام وتقدير لأرواحهم الطاهرة الذي حرروا الجزائر من إستيطان إحلالي فرنسي، وكان المغرب ملكا وشعبا يدعم هذا الاستقلال المستحق بكل ما أوتي من قوة سياسية ودبلوماسية.

لم أكن أتصور يوما، أن رئيس أركان الجيش الجزائري الفريق أول السعيد شنقريحة، الذي قام بزيارة رسمية إلى فرنسا تلبية لدعوة من نظيره الفرنسي تييري بوركار، والتي قالت وزارة الدفاع الجزائرية في بيان إن “الزيارة تندرج في إطار تعزيز التعاون بين الجيش الوطني الشعبي والجيوش الفرنسية، و تمكن الطرفين من التباحث حول المسائل ذات الاهتمام المشترك”.. وتحمل الزيارة في طياتها دلالة لتحول إستراتيجي بشراء السلاح الفرنسي بقيمة 15 مليار دولار بدل الروسي، إذ إنها الأولى لقائد جيش جزائري إلى فرنسا منذ حوالي 17 عامًا، وتعود آخر زيارة لرئيس أركان جزائري إلى فرنسا للراحل أحمد قايد صالح في مايو/أيار 2006.

أن يصل الغباء لهذه الدرجة لرجل يرأس الجيش الجزائري بدون مستشارين تضحك عليها فرنسا بهذه الهدية المسمومة وهي عبارة عن خوذة الحرس الجمهوري الفرنسي سلاح الخيالة… بما معناه أنك لا تستحق سوى أن تكون حارسا من الحراس الأوفياء للجيش والرئيس الفرنسي.. وناطقا رسميا بحزب فرنسا بالجزائر الحرة .

هدية تنم عقلية إستعمارية، ولم تستطع أن تهضم مقولة الجنرال جوان آخر حاكم عسكري فرنسي بالجزائر وهو مطرود من ارض الجزائر العربية. قائلا “لقد هزمنا القرآن” بمعنى أن الهوية العربية الاسلامية كانت اكبر ذخيرة حية بأيدي جيش التحرير في قتالهم للقطاع المستوطنين والمغتصبات الفرنسية بالجزائر، فرنسا التي حاربت اللغة العربية بالتدريس إلى حد التجريم، والتي قال عنها وزير خارجيتها الأسبق الإبراهيمي في برنامج شاهد على العصر بالجزيرة، إن في شواطئ الجزائرية دائما هناك يافطة مكتوب عليها :” ممنوع على العرب والكلاب.”.

ها هو الرئيس ماكرون قبل زيارة السعيد شنقريحة لفرنسا  ولتأكيد الاهانة الثانية بعد إهانة الاعتذار، وبعد مضي 6 عقود يكرم الجنود الذين حاربوا الجزائر في إحتفالات الذكرى الـ60 لانتهاء حرب الجزائر بالإشادة بالجنود الذين حاربوا الجزائريين المطالبين بالاستقلال.

وقلّد 15 من قدامى المقاتلين أوسمة بينهم 11 من المجندين. وأعلن قصر الإليزيه -في بيان- أن “فرنسا تبدي امتنانها الكبير” لكل المقاتلين الذين حافظوا على “ضميرهم الجمهوري” وحملوا “وحدهم” بعد 1962 “عبء الإحساس بالذنب” حيال هذا النزاع، بخلاف أنصار “الجزائر الفرنسية” الذين إنشقوا سعيا لمنع استقلال البلاد حين أصبح محتوما، وقد إنطلقت حملة تجنيد بين 1954 و1962 شملت نحو مليون ونصف مليون مجنّد وجندي وحركيّ لخوض هذه الحرب التي إكتفت فرنسا لفترة طويلة بوصفها بـ”العملية” أو “الأحداث”.

وبدءا من 1961، وبعد فشل “إنقلاب الجزائر” الذي كان يهدف إلى إبقاء الجزائر فرنسية، إنضم عسكريون إلى “منظمة الجيش السري” التي ضاعفت الهجمات والاعتداءات سعيا لقلب مجرى التاريخ.وقد إعترفت الحكومة الفرنسية في بيانها أن هذه الأقلية “إرتكبت أعمال تعذيب، خلافا لكل قيم الجمهورية”..

فرنسا هي أكبر دولة مستعمرة بالمغرب العربي، إفتعلت أكبر مشكل بين المغرب والجزائر ثم إنسحبت تحت الخفاء وهي التي ما زالت تلعب بين الحبلين لتوتير الأوضاع بين البلدين.

فرنسا مخادعة في إنحيازها الجديد نحو دولة العسكر ولم تكن يوما دولة صديقة للجزائر، لا تعرف إلا إلى نصب الخصومات بين الإخوة الاشقاء بالتاريخ و الجغرافيا.

فرنسا هي سبب مشاكل بين المغرب والجزائر و سبب فقر إفريقيا، فرنسا ستأخذ بترول وغاز الجزائر بتسهيلات يوفرها لها نظام العصابات في الجزائر .

وهذه الهدية يمكن قراءتها في إطار السياسي لفرنسا وصعود اليمين المتطرف، ولا يمكن بأي حال من الأحوال، قراءة تصريحات باريس تجاه الجزائر خارج الإطار السياسي والظروف التي تمر بها أوروبا بشكل عام مع صعود اليمين المتطرف، خصوصا أن 80 بالمئة من اليمين الفرنسي هم من الأقدام السوداء أو أحفادهم الذين ولدوا في الجزائر، ومنهم قيادات عسكرية شاركت في حرب الجزائر. ويقودهم الحنين إلى فكرة “الجزائر فرنسية”.

وعلى هذا الأساس سعى اليمين على مدار 60 عاما من إستقلال الجزائر، لعرقلة كل أشكال المصالحة التاريخية،
وكان على السعيد شنقريحة، مواجهة الخصم الفرنسي بالأدلة، وتسمية الأسماء بمسمياتها دون مجاملة، باعتبار أن الجرائم المرتكبة خلال فترة الاستعمار هي جرائم الدولة الفرنسية ضد الإنسانية لا أن يهديك لوحة تشكيلية لخيالة جزائريين مقاومين.. وأن يحرج الجانب الفرنسي الذي يريد الفصل بين مسؤولية الدولة الفرنسية ومسؤولية النظام السياسي، والمؤسسة العسكرية الفرنسية التي كانت تحكم الجزائر من جرائمها الاستعمارية.

إن هذه الديكتاتورية العسكرية، تمارس إستبداداً خطيراً على ذاكرة شعب عربي مجيد في مقاومته للاستعمار الاستيطاني الفرنسي، بالتحكم في ترسيم حديث للكراهية مع المغرب، ثقافياً وفنياً وإجتماعياً ورياضيا.

وفرض توجهاتهم ورؤاهم المريضة على الشعب الجزائري المسالم والمحب للمغرب. وإلهائه بقضية “البوليساريو” الخاسرة، والتي من مخلفات الحرب الباردة، بدل من تقوية الإهتمام بمعركة التحرير الحقيقة وإعادة الكرامة للجزائريين، بدل زرع بذور التخلف، وإنتاج الفقر، ونشر الفساد.

يشار إلى أن السعيد شنقريحة يعتبر من العسكريين الأكثر عدوانية تجاه المغرب، إذ أنه عضو فاعل في جيل الحرس القديم بالجزائر الذي أسهم في بناء عقيدة العداء للمغرب.

و ليس بالجديد على هذا السرطان العسكري الذي ينخر الجزائر العربية، أن يتبنى موقف مشرف أصلا من المغرب والمغاربة ومن الصحراء المغربية، لا ننتظر من رئيس هذه الزمرة الحاكمة الحاقدة على الحراك الشعبي الجزائري المسالم أولا ،وثانيا على منجزات الملك المغربي محمد السادس كقائد ورائد إفريقي في بناء إستراتيجية إفريقية جديد في اطار تعاون رابح –رابح.

لقد كانت خطيئة المغرب الكبرى عدم تقديم هذا مجرم الحرب المدعو السعيد شنقريحة، إبان إعتقاله بغزو منطقة (أمغالا)المغربية سنة 1976 إلى المحاكم العسكرية المغربية المختصة، لأن المملكة المغربية عملت بمواقف و مبادئ ملوكها الأشاوس بعد تدخل العاهل السعودي الملك فهد في الوساطة لإطلاق سراحه، الذي يكنون للجزائر دولة وشعبا الاحترام والتقدير، ولا يريدون تلطيخ سمعة أمة جزائرية عربية بنكرة ثمانيني (من مخلفات معسكرات كوبا) تتطفل على العسكرية الجزائرية المحترمة التي صنعت جيش التحرير الباسل في واجهة فرنسا المستعمرة.

لقد قالها الملك الراحل الحسن الثاني : “إن المغرب في صحرائه إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها”.ولتذهب إلى الجحيم ومزبلة التاريخ، الأنظمة الجنرالاتية الجزائرية الحالية، وسنقف نحن الشعب والملك ضد كل من يريد المساس بسيادة مملكتنا الشريفة، ويلعب بأمن وإستقرار بلادنا.

https://anbaaexpress.ma/dqbrz

عبدالله الحيمر

كاتب وناقد ومفكر مغربي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى