آراءمجتمع

هل كان بالإمكان لأحد أن يوقف مذبحة الأرمن؟

يوم خزي للجنس البشري وليس الوحيد

بدأت الضربة الكبرى بقطع الرأس الأرمني في تركيا في 24 أبريل 1915، حيث تم إعتقال زبدة الأرمن من مفكر وصحفي وسياسي وبنكي والقضاء عليهم في ليلة واحدة، ثم بدأت المجزرة فحصدت أكثر من مليون إنسان أرمني فلم يبق منهم مخبر، وبقاياهم تعيش اليوم في الدياسبورا.

أما من كان يمكنه إيقاف المذبحة فهم الألمان؟ فالألمان كانوا خلف تحديث الجيش التركي على نحو مبكر، وكان يخدم منهم في الجيش التركي 800 ضابط وآلاف الجنود، وينقل عن السفير الألماني في القسطنطينية (باول جراف فولف ميترنيخ Paul Graf Wolff Metternich) قوله: إن ما يحققه الأتراك هو ما علمناهم، فالعمل عملنا، والمدفعية مدفعيتنا، والمال مالنا” وهذا “الضفدع التركي المترهل المنتفخ سينفقع لولا ما نفعله له”.

وفي المخاطبة التي تمت بين السفير والمستشار الألماني وقتها (ثيوبولد فون بيثمان هولفيج) أن تتدخل حكومة القيصر فيلهلم الثاني عند الحكومة التركية في وضع حد للمجازر؟ كان جواب المستشار الألماني:” إن هدفنا هو ابقاء الحكومة التركية إلى جانبنا حتى نهاية الحرب، ولا يعنينا أمر الأرمن كثيرا ماتوا ام عاشوا؟”.

وتنقل مجلة المرآة وقائع مروعة عن شهود موثوقين، جمعها الكاتب (فولفجانج جوتس Wolfgang Gust) في كتاب جديد ظهر إلى السوق بعنوان (إبادة الشعب الأرمني بين عامي 1915 \1916 ‘Der Voelkermord an den Armeniern) وهو باللغة الألمانية وينقل في 676 صفحة عن وثائق الخارجية الألمانية من تلك الأيام ما يسبب حرجا بالغا لحكومة أنقرة حول المسألة الأرمنية التي تثار بين الحين والآخر.

ومن الشهادات التي تدفقت عما يجري شهادة القنصل الألماني (فيلهلم ليتن Wilhelm Litten) في الموصل في صور تذكر بفظاعات البوسنة وراوندا، من أنهار ملأتها جثث طافية، وحفر ملأتها أجداث عفنة، وعظام متناثرة على طول الطرق التي مشت فيها طوابير الموت، وحين يسأل وزير الثقافة التركي عما حدث على موقعه الإلكتروني يكون جوابه:” إنها العملية الأنجح في نقل الشعوب من مكان لآخر” ومن مات كانوا عجائز مرضى، تماما كما زعم ستالين في إقتلاع كامل شعب الشيشان من أرضه، أو نبوخذ نصر الشعب اليهودي من فلسطين.

وكذلك شهادة رجل كان يعمل في سكة حديد برلين ـ بغداد هو (سبيكر Spieker) الذي أرسل إلى القنصل الألماني في حلب يطلعه على الفظائع أنه تم دفع 1800 أرمني من نساء وأطفال وقليل من الرجال، حيث كان الرجال يقتلون خارج قراهم، وفي قرية (بيسنيه Besniye) أخبروا أنهم سيرحلون إلى (أورفا) إلا أنهم قريبا من قرية (جوكسو Goeksu) أمروا بخلع ملابسهم ثم قتلوا جميعاً وألقيت جثثهم في النهر.

إلا أن النازيين إختلفوا عن القوميين الأتراك بأنهم لم يكونوا يبقون أحدا من طفل رضيع أو إمرأة حامل، أما القوميون الأتراك فكانوا يبقون على النساء والأطفال فيوزعون بين القبائل.

بقي أن نتحدث في النهاية عما حدث لعصابة طلعت وأنور فقد إختفوا، وحين حكمت المحاكم التركية 17 شخصا بالإعدام لم يشنق فأر، فقد تمكنوا من الفرار إلى العاصمة الألمانية، وهناك من عاد وأصبح وزيرا، كما هو حال العالم العربي.

وأما طلعت المجرم الذي أسر إلى الكاتب التركي (أديب أديفار Edip Adivar) أنه لن يردعه شيء عن تطبيق أفكاره ولو مات في سبيلها، ثم أردف: ويعتريني الشعور أنني سوف أقتل من أجل هذا؟ وهذا الذي حدث فقد صدق توقعه، فقد تعقبه شاب أرمني موتور فقتله بالرصاص في شارع (هاردنبيرج Hardenbergstreasse) في برلين حيث كان مخبأه.
وممن شهد محاكمة هذا الشاب طالب حقوق هو (روبرت كيمبنر Robert Kempner) لفت نظره في حيثيات الدفاع استخدام جملة (تدخل الدول الخارجية لمنع قتل الشعوب دون المساس بالشئون الداخلية للدولة المعنية).

وهذا الشاب هرب إلى أمريكا من النازية ولكنه عاد لاحقاً ليكون عام 1945م نائبا للدفاع العام الأمريكي في محاكمات مجرمي الحرب النازيين في نورمبرغ، أما النازيون الأتراك فأمامهم محكمة رب العالمين يوم يقوم الناس لرب العالمين.

https://anbaaexpress.ma/1kabs

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى