الشرق الأوسطدوليسياسة

تحليل.. دور الأزمة الأوكرانية في تسليط الضوء على دول مجلس التعاون الخليجي

في ظل الأزمات التي يشهدها العالم في السنوات الأخيرة ازداد تأثير دول مجلس التعاون الخليجي (السعودية والبحرين وقطر وسلطنة عمان والإمارات والكويت) على المسرح الدولي. وللأزمة الأوكرانية الروسية دور كبير في تسليط الضوء على منطقة الخليج، نظرا لأهميتها في المحافظة على توازن سوق النفط العالمي وضمان استقرار أمن الطاقة عالمياً.

ولعلها من بين الأسباب التي دفعت الرئيس الأمريكي جو بايدن وقادة غربيون آخرون يتوددون إلى ولي عهد المملكة العربية السعودية الأمير محمد بن سلمان، وإلى أعضاء مجلس التعاون الخليجي للمساعدة في مواجهة تحديات الطاقة في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا.

مكنت أزمة الطاقة الحالية التي يشهدها العالم في إبراز دور دول مجلس التعاون الخليجي كمصدر للغاز والنفط وبديل للدول التي خضعت لحظر التصدير، مما يؤهلها إلى تعزيز مكانتها الدولية واقتناص فرصة تحقيق مراكز ومصالح متقدمة في ظل التحولات الكبيرة الراهنة على عدة مستويات، ولا شك انه يزيد من ثقلها في الساحة الدولية، ويزيد من تأثيرها في مجريات الأحداث عالمياً.

الزيارة التي قام بها الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى الرياض، وما تلا ذلك من عقد قمم والمصادقة على اتفاقيات شراكة بين البلدين، ومدى تعاون المملكة العربية السعودية وروسيا في سياسات الطاقة على خلفية الحفاظ على موقف محايد نسبيًا من حرب أوكرانيا، كل ذلك أظهر مدى تصميم الرياض على تأكيد الاستقلال الذاتي عن واشنطن.

لا شك أن علاقات التحالف مع الولايات المتحدة أسهمت بشكل كبير في تعزيز جهود دول الخليج لضمان الأمن والاستقرار الإقليميين، ولكن مع تراجع الدور الأمريكي الذي صاحبه ضعف في التزامات التحالف، فإن هناك حاجة ماسة إلى تنويع العلاقات بل والتحالفات العسكرية أيضاً، خاصة مع الدول الصاعدة كالصين وروسيا، فإستراتيجية الاعتماد على حليف واحد في عالم يتجه نحو تعددية قطبية تبدو غير عملية، كما أن الاعتماد على قوى خارجية لضمان الأمن والاستقرار الإقليميين أثبت أنه غير فعال دائماً؛ ولهذا فإن هناك حاجة إلى مقاربات أكثر استقلالية وفعّالية.

وقد ساعدت عدة عوامل كالموقع الجغرافي والقوة النفطية دول الخليج العربي على أن يكون لها دور فاعل في توازن النظام الدولي، كما أعطتها أهمية ضمن النظام الاقتصادي والنقدي الدولي، وارتفعت أهمية دول المنطقة لدى أنظمة الدول الاشتراكية والرأسمالية، وهذا الثقل الدولي جعلها ضمن أهم مراكز صراعات القوى الكبرى من أجل النفوذ والامتيازات.

غير أن ذلك لم يمنع من امتلاك دول الخليج العربية للقدرة على امتلاك استقلالية القرار، بل والقدرة على الضغط على القوى الكبرى في بعض الحالات لتحقيق مكاسب سياسية لها وللدول العربية.

https://anbaaexpress.ma/n63j2

محسن المساوي

باحث في الشؤون السياسية والعلاقات الدولية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى