تستمر الحرب الروسية الأوكرانية التي بدأت في 24 فبراير 2021 وتقترب من العام حيث يطرح تساؤل مفاده من المستفيد من هذا الصراع بين البلدين الجارين الذين كان يشكلان “الإتحاد السوفياتي السابق”.
بطبيعة الحال تدخل الولايات المتحدة الأمريكية والناتو ودول الإتحاد الأوروبي في الصراع، كرافض للعملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، وبسرعة تداعت لتقديم الدعم العسكري والسياسي لأوكرانيا.
وفرضت عقوبات كبيرة على روسيا والتي شملت قطاع الطاقة وإجراءات إقتصادية ومالية سياسية، وقد الحقت هذه العقوبات خسائر كبيرة، امتدت أثارها وتداعياتها على دول العالم.. طالت إنتاج القمح والطاقة.
بل إزدادت المخاوف من اتساع رقعة الحرب على الدول الأوروبية في ظل الأزمة الإقتصادية العالمية، وفي إطار المصالح الدولية يبرز تساؤل عن الأسباب التي أدت للتدخل الروسي ؟ و المستفيد من هذا الصراع الدولي ؟!
قال الصحفي، فهيم الصوراني: هناك معادلة متبادلة بين أوكرانيا والمنظومة بقيادة الولايات المتحدة.
وحقيقة الأمور، هناك مشاكل مباشرة بين أمريكا وروسيا في موضوع الضمانات الأمنية التي كانت تطلبها روسيا على مدار سنوات طويلة ولم يتم التجاوب معها وتجاهلها، بل زاد سقف الإستفزازات إلى العلاقات الأمريكية الروسية وتحديدا موضوع الأسلحة الإستراتيجية.
وخصوصا بعد إنسحاب أمريكا من هذه الإتفاقية، مما جعل روسيا تتصرف بالمثل !، لكن فيما يخص موضوع أوكرانيا نلفت الإنتباه لمسائلتين :
هناك إضطهاد المواطنيين الروس في “دونباس” بشكل أساسي، و الحملة ضد الثقافة الروسية متجدر في أوكرانيا لأسباب تاريخية.
بالإضافة إلى أن أوكرانيا لعبت دور من يريد أن يؤثر على الحديقة الخلفية ان صح الوصف لروسيا المتمثلة بأقامة قواعد غربية..، والحصول على أسلحة غربية وهذا الأمر تراه روسيا خطر عليه ولايمكن التفاهم معه وهو متعارف عليه في العلاقات الدولية !
أما الصحفي نبيل شوفان: يرى بأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين شعر بفائض القوة لأن المفاوضات كانت جارية برعاية الرئيس الفرنسي ماكرون بين أوكرانيا وروسيا بمشاركة المستشار الألمانية السابقة ” أنجيلا ميركل ” كوسيط في هذه المحادث وتم توقيع إتفاقية “مينسيك” وكان هناك نقاشات حول تطبيقها.
ويبدو أن الرئيس بوتين الذي أكد في عدة مناسبات للرئيس ماكرون بأنه لن يغزو أوكرانيا، استعجل في قراره شن الحرب حيث كان بأمكان روسيا الحصول على الضمانات بدون هذه الحرب خصوصا بأن الخسارة كبيرة لكل الأطراف حتي الدول التي تدعم أوكرانيا بالسلاح بعد عشر أشهر من الغزو الروسي.
وأعتقد نحن أمام تحالفين عالميا، الأول هو الغربي الديمقراطي، والتحالف الثاني هو الشرقي الإشتراكي الكلاسيكي المعروف والذي يضم الصين وروسيا وإيران، ومن الواضح بأن التحالف الغربي أقوى لأنه تحالف هواياتي يضم قيم الديمقراطية و الحرية.
وقد سمعنا الرئيس الروسي في أكثر من مناسبة يدعو لتغيير النظام العالمي و العبور لعالم متعدد الأقطاب وأتوقع أن ذلك لن يحصل قريبا لأن روسيا ضعيفة وأن الولايات المتحدة لازالت القوة الأكثر تأثيرا في العالم وتضم تحالف قوي يضم دول قوية!!
في المقابل يرى بعض المحللون بأن السياسات الأمريكية تعتمد على خلق الأزمات في العالم من أجل الحفاظ على تفوقها الإستراتيجي، من خلال دعم الحروب.
فبعد إنتهاء الحرب الباردة و إنهيار الإتحاد السوفياتي..، دخلت أفغانستان بحجة محاربة الإسلام المتشدد حليفها السابق لمواجهة الإتحاد السوفياتي بمايعرف تنظيم القاعدة، ومانتج عنها من إعتداءات 11 سبتتمبر 2001 .
وجاءت الحرب الروسية الأوكرانية في إطار الإستراتيجية الأمريكية التي تعتبر الصين وروسيا أهم خطر على عليها.
وقد تغاضت عن التحركات الروسية في جورجيا وجزيرة القرم وأخيرا تسخير الرئيس الأوكراني زيلنسكي لازعاج روسيا من خلال طلب الإنضمام لحلف الناتو في تناقض مع بتروكول “مينسيك” 2014.
وبعد محاولات روسيا لثني الرئيس الأوكراني عن سياسته التي تضرر بأمن ومصالح روسيا، وهذا ما عملت عليها الولايات المتحدة الأمريكية.
وحول إمكانية إنهاء الحرب فقد صدرت تصريحات مختلفة لإجراء مفاوضات وعلى أى أساس.
روسيا ضمت مناطق تعتبرها جزء من أراضيها، أوكرانيا تطالب بأنسحاب القوات الروسية كامل من أراضيها، وهذا اشترطته الولايات المتحدة وحلفائها.
في هذا السياق يرى الصحفي، فهيم الصوراني، بأنها مسألة معقدة جدا، ومن سوف يتأخذ القرار بوقف الحرب، فالكل معني بأستمرار والكل مستفيد، ولا أتوقع ابدا نهاية قريبة لأن سقف المطالب لدى كافة الأطراف مرتفعة.
فالولايات المتحدة تريد إرهاق البلدين وهذا يذكرنا بالحرب العراقية الإيرانية، وعندى أى نقطة سوف توقف الحرب، هل ستخلي روسيا عن المناطق الخمس التي ضمتها وهذا لن تقبله روسيا.
وأمام هذه الأوضاع والدعم العسكري الذي حصلت عليه أوكرانيا من أسلحة متطورة مما يشير إلى أن الحرب سوف تستمر مادامت إستراتيجية أمريكا، لانهاك روسيا والتي لم تتأثر اقتصاديا على الرغم من العقوبات في المدى القريب !
وقد حققت روسيا بعضا من أهدافها بعدما ضمت خمس مناطق، وتعول على احداث انقسام سياسي داخل الإتحاد الاوروبي في ظل الأزمة الاقتصادية وأهمها في الطاقة مع حلول فصل الشتاء، بالإضافة للمخاطر الأمنية على النظام العالمي في ظل تقرير صندوق النقد الدولى ومخاوف التضخم والركود الإقتصادي.
الناشط السياسي، محمد يونس سليم: يقول بأن الولايات المتحدة تبحث عن حل سريع ومحاولات أوكرانيا الأخيرة للسلام مجرد مناورات، روسيا تدير اللعبة بذكاء والشتاء دخل وسوف تتضرر أوروبا، ولن تزود أمريكا أوكرانيا بصواريخ باتريوت وهم يعرفون ذلك، ونعتقد بأن روسيا تعول على قيام قطب دولى بالتحالف مع الصين لإنهاء القطب الواحد.
وقد انعقدت القمة الروسية الصينية عبر الفيديو لتعزيز التعاون العسكري بين البلدين في إطار الشراكة، كما وصفها الرئيس بوتين بقوله، “علاقاتهما تمثل نموذجا في القرن الحادي والعشرين”.
ورد الرئيس الصيني “شى جين بينغ” سوف نواصل التعاون الإستراتيجي في جميع المجالات الإقتصادية والتجارة في ظل الشراكة بين البلدين.
وقد أعربت وزارة الخارجية الأمريكية عن قلقها من تحالف الصين مع روسيا واصطفاف الصين مع روسيا.
وتأتي هذه القمة في ظل التوتر بين الصين وأمريكا بسبب تايوان التي تعتبرها الصين جزء منها، ونعتقد بأنه من الصعب التنبؤ بمستقبل العالم في ظل التوترات التي تنتهجها الولايات المتحدة الأمريكية، في ظل السعي لتأسيس حلف جديد !!