قالت مجلة “جون أفريك” الفرنسية، إن شراء المغرب الأخير معدات عسكرية من الشركة المصنعة الهندية “تاتا” يؤكد على قوة الشراكة بين الرباط ونيودلهي والتي استمرت تعززت منذ بداية عهد الملك محمد السادس.
وأضافت المجلة أن المغرب، الحليف التاريخي والصديق لدول أوروبا الغربية مثل فرنسا وإسبانيا، مصمم الآن على عدم وضع كل بيضه في سلة واحدة. ويشهد على ذلك انتشار الشراكات الاقتصادية والعسكرية والتكنولوجية والثقافية مع العديد من البلدان مثل الولايات المتحدة وإسرائيل والصين والمملكة المتحدة وروسيا.
أحدث هذه الشركات، تتابع “جون أفريك”، تتعلق بشراء القوات المسلحة الملكية (FAR) لـ90 شاحنة LPTA 2445 6 × 6 (تستخدم لنقل المعدات والذخيرة والقوات، وأيضا كسلاح بفضل قاذفات الصواريخ التي يمكن تركيبها عليها) من الشركة المصنعة الهندية Tata Advance Systems، الأمر الذي يؤكد أن تنوع الشركاء بات عقيدة دبلوماسية جديدة في المملكة.
وتنقل المجلة الفرنسية عن باحث مغربي في العلوم السياسية، لم تذكر اسمه، قوله إن “المقاربة المغربية هذه تسمح للمغرب بألا يكون أسيراً لحلفائه التقليديين، وتُظهر أنه بلد براغماتي ومنفتح على جميع الحساسيات طالما تتلاقى المصالح”.
وأضاف الباحث أنه لا ينبغي اعتبار هذه الصفقة من المعدات العسكرية الهندية عملا منفردا، بل هي “جزء من إطار أكبر، وهو تعزيز العلاقة المتميزة بين الرباط ونيودلهي”.
وذكّرت “جون أفريك” بالتدريبات المشتركة التي أجرتها البحرية الهندية والبحرية الملكية المغربية في يوليو الماضي قبالة الدار البيضاء بهدف ممارسة التنسيق بين البلدين.
المغرب، الحليف التاريخي والصديق لدول أوروبا الغربية، مصمم الآن على عدم وضع كل بيضه في سلة واحدة، الأمر الذي يؤكد أن تنوع الشركاء بات عقيدة دبلوماسية جديدة في المملكة.
ومضت المجلة إلى التوضيح أن هذا التفاهم بين المغرب والهند يترجم بالعديد من الاتفاقات الاستراتيجية الموقعة في عام 2019 في مجال التعاون الأمني ومكافحة الإرهاب والصناعة والتنمية المستدامة وبناء مساكن اجتماعية، وأيضا التكنولوجيات الجديدة، دون أن ننسى الصحة والسلامة الغذائية.
ففي سياق دولي مهدد بشكل متزايد باحتمال حدوث أزمة غذائية، فإن المغرب، من خلال مكتب الشريف للفوسفات (OCP) الذي يمتلك ما يقرب من 70 في المئة من احتياطيات العالم من هذا المعدن المهم لتصنيع الأسمدة، هو الشريك المفضل بالنسبة للهند، التي يتعين عليها إطعام 1.4 مليار شخص، كما يؤكد الباحث السياسي المغربي.
يخطط وزير الصحة الهندي، المسؤول عن المنتجات الكيماوية، للتوجه إلى الرباط يومي 13 و14 يناير، للتوقيع على شراكات جديدة لتوريد الأسمدة، ومناقشة إمكانية صناعة فوسفات ثنائي الأمونيوم ( DAP) ومصانع إنتاج النيتروجين والفوسفور والبوتاسيوم (NPK) في المملكة، فقد أدى توقف إمدادات فوسفات الأمونيوم الثنائي من الصين منذ بدء الصراع في أوكرانيا، إلى ارتفاع أسعار الأسمدة والمواد الخام المستخدمة في تصنيعها مثل البوتاس، الذي تعد روسيا منتجا رئيسيا له.
وبعيدا عن هذه الاتفاقيات التي تمليها أحيانا قيود الأخبار، فإن التفاهم الجيد بين المغرب والهند لا يعود تاريخه إلى اليوم، كما تقول “جون أفريك”، موضحة أن العلاقة بينهما شهدت منعطفا كبيرا في فبراير 2000، عندما سحبت الهند، عقب زيارة رئيس الوزراء المغربي في ذلك الوقت، عبد الرحمن اليوسفي، اعترافها بالجمهورية الصحراوية العربية الديمقراطية، “كان اليوسفي يتمتع بهالة غير عادية وتعاطف مع الهنود، كشخصية تاريخية لليسار والاستقلال”.
فقد اعتمد الرئيس السابق للحكومة المغربية على شبكته الكبيرة في الدوائر الاشتراكية الديموقراطية الهندية، الموالية تقليديا للبوليساريو، للترويج للقضية المغربية. منذ ذلك الحين، لم تتوقف الهند عن دعم موقف المغرب بشأن قضية الصحراء.
وهو ما لم يغب عن خطاب محمد السادس في نيودلهي عام 2015، عندما قال: “نعرب عن تقديرنا للموقف البناء لجمهورية الهند بشأن قضية الصحراء المغربية، ودعمها لعملية الأمم المتحدة المكرسة لتسوية قضية الصحراء المغربية”.
القدس العربي اللندنية