يُضاف الحظر الجديد إلى قائمة طويلة من القيود المفروضة على النساء منذ تولي المتشددون الإسلاميون السلطة في غشت 2021 في كثير من الحالات، لم يعد يُسمح للنساء بالعودة إلى وظائفهن، ثم مُنعن من ركوب سيارات الأجرة بمفردهن، ومُنعت الفتيات من الذهاب إلى المدرسة بداية من الصف السابع، وفي كابول على سبيل المثال أصبحت منذ بضعة أشهر زيارة الحدائق العامة واستوديوهات اللياقة البدنية من المحظورات على النساء.
ومع ذلك فإن الناشطات حول جوليا بارسي لا يردن أن يتم تحجيمهن، لذلك ينظمن على نحو متكرر احتجاجات ضد الحكومة والقيود التي تفرضها طالبان، تقول بارسي في مكتبتها، بين كتب الأطفال الملونة والعديد من كلاسيكيات الأدب الأفغاني: “أريد أن أنقل صوت المرأة الأفغانية إلى العالم الخارجي”.
وعلى غرار إيران، فإن الاحتجاجات ضد من هم في السلطة في أفغانستان لها وجه أنثوي، شعار الاحتجاجات للإيرانيات والكرديات “المرأة، الحياة، الحرية”، يقابله بالنسبة للأفغانيات “الخبز، العمل، الحرية”، هذا الشعار الاحتجاجي يدفعهن باستمرار إلى شوارع كابول أو هرات أو مزار شريف، تقول بارسي: “مع كل قيد جديد على النساء، نخرج مرة أخرى”، مضيفة أنه حتى الضرب والتهديد والاعتقالات لم تتمكن من إيقاف المتظاهرات.
وتمثل القيود الواسعة التي فرضتها حركة طالبان على النساء العاملات على وجه الخصوص مشكلات كبيرة للعديد من الأفغانيات، مثل مينا، التي تضطر لرعاية أطفالها بمفردها منذ وفاة زوجها كجندي في الحرب. في ورشة للناشطة الأفغانية ليلى حيدري، وجدت مينا البالغة من العمر 35 عاماً سبيلاً لرعاية أسرتها.
وفي غرب كابول أقامت حيدري، التي أغلقت طالبان مطعمها الشهير، معهداً تتعلم فيه النساء صناعة الملابس والمجوهرات. وبهذه الطريقة يمكنهن كسب دخل بعد ذلك. في المعهد تقدم حيدري أيضاً دورات في مواضيع مثل اللغة الإنجليزية والرياضيات والبرمجة.
ولا يعتبر ذلك أمراً غير المعتاد فهناك عدد ليس بقليل من المدارس الخاصة تواصل تعليم الفتيات.
وجدت نساء أخريات واحدة من الفرص القليلة لكسب العيش عبر العمل لصالح طالبان.
عندما قررت شيستا أن تصبح ضابطة شرطة، تعامل زوجها مع الأمر بتشكك في البداية.
تقول الشابة البالغ من العمر 23 عاماً داخل فصل بسيط في أكاديمية الشرطة في شرق كابول: “لكنه الآن يدعمني”، تُدرب طالبان هنا حوالي 500 شرطية. تغطين المتدربات شعرهن بغطاء للرأس وفمهن وأنفهن بقناع. في الغرفة المخصصة لتدريبات إطلاق النار توجد على الطاولة عدة بنادق من طراز “AK-47”.
وبسبب الفصل السائد بين الجنسين، لا تزال هناك حاجة إلى شرطيات عند تفتيش نساء أخريات أو تفتيش منازل على سبيل المثال.
جميع النساء هنا تقريباً مُعيلَات رئيسيات لأسرهن، وبعضهن يخبئن على محيطهن أنهن يعملن. في الفناء يوجد ملعب، حيث يمكن لأطفال متدربات الشرطة اللعب. تقول شايستا: “أريد أن تتاح للنساء فرصة أن يلجأن لشرطيات إذا تعرضن للعنف في المنزل، على سبيل المثال”. تدرك الشرطيات أنهن قد يضطررن أيضاً إلى استخدام العنف ضد نساء أخريات، على سبيل المثال أثناء المظاهرات.
ولن تلوح في الأفق نهاية لاحتجاجات النساء في أي وقت قريب. تقول علياء ويسي، وهي ناشطة حقوقية شابة من باميان في وسط أفغانستان: “بالنسبة لي الجلوس بلا حراك ليس خياراً”، وحتى بعد حظر الالتحاق بالجامعات الذي فُرض الآن على النساء، لا تزال الاحتجاجات تتصاعد. كما رفض الطلاب الذكور في جامعة واحدة على الأقل أداء امتحاناتهم تضامناً مع النساء.
وكل خطوة نحو الحرية والتعليم يمكن أن تكلف النساء في هذا البلد ثمناً باهظاً – وأحياناً حياتهن – أيضاً بسبب خطر الإرهاب المستمر. عندما فجر قاتل نفسه في منطقة دشت برجي في كابول في سبتمبر الماضي، كان أكثر من 50 قتيلاً من النساء الشابات، اللاتي كن يستعددن لامتحان القبول بالجامعة معاً في مؤسسة تعليمية خاصة. تتذكر عائلة هاجر، التي لم تعد أبداً من الدورة التدريبية، مثل ابنة عمها مارسيا: “لقد كانت متحمسة للغاية بشأن الامتحان”.
ونجت فاطمة أميري من الهجوم بإصابات خطيرة وفقدت عينها اليسرى. تتذكر فاطمة قائلة: “كنت أختبئ تحت المكتب… عندما فتحت عيني، كانت يداي مغطاة بالدماء وكان هناك قتلى من حولي”. على الرغم من الأحداث المروعة، اجتازت فاطمة امتحان القبول التالي للجامعة – وحصلت على أعلى الدرجات.
وبفضل حملة جمع تبرعات للمغني الأفغاني الشهير فرهاد داريا، يمكن لفاطمة الآن علاج إصاباتها في تركيا.
تصمم فاطمة على العودة إلى أفغانستان، حتى لو واصلت تعليمها في الخارج، حيث قالت: “أنا على قناعة بأنه في يوم من الأيام ستحل أوقات أفضل مرة أخرى في أفغانستان”.
تقرير لوكالة الأنباء الألمانية dpr