يشهد العالم تغييرات إستراتيجية وتحالفات جديدة مابعد إنتهاء الحرب الباردة، والتنافس الإيديولوجي السياسي والإقتصادي، بإنهيار جزء من الشيوعية التي كان يمثلها الإتحاد السوفياتي.
وبقت الصين الشعبية الشيوعية في إطار من جمهورية إشتراكية يحكمها الحزب الواحد.
النظام الإقتصادي الصيني هو مزيج من الإشتراكية والرأسمالية يسمى إقتصاد السوق الإشتراكي، وبذلك تسيطر الدولة على وسائل الإنتاج في البلاد.
بعد وصول الحزب الشيوعي للحكم في عام 1949، تميزت العلاقات الصينية العربية ودعمت الصين حركات التحرر في العالم وتحديدا العالم العربي.
وتبني سياسة واضحة في مؤتمر باندونج عام 1955، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية بالسلاح والمواقف السياسية، ورد على الموقف العربي الذي دعم الصين لإستعادة مقعدها الدائم في مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة في 1971، الذي، كانت تشغله تايوان.
إقتصاديا ركزت الصين على التعاون مع الدول العربية وأصبحت أكبر شريك تجارى.
أما التعاون العسكري لم يصل لمستويات لمنافسة الدول البارزة في إنتاج السلاح، والتي تحتكر سوق السلاح كأمريكا أو روسيا أو لدول الأوربية، لأن سلاحها روسي.
القمم العربية الصينية في السعودية
تحتض السعودية الدولة الأكبر في المنطقة العربية والتي ترتبط بعلاقات قوية مع الصين منذ إقامة علاقات دبلوماسية في يوليو 1990.
كما ورد ثلاثة قمم أولها مع قادة ” 30 ” دولة عربية، وقمة مع قادة مجلس التعاون الخليجي.
القمة السعودية – الصينية
القمة السعودية الصينية والتي ينتظر منها توقيع العديد من الإتفاقات وتعزيز الشراكة بين البلدين، ويشير تقرير صادر عن إتحاد الغرف السعودية أن حجم التبادل التجاري بين السعودية والصين بلغ 1.2 ترليون ريال سعودي خلال السنوات الخمس الماضية ( 2017 -2021 ).
ونعتقد بأن القمة السعودية الصينية هي تسعى للتكامل الإقتصادي.. لأنهما يملكان الأسس القوية والمتينة التي تأسست عليها العلاقة التاريخية و الإستراتيجية بين البلدين.
وفي ظل التوتر بين السعودية وحليفتها الولايات المتحدة الأمريكية حول عدة ملفات أهمها ملف الطاقة الذي تتخذه لمحاصرة روسيا الاتحادية .
وفي إطار توجهاتهما لتنويع العلاقات والتحالفات الجديدة والتي تنبي بضرورة بروز قطب جديد يتوافق مع المتغييرات والصراعات التي يشهدها العالم بطبيعة الحال.
في هذا السياق تفرض هذا المتغيرات المتسارعة للإنفتاح الدول الكبرى على كيانات جديدة وضرورة في إطار التنافس القديم بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين وروسيا والإتحاد الأوروبي، وأن يتوجهوا نحو أفريقيا والمنطقة العربية وشمال أفريقيا.
والتنافس الحالي بين المجموعات والمنتديات الإقتصادية الدولية المنتشرة في مختلف قارات وتشترك فيها الدول وفق مصالحها وعلاقتها السياسية.
القمة الصينية العربية
وتبقي العلاقات الصينية ببقية الدول العربية وفق ظروف كل دولة السياسية والاقتصادية، وتمثل المبادلات التجارية الصينية مع 22 دولة عربية مالا يتجاوز 36.7 مليار دولار في 2004، لترتفع في 2012 إلى 200 مليار دولار، ثم تقفز في 2021 إلى 330 مليار دولار.وفي 2004، تم إنشاء منتدى التعاون الصيني العربي.
وقد جاءت هذه القمة تنفيذا لذلك كأول قمة عربية صينية في السعودية.
القمة الصينية الخليجية
التعاون الخليجي – الصيني يمتد لسنوات حيث تعد الصين الشريك التجاري الأول لدول الخليجي العربي، بخلاف التعاون مع بين الدول العربية، بسبب عدة عوامل أهمها الإستقرار الذي تعيش الدول الخليجية الغنية و الثروات البترولية .
وقد أنهت القمم الثلاث العربية – الصينية أعمالها فيما يتعلق بالعلاقات السعودية الصينية على العمل المشترك في إطار الشراكة الاستراتيجية والتزام السعودية بوحدة الصين، مما لا يعجب الولايات المتحدة الأمريكية التي تدعم تايوان ويزيد من التوتر العلاقات بين السعودية وامريكا.
ودعم الصين للسعودية للحفاظ على أمنها وإستقرارها، وتطوير التعاون في مجال النفط والمحافظة على إستقرار سوق الطاقة وتطوير التعاون في مجال الدفاع.
وكذلك الحال في القمة الخليجية الصينية والقمة العربية، التي نصت لتعزيز التعاون والشراكة الإستراتيجية والتنسيق في القضايا الدولية، والمحافظة على السلم والأمن الدوليين في إطار ميثاق الأمم المتحدة، والامتناع عن إستعمال القوة، والتهديد والشؤون الداخلية للدول ودعم الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وإقامة دولته على حدود 1967، وعاصمته القدس الشرقية والالتزام بالقرارات الدولية ذات الشأن.
ودعا البيان إلى ضرورة الحفاظ على وحدة وسيادة ليبيا وسوريا واليمن.
ماهي نتائج المنتظرة من القمم الثلاثة
نعتقد بأن السياسة الصينية الناعمة والتي تعتمد على الجانب الاقتصادي في تعزيز مصالحها الإستراتيجية وإنتهاجها سياسة عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول وإحترام سيادتها، وسهولة دعمها لبرامج التنمية في الدول النامية والتي لمستها شعوب تلك الدول بكل وضوح.
وهذا مايميزها عن السياسة الأمريكية وإزدواجية المعايير وربطها بالجانب الإقتصادي وسياسيات الدعم والاقراض والتدخل في شؤون الدول تحت مسميات حقوق الإنسان والديمقراطية.
مما جعلها سياسات مستهلكة وأصبحت الشعوب ترفضها ولعل دورها في المنطقة العربية ودعمها اللا محدود لإسرائيل على حساب الشعب الفلسطيني .
وبذلك فقدت دورها كراعي للعملية السلام في المنطقة وقد إستطاعت المملكة العربية السعودية إثبات قوتها الإقتصادية ومكانتها ودورها في المنطقة العربية، واعلانها عن برنامج إقتصادي شاملة بما يعرف”رؤية المملكة 2030″، لإيجاد بدائل أخرى عن الإعتماد على الثروة النفطية.
والانفتاح على الكيانات الإقتصادية وفي مقدمتها الصين الشعبية، وروسيا الاتحادية، في تغيير الإستراتيجية للمتغيرات التي يشهدها العالم بعدما كانت تعتمد على الولايات المتحدة الأمريكية كشريك وحليف إستراتيجيي
وسوف يشهد العالم إشتداد التنافس الإقتصادي بين الصين والولايات المتحدة التي ترى في الصين الشعبية الخطر الأول بسبب الصعود المتزايد للتطور التكنولوجي والتوقعات بأن تصبح أضخم إقتصاد في العالم بحلول عام 2030.
وقيادتها لقطب جديد بالتحالف مع روسيا الاتحادية والتي تحاول أمريكا إشغالها في حرب أوكرانيا.
بالإضافة إلى أن الولايات المتحدة لا تستطيع البقاء دون وجود عدو إستراتيجي للحفاظ على بقاءها كدولة قوية تقود العالم وتفرض سياستها عليه.