تتمة..
ما يزال سؤال الحقيقة بعيداً عن الضوء ما إذا كانت نتائج الطفولة المعاصرة هي بسبب تجاهل متعمد أو تقصير بالاهتمام في الطفولة من قبل العديد من الحكومات والتي لا تُعتبرها أولوية مقارنة في مايتم انفاقه على وزارات الدفاع مقابلة ما تنفقه على التعليم.
في ديسمبر 2021 وافق مجلس النواب الأمريكي على ميزانية الدفاع للعام, الحالي الذي يوشك على الانتهاء بقيمة 770مليار دولار وفق قناة سي إس بي أي إن الأمريكية.
فيما بلغت حصة التعليم 102,8مليار دولار، وفي الجزائر قدرت ميزانية وزارة الدفاع للعام القادم 2023 بأكثر من 22 مليار دولار بينما قطاع التعليم بلغ 8,5 مليار دولار.
وعلى نحو المتابعة والتدقيق من خلال مصادر الحكومات الرسمية والمؤسسات الصحفية ذات التخصص تتحدث إن الانفاق على قطاع الدفاع في العالم العربي والإسلامي دائمًا يتفوق في على قطاع التعليم هذا إذ ما أخذنا بعين الاعتبار أن غياب الشفافية المالية لكثير من الدول يجعل من هذه الأرقام محل شك أي إننا ما يُنفق على التعليم قد يكون أقل بكثير مما تعلنه الحكومات.
قد يُطرح سؤال عن حاجة ميزانيات ضخمة للتعليم توازي أو تقارب وزارات الدفاع، أقول إن حاجة المال في قطاع التعليم لا تعني فقط رواتب موظفين أو ما شابه بل الأمر يتعلق في بعض دول العالم إلى إن شاء مدارس وجامعات بمواصفات علمية عصرية على مستوى البنية التعليمة والهندسية، فضلاً عن وجود حاجات إلى تأسيس مراكز أبحاث تقوم على تطوير التعليم ومواكبة كل ما هو جديد في هذا المجال ولا يُمكن أن يحدث كل هذا ما لم يكن هناك اهتمام حقيقي من قبل الحكومات إذا كانت فعلاً تًريد أن تحقق نهوض اجتماعي يُساهم في المحافظة على الأوطان والارتقاء بها.
الطفولة والتعليم
يُعتبر التعليم من أكثر القضايا التي تشغل حكومات العالم وذلك مما له من دور محوري في بناء وتقدم الدول، إلا أنه يُصبح بالغ الأهمية أكثر حينما نتحدث عن التعليم الأساسي عند فئة الأطفال.
ومن البديهية المسلم بها أن دول الشرق والغرب تختلف فب مستوى التعليم والأموال التي تصرف من أجل تطوير التعليم كمدخل لتقدم الدولة.
تواجه المجتمعات العربية والإسلامية تحديات حقيقة في الحفاظ على هوية الطفولة والتعليم لا سيما مع تجاوز تأثير الرأسمالية على محيطها الغربي.
ولتقريب الفكرة أصبحت في العديد من الدول في الشرق مدارس وجامعات أهلية جل همها هو رأس المال ولا تُعطي تقديراً حقيقياً للتعليم، اضافة إلى أن ليس كل الأسر قادرة على توفير نفقات المدارس أو الجامعات مما دفع في بعض الأسر إلى أن تدخل في دوامة القروض البنكية من أجل مستقبل أطفالها، فيما تعيش المدارس والجامعات الحكومية حالة تردي على مستوى البنية التحتية للتعليم والقدرة الاستيعابية لمقاعد الدراسة.
فيما نجد بعض البلدان تحرم الاطفال من حق التعليم بسبب المواقف السياسية التي يتبناها أحد الوالدين أو حتى أثناء وجود أحدهما في السجن جراء رأي أو نشاط سياسي أو حقوقي، كان أحد مواطنين في أحد الدول العربية يقول في تسجيل تم نشره عبر منصات التواصل الإجتماعي “ما علاقة هذا الطفل فيما أنا أفعله، لماذا يُحرم من الحقوق المدنية من تعليم وهوية” في إشارة إلى إبنه.
رُبما يُقال هذه حالات قليلة لكنها نموذج عن الفوضى في إدارة قضايا الطفولة والتعليم، في عام 1992 تم مناقشة تحت قبة الكونجرس الأمريكي قضية التعليم وصدر تصريح “أن التعليم يشكل خطر على الأمن القومي الأمريكي من قبل ألمانيا واليابان لو استمر على ماهو عليه حتى 20سنة قادمة”.
ولهذا صدر قرار في حينها بعنوان “إصلاح التعليم” هذا مع الأخذ بعين الاعتبار أن التعليم الأمريكي في ذلك الوقت ولا يزال متقدم على العديد من دول الشرق، وهذا ما يُفسر إرتفاع عدد الطلاب العرب والمسلمين القادمين من الشرق حيث يتوزع أبنائهم في الجامعات، والكليات، والمدارس.
لنأخذ موضوع تعليم اللغة العربية أو غيرها من لغات المجتمعات التي من حقها أن تتعلم لغتها مهما كانت لغة الأكثرية، هل يوجد رؤية حقيقة واهتمام لتطوير وإصلاح فقط مناهج التعليم المرتبطة في اللغات التي نشأت فيها تلك الأسر في الشرق؟ ألا يحق للطفل أن يتعلم لغة والديه كما يتعلم اللغة الرسمية في البلد الذي، تعيش فيه أسرته؟ أم أن هذا هو جهد الوالدين ولا علاقة لمؤسسات التعليم في كل هذا؟
هذه الازدواجية في وضع التعليم في أدنى سلم الأولويات يكشف عن خلل في غاية الخطورة قد يؤدي إلى المزيد من الأزمات التي لا حدود لها، التعليم يا سادة يرفع من اقتصاد الدول ، ويحمي هويتها، يرفع من مستوى الأمن الاجتماعي والسياسي داخل حدودها، التعليم الذي نتحدث عنه هو تعليم يؤسس إلى طفولة آمنة وتشعر في إنسانيتها بعيداً عن كل ألوان الصراعات التي تحدث بين صُناع القرارات في العالم.