آراءسياسة

التواجد الفرنسي في إفريقيا.. بين الغياب والحضور

يمثل الاستعمار الفرنسي، إرث تاريخي وثقافي في مختلف قارات العالم، وقد شهدت القارة الافريقية مرحلة إستعمارية في  19 بلدا من شمال القارة ووسطها وجنوبها وشرقها.

فقد خرجت فرنسا من القارة، ولكنها تركت ما يجعل الدول ترتبط بها ثقافيا وعلميا وإقتصاديا وإجتماعيا وسياسيا وأمنيا.

إذ تتحكم فرنسا بالقرار السياسي والأمني لغالبية الدول الإفريقية الفقيرة في الجنوب والوسط وتسيطر على إقتصادياتها من خلال المنظمة الفرنكوفونية.

لم تحقق هذه الدول ما تتمناها شعوبها من تنمية وإزدهار بالاستفادة من خيراتها المنهوبة، من طرف الشركات الاحتكارية الفرنسية، وكذلك إستبداد الحكام الذين يحكمون بالقوة ويسرقون الثروات ووضعها في البنوك الفرنسية والأوروبية.

ويساعدهم في ذلك الدعم الفرنسي مقابل خدمة مصالحها أو الانقلاب عليهم، وتحتفظ فرنسا بتواجد عسكري وقواعد جوية في تشاد والغابون وجيبوتي والسنغال للمحافظة على مصالحها الحيوية.

وقد أصبحت الشعوب تعاني من الفقر والمرض والمجاعات، مما فتح المجال للشباب للهجرة غير الشرعية لأوروبا والضياع في الصحاري أو مراكب الموت في البحر.

وعلى الرغم من تأسيس منظمة الوحدة الإفريقية في 25 مايو 1963 بأديس أبابا، والتي من بين أهدافها، تحقيق  التكامل الإقتصادي والسياسي وإنهاء الإستعمار، ولكنها لم تتمكن من تحقيق تلك الأهداف وأهمها السياسية وتحرير القرار الإفريقي من التبعية لمنافسة الكيانات كالإتحاد الأوروبي.

وجاء تأسيس الإتحاد الإفريقي في قمة سرت 9-9 1999 التي إعتمدت “إعلان سرت” والدعوة إلى إنشاء الإتحاد الأفريقي وتعزيز الإندماج من أجل بناء القارة.

واجهت فرنسا التنظيمات الإرهابية وفي مقدمتها، تنظيم القاعدة و تنظيم أنصار الدين، الذي سيطر في عام 2012 على مدن في شمال مالي” تمبكتو -غاو – كيندال “حيث بدأت فرنسا عملية ” سرفال” وبعدها عملية ” برخان ” عام  2014 بقوة عسكرية قوامها 5500 عسكري، تشكلت من قوات دول  تشاد – مالي -بوركينا فاسو -موريتانيا- النيجر وعرفت ب جى 5، ومقرها في انجامينا، حيث لعبت القوات التشادية دور قوى في محاربة الإرهاب لما عرف عن براعتها القتالية.

على صعيد محاربة “الإرهاب” كان تنظيم القاعدة يعاني من حالة ضعف في مالي والساحل في 2012، وكان تنظيم “أنصار الدين” التنظيم الأقوى، وهو جماعة محلية لم تكن مرتبطة بالقاعدة، وقد سيطرت على مدن” تمبكتو، وكيدال، وغاو” في شمال مالي، معلنا إقامة “إمارة إسلامية“، غير أنها سقطت بتدخل عسكري فرنسي عبر عملية “سرفال“، وعندما تشكلت عملية “برخان” في 2014 وهي قوات فرنسية حلت محل “سرفال“، وأعلنت أن هدفها مكافحة الإرهاب في مالي وبوركينا فاسو وتشاد وموريتانيا والنيجر وقوامها ما بين 3000 و5500 مقاتل ومقرها انجامينا.

ولكن إعلان الرئيس التشادي الراحل ” ادريس دبى اينو” بإنسحاب القوات التشادية من عملية بارخان، زادها صعوبة
وجاء الخلاف بين مالي وفرنسا بعد الانقلاب العسكري في باماكو بدعم من مجموعة “فاغنر الروسية “، وانتهي بانسحابها بعد تسع سنوات من عملية “برخان ” وخسارتها 60 جندي.

ونعتقد بأن هذا الإنسحاب بمثابة معاقبة لباماكو وتركها وحيدة في مواجهة الجماعات الإرهابية .

كما لم تجد فرنسا دعما دوليا في محاربتها للإرهاب في الساحل والصحراء ولكنها أعلنت بأنها ملتزمة بتحمل مسؤوليتها في حماية دول الساحل والصحراء !

في نفس الوقت تعاني الدول الإفريقية عدم الإستقرار بسبب الانقلابات المتكررة في مالي وبوركينا فاسو والوضع في تشاد.

واخيرا أعلن الرئيس الفرنسي ماكرون الاستراتيجية الفرنسية الدفاعية في غضون ستة أشهر، بالتشاور مع شركاءها الأفارقة والحلفاء والمنظمات الاقليمية.

ونعتقد أن فرنسا تواجه معارضة قوية، كمستعمر قديم في القارة، بسبب عدم تجدد سياساتهم، وإستمرارها في نهجها الإستعماري في التعامل مع الدول الإفريقية، ورسخو ذلك في أفكار الأفارقة.

https://anbaaexpress.ma/1p07w

إدريس أحميد

صحفي و باحث في الشأن السياسي المغاربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى