بقلم: فؤاد حدوش
لقد عرف مصطلح التنمية في الآونة الأخيرة تداولا ملحوظا وبشكل مكثف للغاية، خاصة ما يطلق عليها التنمية المستدامة التي تطمح للاستمرارية والمحافظة على مختلف الأوساط الطبيعية، رغبة منها في تثبيت السكان داخل مجالاتهم الترابية مما يعني الحفاظ على الأنظمة الإيكولوجية بجميع مكوناتها، لكن يظل السؤال المطروح هل التنمية تأتي من محض الصدفة؟ أم هي نتاج إرادة قوية ورغبة جامحة في تحقيق النمو والازدهار والرفاهية؟
إن التنمية لم ولن تكون مجرد ضربة حظ وإنما هي نتاج عمل وإرادة ورغبة قوية يتشارك فيها الجميع من أجل إنجاحها والمضي بها قدما، إذن فهي نتاج عمل جماعي تشاركي تتداخل فيه مختلف الهيئات من جهات سياسية ومجتمع مدني وسلطات محلية، كما أن ركائز التنمية والتقدم تختلف من مجال لأخر ومن منطقة لأخرى نظرا لخصوصية كل مجال على حدى قروي كان أم وسط حضري.
لذا فالتنمية أمست حاجة ضرورية وملحة للغاية بحيث أن تقدم البلد له علاقة وطيدة بتقدم مختلف المجالات التابعة له وذلك من خلال اعتماد برامج تنموية قادرة على خلق التغيير خاصة في الميدانين الاقتصادي والاجتماعي فلا يمكن أن نتحدث عن نمو مجال أو منطقة ما في ظل ركود اقتصادية خانق وغياب فرص شغل حقيقة توفر دخل قار ومستقر، تعمل على تحريك عجلة هذا الاقتصاد، ولا يمكن أن تتقدم جهة ما أو جماعة ما ما لم تحقق استقلالية مالية وتتجاوز التبعية التي تجعل منها عبئ على مختلف الجهات المسؤولة والمنتجة التي تنظر إليها على أنها مجال استهلاكي محض غير صالح ؟ وكتساؤل يشغل مخيلتنا ونحاول البحث باستمرار عن حل له نطرح هنا سؤالا قد يتمكن العديد ممن يقرأ هذا المقال بالإجابة عنه قصد إثراء النقاش والخروج بأفكار تساهم في نهضة تنموية للمجال المعني ألا وهو جماعة بني شيكر او مجالات اخرى داخل البلد، وإننا نتسأل عن الركائز الأساسية لتنمية التي من الممكن للجماعة اعتمادها ؟
وما هي الإجراءات العلمية و العملية التي من شأنها أن ينبثق عنها نموذج تنموي شمولي وتكاملي لمختلف دواوير الجماعة؟
إن جماعة بني شيكر بحاجة ماسة إلى نموذج تنموي قوي قادر على تحقيق نهضة اجتماعية واقلاع اقتصادي يساهم بالارتقاء بالمنطقة بشكل خاص والبلد بصفة عامة، نظرا لتوفرها على عدة مؤهلات طبيعية وبشرية تساعد على ذلك، فالانفتاح على واجه بحرية ذات تشكيلات ساحلية متنوعة شواطئ ذات رمال ذهبية وأجراف بحرية حية تشكل إرث جيولوجي بمثابة أيقونة تستهوي السياح من مختلف الاماكن والبقاع، إضافة إلى غابات ذات تنوع بيولوجي متميز للغاية يفتح المجال على مصرعيه للسياحة الإيكولوجية والبيئية زد على ذلك طبيعة المسالك القروية الوعرة التي تجعل منها وجهة لرياضات مختلف من العدو الريفي وركوب الدرجات الجبلية سواء الهوائية أو البخارية مما يساعد أكثر على التعريف بالموروث الطبيعي الغني للمنطقة، ينضاف لهذا خصوصية المجال الذي يتميز بطابع البادية المغربية يساعد على نشوء وقيام أنشطة متنوعة ذات صبغة قروية من قبيل إنشاء تعاونيات تشتغل في مختلف الميادين والقطاعات سواء الفلاحية و الزراعية أوتثمين المنتوج أو تربية المواشي أو خدماتية ذات أبعاد ابتكارية، مما قد يساعد على ظهور وحدات انتاجية متنوعة من قبيل الخياطة للنساء وكذا الاعتناء بالنباتات العطرية والطبية التي من الممكن أن توفر لها المنطقة بخصوصيتها مجالا للنمو والازدهار إضافة إلى اندماج الفلاحين في وحدات انتاجية تعمل على الرقي بالمنتوج عن طريق تثمينه.
هذه من جهة أما من وجهة أخرى فإن المؤهلات البشرية قادرة بدورها على خلق دينامية تنموية كبيرة إن تم ترشيدها عن طريق التكوين والتوعية والمواكبة وذلك في مختلف القطاعات، فالجماعة قائمة على الوجود البشري وبالتالي فضرورة تثبيت السكان في مجالها والحفاظ أو خلق أنشطة تساعد على ذلك هي من الأولويات التي لا يمكن التفريط فيها.
إننا في حاجة وأكثر من أي وقت مضى إلى إحداث تغيير جذري في النموذج الاقتصادي للمنطقة وذلك قصد خلق دينامية تنموية تساعد الساكنة على مواكبة ركب التنمية وتجنيبها أن نكون عالة على غيرها من المجالات ، فاليوم نحن أمام منعطف حاسم يطرح علينا ضرورة المساهمة في المسلسل التنموي، والتنمية والتقدم لا يمنح و يأتي من فراغ بل ينبع من رغبة وإرادة في النمو الازدهار، وهذا يكون نتاج العمل الجاد الذي تتراكم نتائجه مع الوقت لتصنع في أخر المطاف الرفاهية والاستقلالية المادية والتي تعتبر الغاية الاسمى التي علينا العمل على بلوغها وتحقيقها .
إن نجاح البلد وتقدمه وازدهاره يكون نتاج مجموعة من الأفكار البناءة والإيجابية وذات النزعة الابتكارية خاصة في ظل التقدم التكنولوجي ، لذا فنحن جميعا مسؤولون عن جعل هذا البلد رائدا في ميادين متعددة وقادر على المنافسة على مستويات عالمية.
وأنت ما هي الفكرة التي تسطيع تقديمها ومن شأنها أن تصنع فارق سواء لهاته الجماعة أو مجالات أخرى؟
عضو في جبهة العمل الأمازيغي بالناظور الفرع المحلي آيث شيشار