بعد طول انتظار، أخيرا يصدر كتاب الباحث المغربي ادريس هاني عن دار الولاء ببيروت، في 323 صفحة من الحجم المتوسط، تحت عنوان “فيلو-كورونا: الموجة الرابعة للحداثة”، وهو الكتاب الذي تم الاعلان عن صدوره قبل عامين، كأول كتاب تم الاعلان عنه حول جائحة كورونا.
ويسعى الكتاب من خلال العنوان الفرعي الى تطوير الموجة الرابعة للحداثة، بناء وتجاوزا للموجة الثالثة كما طورها ليو ستراوس.
يأخذ الكتاب طابعا فلسفيا، لكنه يتسع لأبعاد متنوعة تربط بين الفلسفة والعلم والسوسيولوجيا وعلم النفس والعلاقات الدولية والادب، مقاربة شمولية ميزت الكتاب، الذي ضم العديد من المفاهيم الجديدة.
ويرى الكاتب أن مصير الحداثة والنظام الدولي أصبح مسؤولية الهامش وليس المركز، وبأن المركز يرفض المساعدة من طرف القوى الصاعدة تحت تأثير سياسة القوة الناعمة، ولكن هذا سينتهي في نظره إلى تحول في خريطة التمركزات الدولية، ومن ناحية أخرى، يعتبر أن “كورونا” أثبت انتصار مكر الطبيعة على مكر التاريخ، كما عزز انتصار مفهوم العقد الطبيعي على العقد الاجتماعي، بل يذهب إلى حد القول بأن “كورونا” فرض العودة إلى الأسس، وبأنه سيفرض مسارا داروينيا تتحطم فيه البدائل الزائفة.
من خلال الكتاب، واكب إدريس هاني تفاصيل الجائحة يوما بيوم، متجاوزا الصدمة واحتوائها ضمن رؤية ترى أن أثار الجائحة على مستوى البنيات النفسية والاجتماعية والمسارات التاريخية والبدائل الحضارية، ستكون أقوى.
وسيلاحظ القارئ أن إدريس هاني اعاد تفكيك وتحليل نظرية مالتوس بشكل جديد معتبرا أنها لم تستوعب جيدا في تاريخ الافكار الاقتصاد-سياسية، وهي اول قراءة تفكيكية لمالتوس انتهى عندها الكاتب بنزع المضمون الرياضي لمعادلة مالتوس فضلا عن عجزها عن ان تكون حلا المعضلة السكان، معتبرا أن جميع من تعاكوا بتبسيط مع النظرية السكانية المالتوسية، باتوا مالتوسيين أكثر من مالتوس نفسه.
ينطوي الكتاب على عدد من الفقرات المهمة، منها على سبيل المثال لا الحصر:
كورونا أو زمن الأساطير/المالتوسية وكوفيد 19 أية علاقة؟ /كورونا أو الجغرافيا كنسق دلالي/همسة الساموراي..سنطيح بكورونا/الاقتصاد السياسي لكورونا/الحرب في زمن “بوكليب” أو كورونا والدولة البترياركية المعدلة/فوبيا المجاعة في زمن الماركوتين/كورونا وانفلونزا المفاهيم/كورو-ميديا/ كورونا من منظور لاهوت التحرير/كورونا أو شعرية الوباء/معضلة فولتير/الحيوانات المصابة بكورونا/كورونا وصرخة هاملت، لعبة الفيروس ولعبة الأمم/كورونا والجرح النرجيسي/كورونا عبر-مناهحيا/ما بعد اللقاح، أي مصير للنوع/ ما قبل الموجة الرابعة، أو التفاهة الفائقة/ حروب الموجة الرابعة للحداثة/ الاهانولوجيا أو الاهانة كسلطة، اي مستقبل للعالم والتاريخ والحقيقة.
