تحتل حقوق الإنسان في القوانين الدولية المعاصرة مكانة بالغة الأهمية، ويظهر ذلك واضحا في كثرة الاتفاقيات الدولية حول هذا الموضوع ، وتشريع القوانين الرقابية حوله، ويعد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، بمثابة خارطة طريق عالمية تهدف إلى حماية هذه حقوق، إذ ينص الإعلان العالمي على مجموعة من الحقوق كالحق في عدم التعرُّض للتمييز والحق في حرية التعبير والحق في التعليم والحق في طلب اللجوء.
كما تشمل الحقوق المدنية والسياسية، من قبيل الحق في الحياة والحرية والخصوصية، والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، من قبيل الحق في الضمان الاجتماعي والصحة والسكن اللائق.
ويعتبر انتهاك حقوق الإنسان من الأسباب الأساسية للنزاعات وانعدام الأمن والسلم، الذي يعد إحدى أهم مقاصد المنظمات الدولية، التي تعمل على صيانة حقوق الإنسان في مختلف المجتمعات، لأهميتها في تحقيق سلام مستدام، وعدم التقيّد بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان وعدم حمايتها يضعّف من جهود حفظ السلام.
لقد تعهدت الجزائر بصفتها دولة موقعة على الميثاق الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وفقا للمادة 2 منه، بأن تضمن لجميع الأفراد الموجودين على أراضيها والخاضعين لسلطتها، الحقوق المعترف بها في هذا الميثاق، وتأمين إمكانية الطعن القابل للتنفيذ في حال ثبوت الانتهاك.
غير أن الواقع يؤكد عكس ذلك، فالنظام الجزائري يعمل بشكل حصري على دعم انتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة على نطاق واسع سواء من طرف مليشيات “البوليساريو” المسلحة، التي فوض لها، في انتهاك صارخ للقانون الدولي، إدارة مخيمات تندوف (ويتعلق الأمر بمخيمات تم إنشاؤها انطلاقا من 1975-1976 في منطقة صحراوية قاحلة في الجنوب الغربي للجزائر هاجر وهُجِّر إليها قسرا مئات الصحراويين الذين أصبحوا محتجزين. ويعيش معظمهم في ظروف صعبة للغاية، كما تبقى حياتهم رهينة بالمساعدات الإنسانية الدولية)، أو التي يرتكبها بنفسه على باقي ترابه الوطني ضد معارضيه.
فلم يسلم المدافعين عن حقوق الإنسان من الانتهاكات المختلفة، حيث تعرض دعاة حقوق الإنسان للمضايقة والترهيب على أيدي السلطات الجزائرية، وقدم بعضهم إلى المحاكمة بتهم ذات طابع سياسي، نهيك عن الانتهاكات التي يتعرض لها اللاجئون والمهاجرون الأفارقة من الدول الواقعة جنوب الصحراء الكبرى في الأراضي الجزائرية، هذه الممارسات اللإنسانية كانت محل إدانة بشكل منتظم أمام الهيئات الأممية المعنية.
وبالرجوع لتفويض الجزائر صلاحيات لـ”البوليساريو”، على جزء من أراضيها، فقد أدى ذلك إلى خلق فراغ قانوني، مما حرم السكان المحليين من الوصول إلى هيئات الطعن القضائي أو الإنصاف في البلد المضيف، فوفقا للاتفاقيات الدولية، ينبغي أن تتحمل السلطات الجزائرية مسؤولية حماية هؤلاء السكان، لكن في الواقع، تتكلف جبهة البوليساريو بإدارة هذه المخيمات، وفرض ثنائي الجزائر و”البوليساريو”، حالة من الحصار العسكري والإعلامي على السكان المحتجزين في مخيمات تندوف، حيث ينهج سياسة للرعب ضد السكان الذين يعانون من هشاشة شديدة خصوصا النساء والأطفال الذين يعدون أكثر عرضة لانتهاك حقوقهم الطبيعية، فمسألة تجنيد الأطفال من قبل “البوليساريو”، والتي تتم في ظل إفلات تام من العقاب فوق الأراضي الجزائرية، ما هي إلا صورة من صور انتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان التي تقترفها مليشيات “البوليساريو” بتواطؤ مع الجيش الجزائري وفي ظل إفلات تام من العقاب.
وعلى الرغم من محاولات الجزائر إنكار هذه الحقائق، فإن سياستها القمعية إتجاه معارضيها وانتهاكها المنهج، ليس فقط لحقوق الإنسان، وإنما للقانون الدولي بشكل عام، يجعل من المنتظم الحقوقي الأممي يلاحقها بشكل مستمر ويحملها مسؤولية انتهاك حقوق الإنسان داخل أراضيها.