آراءسياسة

العلاقات المغربية الجزائرية.. مع من سيتحاور المغرب؟

العالم يراقب و ينظر و يحلل في ما آلت إليه العلاقات المغربية الجزائرية.ملك البلاد وجه كم مرة الدعوة للمسؤولين الجزائريين من أجل الحوار و آخرها خلال القمة العربية الأخيرة التي إنعقدت في الجزائر.

و مافتىء ينادي بالوحدة المغاربية و يبعث رسائل مباشرة و غير مباشرة إلى حكام الجزائر لتجاوز الوضع القائم، هو لديه نظرة شمولية إستقاها من تربيته كوريث لعرش المغفورين لهما الحسن الثاني و محمد الخامس الذين عملا ما في جهدهما من أجل المغرب الكبير، و قدما العون و المساعدة للجزائر في محنها و إستقاها من تكوينه الجامعي في إطار دكتوراه من خلال علاقة المغرب الكبير مع الاتحاد الأوروبي، و إستقاها من خلال ما يؤمن به كأولوية التنمية المستدامة و الاقتصادية التي ستجعل البلاد و المحيط لهما وزن جيوسياسي، سيحقق لا محالة إستقلالا على جميع المستويات، و عليه فهو ينظر للعلاقات المغاربية كدافع قوي النمو الاقتصادي في حال تحققت مصالحة بين الدول المغاربية في إطار شعاره: رابح رابح.

لكن الذي يجب معرفته و الدراية بخباياه هو الجانب الآخر وأقصد بالضبط النظام الجزائري، هل لديه أية رؤية للعمل المغاربي ؟ هل هو مستعد الجلوس على طاولة الحوار مع المغرب ؟ هل هو يدرس و يفكر في ما يطرحه المغرب من افكار و طلبات لتجاوز الوضع الراهن ؟ سنبدأ بالحواب مباشرة الذي هو  لا، لماذا؟

إن التعامل مع النظام الجزائري لخصه المغفور له الحسن الثاني في جملة كافة مفيدة: يجب ان يعرف العالم مع من حشرنا الله في الجوار. طبعا لست من الذين يدعون إلى التفرقة و لست من الذين يدخلون في مشادات فارغة على مواقع التواصل الاجتماعي مع جزائريين هم إخوة لنا بحكم علم الاجتماع و بحكم التاريخ و الجغرافيا السكانية، و غيرها كثير، تضع الجزائر و المغرب من أقرب الشعوب في الواقع و أبعدها في المواقع.

لكن لا بد.من تشريح بسيط لذلك الآخر أي الجزائر في علاقته مع الأنا أي المغرب، عندما قلت أنه يستحيل تطبيع العلاقات المغربية الجزائرية حاليا، فإني لست منجما و لا حاقدا، بل إن تحليل بسيط للنظام الجزائري يجعل الانسان يصل لنفس النتيجة.

النظام الجزائري يصعب تفكيكه، قد نعرف من يتخذ القرار و قد يغيب عنا عمر هذا القرار او جديته و إمكانية تطبيقه، القابضون بأمور الجزائر اليوم مجموعة من المسؤولين لا شرعية لهم داخليا و خارجيا، و اذا اطلعنا على سيرهم الذاتية سنعرف ان الجزائر في كف عفريت او هي في طريق التفتت إذا سارت الامور على ما هو عليه.

لنبدأ أولا بالرئيس عبد المجيد تبون، هو أكثر الرؤساء الجزائريين تكوينا، حيث هو متخرج من المدرسة الوطنية للإدارة، تدرج في أسلاك التدبير الإداري لمدة خمسين عاما  أهم محطاته هو كونه واليا ثم وزيرا للسكنى، في عهده شهد القطاع أعلى درجات الاخفاق من حيث علاقاته مع تركيا و الصين الذين منحهما تراخيص و صفقات فاشلة، مقابل عملات و رشاوي، إختاره القائد صالح الذي سرق مخرجات الحراك الشعبي الجزائري ليكون رئيسا رغم ان الفائز في الانتخابات هو ميهوبي،  زورت الانتخابات الصالحه رغم المقاطعة الشعبية لهذه الانتخابات، لعلم النخبة العسكرية أنه اكثر المرشحين فسادا، ولثقل ملفاته في الفساد على مر الخمسين عاما، تم تنصيب تبون رئيسا حسب رغبة الجناح القوي آنذاك كان أول قرار اتخذه هو تبرئة إبنه خالد تبون من تهمة الاتجار في المخدرات و إخراجه من السجن فورا، إبنه الذي كان يشرف على إدخال الكوكايين إلى الجزائر مع عراب المخدرات البوشي، و مازال يمارس ذلك لحد الآن، إضافة إلى تورطه أي تبون الرئيس في صفقات السكن الاجتماعي مع تركيا و الصين و التي بينت أن العديد من المستفيدين هم خليلات الجينرالات و أبنائهم في نادي الصنوبر و حي موريتي و غيرها، ممن كان تبون يوزع عليهم السكنات خارج الضوابط الاجتماعية.

كما أنه فاقد للشرعية من خلال نسبة مشاركة الشعب الجزائري في الانتخابات الرئاسية و التي لم تتعدى العشرين بالمئة، وعليه رفع الحراك الجزائري مباشرة شعار  تبون المزور جابوه العسكر الشعب تحرر هو لي يقرر دولة مدنية، وينعته الشعب الجزائري الآن بأنه دمية في يد العسكر لا يملك اي قرار، كل ما يقوم به هو تنفيذ ما يصله من وزارة الدفاع، إلى الحد أنه أسكنوه في فيلا تابعة للمخابرات حتى يبقى تحت المراقبة و هنا نستحضر مقولة ماكرون: تبون واقع تحت ثاثير نظام عسكري متصلب.

المسؤول الثاني هو قائد الجيش السعيد شنقريحة صاحب مقولة : العدو الكلاسيكي والتي بقصد بها المغرب. شنقريحة هو المسؤول الاول عن تأزم العلاقات المغربية الجزائرية، فهو شخص أمي التكوين و محدود التفكير .ثبث تورطه في قتل جزائريين في العشرية السوداء بدم بارد، طلب عبر قنوات من القائد صالح أن يعفيه من المساءلة و الإقالة لأن عمره لا يتحمل السجن بعد أن أحس أن مقصلة القائد صالح وصلته.

فتدخلت المخابرات الجزائرية في تصفية القائد صالح و تمكين شنقريحة من القيادة العامة لأركان الجيش، و سرعان ما أتيحت له الفرصة لتفريغ مكبوتاته اتجاه المغرب، الذي أسره في حرب أمكالة، إضافة إلى أنه كان قائدا للناحية العسكرية الثالثة في تندوف، و كان يشرف على تهريب الحشيش من المغرب و حبوب الهلوسة من الجزائر إلى المغرب، إضافة إلى تهريب السلاح و المواد الغذائية كما أتى في اعترافات بونويرة الكاتب الخاص للقائد صالح، وأبناؤه موزعون على سفارات الجزائر في فرنسا و أمريكا بدون أهلية، على أن إبنه في فرنسا متورط اخلاقيا كونه مثلي شبه متزوج مع فرنسي ( الله يعفو ).

المسؤول الثالث جبار مهنا، ابن منطقة القبائل والذي أحرق القبائل وأحد رموز الجزارة في الجزائر. حكم عليه بالسجن في ملفات ثقيلة الى الحد الذي تبين أنه فقد عقله في السجن من خلال لباسه المتعري و حديثه مع نفسه، بين عشية و ضحاها تم تبرئته و أخرج من السجن و تم منحه رئيس المخابرات الخارجية و رئيس شعبة مكافحة التخريب في المخابرات الجزائرية،شخص دموي بامتياز.

المسؤول الرابع ناصر الجن أو عراب التعذيب في مخابرات عنتر، والتي أطلق عليها الشعب الجزائري مخابرات عبلة، هذا الشخص كان في العشرية السوداء يأخذ عن كل جزائري تمت تصفيته ألف درهم، كان يعمل بهذا الأساس. لا يهمه إن كان الضحية من الجماعات المسلحة الاسلامية او لا، كان همه هو قطف أكبر عدد من الرؤوس جلهم أبرياء و كان يأخذ مقابل ما قتله، و لحدود الساعة مازال يمارس مرضه إتجاه أحرار الجزائر.

المسؤول الخامس هو او هما الماسكين الحقيقيين بخبايا اللعبة : خالد نزار و محمد مدين أو الجينرال توفيق، هذان هما الماسكان الحقيقيان بأمور الجزائر. خالد نزار أو خالد الجزار، هو في تصريحاته الصحفية لن تسجل عليه أبدا موقفا خصوصا مؤخرا ضد المغرب. هو يعرف اللعبة جيدا و يؤمن إيمانا مطلقا أن الصحراء مغربية و أن المغرب عامل إستقرار للجزائر و أن الصحراء الشرقية مغريبة،  لكنه يعمل عبر خدامه و علاقاته و تأثيراثه على تأجيل أي حل مع المغرب لأنه مدرك أن القانون الدولي و التاريخ مع المغرب، و عليه يعمل على إستدامة الصراع المغربي الجزائري، و يعمل على الوقوف أمام أي حل بين الدولتين لأنه يدري و يعلم أن الجزائر هي نتاج جغرافيا إستعمارية، و ان إنهاء المشاكل مع المغرب يعني بداية المحاسبة التاريخية، و بالتالي توجيه الأضواء نحو المتسببين الحقيقيين في الأزمة الداخلية و الخارجية، و سيجد نفسه أمام القضاء كمسؤول عن تصفية ربع مليون جزائري في العشرية السوداء و التي بررها بكونه إستعمل الرصاص الحي لأن الدولة لا تتوفر على رصاص مطاطي.

المسؤول السادس هو الجنيرال توفيق أو محمد مدين شأنه شأن الذين ذكرناهم قبلا، لا تاريخ لهم في أحرار و مجاهدي الجزائر، بل هم من بقايا فرقة لاكوست اولي داف كانوا عملاء فرنسا تاريخيا و مازالوا، وضعهم بومدين في مناصب المسؤولية ضدا على رغبات المجاهدين الحقيقين و الذي يجب على على المغاربة أن يقفوا لهم إحتراما و لا يسبوا او يتهكموا على شهداء الثورة الجزائرية من أمثال: بن مهيدي و عيان رمضان و زيغود و سي الحواس و بوضياف وديدوش مراد و غيرهم كثير الذين اطلقوا ثورة التحرير الجزائرية في مثل في الخمسينيات من القرن الماضي، و التي لعب فيها المغرب دورا محوريا و أساسيا بجانب تونس و ليبيا، ويا للأسف في القمة العربية ذكرهم تبون الذين وقفوا مع ثورة الجزائر دون ذكر المغرب، و هنا نعرف أن هؤلاء القوم لا يمتون للجزائر بأي صلة.

و عليه فإن أي طلب للحوار يمكن أن نجد أمامه سورا صينيا عظيما من عملاء فرنسا، و قتلة و فاسدين و صعاليك، يعيشون اليوم و لا يفكرون في الغد.

https://anbaaexpress.ma/qg151

علي بن الطالب

مناضل نقابي و جمعوي سابق و مهتم بالشان الثقافي و السياسي و العلاقات المغربية الجزائرية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى