بقلم: بيدرو ألتاميرانو/ خبير سياسي إسباني
كانت السلطات الاستعمارية في حكومة فيشي النازية بفرنسا، قد راسلت الملك الراحل السلطان محمد الخامس، لسؤاله عن قائمة أسماء اليهود المغاربة، أجابهم محمد الخامس، أنه في المغرب لا يوجد يهود أو مسيحيون أو مسلمون، وأن هناك مغاربة فقط.
قد يبدو الأمر وكأنه فورة للوطنية، لكنها ليست كذلك، لن أجادل ما إذا كانت الدجاجة أم البيضة جاءت أولاً لكن في حقبة إسبانيا المسلمة، تم التسامح مع جميع الأديان بالفعل ،وهو تقليد من التسامح جاء إلينا من إسلام كان لا يزال في بداياته، ساعد هذا في تطوير إسلام متسامح في شبه الجزيرة الأيبيرية، بغض النظر عن مدى إستبدادية الفكر الإسباني الفردي، ورثة Cardenal Cisneros، الذين يرفضون بشكل منهجي ومقصود عدم الاعتراف به.
عندما انتهى الملكان إيزابيل وفرناندو بتوحيد شبه الجزيرة بأكملها تحت تاج قشتالة وأراغو، تم احترام اليهود والمسلمين خلال حياة الملكة إليزابيل، بعد وفاة إيزابيل تولى المستبد الذي عاش في أعقاب المملكة ، فرناندو دي أراغون، السيطرة على السلطة المطلقة للمملكة على مصالح الوريثة الطبيعية للمملكة ، خوانا الأولى من قشتالة، التي وصفت بأنها غير عادلة وذاتية- مهتمة باسم “Juana la Loca”. بمساعدة سينسيروس ، عندما دبرت مؤامرة إحضار كارلوس، مع نقض كل ما تم الاتفاق عليه في سانتا في (غرناطة) لإدماج مملكة غرناطة في مملكة قشتالة، وتم طرد جميع المسلمين واليهود الذين لم يتحولوا إلى الكاثوليكية.
كل أولئك الذين أجبروا على ترك أراضيهم الأصلية بشبه الجزيرة الأيبيرية، استقبلهم سلاطين المغرب كأخوة حقيقيين واندمجوا في الحياة الطبيعية المطلقة.
ومن بين هؤلاء، العديد من المسيحيين الذين لا يريدون أي علاقة مع الحكم المطلق الكاثوليكي السائد في إسبانيا آنذاك الذي خلفه فرناندو وسيسنسيروس، الكاثوليك الذين تم استقبالهم بالطريقة نفسها ودمجهم في سلطنة المغرب الكبرى.
لهذا السبب، عندما أجاب الملك الراحل السلطان محمد الخامس على الفرنسيين أنه لا يوجد يهود أو مسيحيون أو مسلمون في المغرب، إستمر فقط في تقليد التسامح الموروث عن جميع السلاطين والسلالات المغربية.
تقليد مغربي عريق على مر القرون معروف باحترامه لجميع الأديان، التقليد الذي نما مع الملك الراحل الحسن الثاني واليوم مع الملك محمد السادس، الذي كرر في أكثر من مناسبة أن المملكة المغربية هي حامي جميع الأديان، تحت رعاية مؤسسة إمارة المؤمنين.
والمغرب اليوم، هو نموذج للتسامح والاحترام الديني ويتناقض ويدحض من يخلط بين الإسلام والإرهاب والشمولية.
احترام الآخرين والسلام والتسامح أساس الإسلام، ويجب التعامل معه بحرية تامة في الفكر والعقل.
بالنسبة إلى كاثوليكي مؤمن مثلي، بناءً على قناعاتي المسيحية القوية، أسمح لنفسي بالتعامل مع الأديان الأخرى بهدف التعلم ومشاركة السلام.
ما يكرهونه بشأن الديانات الأخرى هو أنهم لا يؤمنون بالأديان التي يتعاملون معها.
في المغرب أجد مساحة الحرية هذه. يمكنني مشاركة طاولة وتجمعات ومشروعات وحياة مع المسلمين واليهود ، لأن الحرية توحدنا، والتسامح الذي تجلبه المعرفة العميقة الخاصة بهم وفضول الآخرين للبشر.
هذا الفضاء هو أن المغرب يسمح بالحرية، ليس للحكام أو الملوك، بل الحرية التي تنبع من الشعب.
تتعايش الكنائس والكاتدرائيات والأديرة والمساجد والمدارس والمعابد اليهودية والمقابر الإسلامية واليهودية والمسيحية في المغرب بشكل طبيعي ومتناغم تماما، إنها أشبه بلوحة عالمية داخل بوثقة مغربية متعددة الثقافات تعطي مثالا حيا لقيمة الحرية الدينية وإحترام الآخر.