دوليسياسة

تحليل.. صعود اليمين المتطرف في ايطاليا هل يشكل عودة إلى الماضي الفاشي؟

غداة الإعلان عن فوز حزب ” إخوة إيطاليا” (Fratelli d’Italia) بزعامة جيورجيا ميلوني في الانتخابات التشريعية بنحو ربع أصوات الناخبين، طغت مشاعر القلق والترقب ، على بعض القادة الأوروبين من جهة والمهاجرين والجاليات المسلمة في إيطاليا من جهة أخرى.

ومن المتوقع أن تتولى جيورجيا ميلوني رئاسة الوزراء لتصبح بذلك أول إمرأة تتولى هذا المنصب في ايطاليا ، باعتبارها رئيسة أكبر حزب في الائتلاف اليميني الفائز، مما يطرح تساؤلات حول ما ستؤول إليه الخطابات العنصرية التي ترفعها هذه الأحزاب، وحول ما إذا كانت ستتجه إلى سن سياسات وإجراءات عملية ، أم أنّها ستبقى مجرد شعارات للاستهلاك الانتخابي، وستركز عملها على الأولويات الاقتصادية والسياسية.

فبالعودة للحملة الانتخابية ، استخدمت جيورجيا ميلوني الخطاب الشعبوي ،لاستمالة أصوات الناخبين الأمر الذي مكنها من الفوز في الانتخابات خصوصا في ضل الظروف الاقتصادية التي تعيشها ايطاليا ( أزمة الغاز و الديون والركود الاقتصادي ) حيث ركز حزب ” إخوة ايطاليا “(Fratelli d’Italia) على معاداة السياسة الاقتصادية للاتحاد الأوربي وتحميله اللوم على الأزمة والدعوة إلى اعتبار إيطاليا “أمة” مستقلة تتحكم في أسواقها وتصدير ”صنع في إيطاليا ” للعالم على كل الأصعدة.

أما بالنسبة للاتحاد الأوروبي، فوصول جورجيا ميلوني للسلطة يعد بمثابة كابوس. فأفكارها القومية الحماسية تثير قلق بروكسل وفي هذا السياق، عبّر نائب البرلمان الأوروبي توماس فايتس عن اعتقاده بأنّ الاتحاد الأوروبي لا يمكن أن يعمل إلا كوحدة واحدة، ولهذا السبب يمكن أن تصبح ميلوني “كارثة على أوروبا”.

و يمنح الاتحاد الأوروبي لايطاليا مليارات اليوروهات كمساعدة لإنعاش الاقتصاد بعد التضرر الكبير من أزمة كورونا، وبالرغم من ذلك ف”ميلوني” من المتشككين في جدوى عضوية الاتحاد، وقد تحدثت خلال مؤتمراتها الانتخابية بشكل متكرر عن كون إيطاليا مضطهدة من قبل أعضاء الاتحاد الأوروبي.

ويرى المراقبون أنه « لا يمكن لإيطاليا أن تسمح لنفسها بالاستغناء عن هذه المبالغ المالية التي يمنحها لها الاتحاد الأوربي »، معتبرين « هامش التحرك أمام ميلوني محدود جدا » على الصعيد الاقتصادي.

أما بخصوص المهاجرين والجاليات المسلمة ،فينظرون بتوجس كبير وصول الأحزاب اليمينية إلى السلطة في إيطاليا، بالنظر إلى مواقفها التي توصف بأنّها “عنصرية وعدائية”، والتي عبّرت عنها في قضايا متعلقة بالإسلام والهجرة.

وكان موضوع الهجرة في قلب الحملة الانتخابية ل’ميلوني والتي انتفضت ضد المهاجرين واعتبرتهم خطرا وعبئا كبيرا على ايطاليا، الأمر الذي مكنها من كسب أصوات الناخبين الذين يشعرون أن بلادهم لم تتلق سوى القليل من المساعدة من أوروبا في التعامل مع عبء استيعاب الوافدين الجدد ودمجهم في المجتمع.

و يبدو أن انتصار جيورجيا ميلوني ،واليمين الإيطالي المتطرف يثير اهتمام الجاليات المسلمة هناك خصوصا بالعودة إلى نظرة ميليوني للمسلمين حيث سبق و قالت: “سنحارب أسلمة أوروبا؛ لأنّنا لا نعتزم أن نصبح قارة مسلمة”.

في المقابل رئيسة الوزراء المستقبلية تتبنى أفكارا قومية محافظة تقوم على تصور إيطاليا كأمة مستقلة ، وترفض وصفها بالفاشية لكن سلوكها المعادي للمهاجرين وخطاباتها المناهضة للحريات الفردية ، يظهرانها كعدوة للأقليات.

ويتطلع تحالف اليمين الذي يضم أحزاب”فراتيللي دي إيطاليا” (إخوان إيطاليا) وحزب”ليغا” (الرابطة) و”فورتسا إيطاليا”بزعامة سيلفيو بيرلسكوني إلى تشكيل حكومة يمينية وتحويل شعارات هذه الأحزاب إلى سياسيات عامة للدولة الإيطالية، تعترض قوارب المهاجرين وتهجّر الوافدين بطرق غير نظامية وتعادي حقوق وحريات الأقليات الدينية.

https://anbaaexpress.ma/vlt3k

محسن المساوي

باحث في الشؤون السياسية والعلاقات الدولية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى