تواصل الجزائر استعدادها لتنظيم القمة 31 للقمة العربية المجمع إنعقادها في بداية نوفمبر الشهر القادم، ورغم أن الجزائر تتحدث عن رغبتها في عقد قمة عربية تحت شعار “جمع شمل العرب”، إلا أنها تحرص على عدم تفويت أي مناسبة لمهاجمة المغرب، وإتهامه بالسعي لإفشال القمة.
المغرب منذ إعلان انعقاد القمة في الجزائر، لم يبد أي موقف ممانع لذلك، بل إنخرط في جهود دعم العمل العربي المشترك، وأعلن عن مشاركته في القمة بعد تسوية بعض القضايا البروتوكولية التي لم توضح وذلك بسبب حدة الخلافات، وطبيعة السياسة الجزائرية التي زادت من تعميقها في المنطقة.
و تعيش العلاقات حاليا بين الجزائر والمغرب منذ أكثر من سنة أسوأ حالاتها. إلى جانب قضية قضية الصحراء المغربية، التي كانت دائما مصدر خلاف، ظهرت مؤخرا إسرائيل كعامل توتر شديد، بعد العلاقات التي أقامها المغرب مع إسرائيل، وإمتداد ذلك إلى مجالات التعاون العسكري بينهما، وهو ما تعتبره الجزائر مصدر تهديد مباشر لها.
وفي تصريحاته الأخيرة نفى الرئيس الجزائري تبون، أن يكون للجزائر أي أطماع في الصحراء، مؤكدا أن مساندة بلاده لها من “الأمور المبدئية” كونها “قضية تصفية إستعمار وملفها متواجد في لجنة تصفية الاستعمار في الأمم المتحدة”.
غير أن هذا التصريح يتنافى مع الواقع ،وما تقوم به الجزائر من خلق مليشيات وتسليحها، للاعتداء على الجيش المغربي داخل أرضيه، وتسخير كل الوسائل المادية، والعسكرية، وتعبئة دبلوماسيتها لدعم الأطروحات الانفصالية ،وكذا تسليط الإعلام لمهاجمة المغرب وكل رموزه.
فهذا التصريح يؤكد أيضا أن الجزائر تتخفى خلف وضع وهمي كمراقب في النزاع الإقليمي المفتعل حول الصحراء المغربية، في وقت لم تتوقف فيه أبدا عن التحرك ضد الوحدة الترابية للمغرب، حيث تقدم نفسها أحيانا على أنها “طرف مهتم” وأحيانا أخرى على أنها “فاعل مهم”.
إذن الجزائر التي وضعت “المصالحة العربية” شعارا للقمة التي تستعد لاحتضانها مطلع نوفمبر المقبل، تؤكد حرصها على “عداء الوحدة الترابية للمغرب”.
فالقمة المؤجلة منذ 3 سنوات تطرح أكثر من تساؤل حول الظروف التي تعيشها البلدان العربية من تباينات في المواقف الرسمية في عدة قضايا، ( الأزمة الدبلوماسية بين المغرب والجزائر ،الأزمة الليبية ،القضية الفلسطينية، وعودة سوريا إلى مقعدها بالجامعة العربية…) يمثل غياب التوافق العربي على طاولة الجامعة العربية عقبة أساسية أمام هذه القمة.
أما دول الخليج العربي، التي لا تفوت فرصة إلا وتأكد من خلالها عن دعمها للوحدة الترابية للمملكة المغربية، تترقب الموقف الجزائري في عدة قضايا إقليمية، يمس أمنها القومي، كما يمس أمن حلفاؤها التقليديين ،خصوصا مع التقارب الجزائري الإيراني، فالسياسة الخارجية للجزائر لا تمت بصلة بشعاراتها، حين ترفع عنوان «جمع الشمل» بل، تتجه إلى مزيد من إشعال التوتر في المنطقة العربية (إدخال إيران للمنطقة، التقرب مع روسيا ، قطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب).
بإعلان وزير الخارجية المصري، في اجتماع وزراء الخارجية العرب، الذي انعقد مؤخرا في القاهرة، عن انعقاد القمة في وقتها، وجهت الجزائر دعوات رسمية إلى كافة رؤساء وملوك الدول العربية من أجل حضور هذه القمة، كان آخرها دعوة موجهة إلى الملك المغربي محمد السادس نقلها إلى الرباط وزير العدل الجزائري عبد الرشيد طبي الذي التقى مع وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة.
وبالرغم من أن المسئولون الجزائريون لم يتطرقوا للحديث عن توتر العلاقات الجزائرية المغربية، أثناء التحضير لهذا الحدث، غير أنه لا يستبعد حضور ملف الصراع الدبلوماسي بين الجارين في القمة المرتقبة، خاصة مع التمثيل الدبلوماسي الذي سيمثل المغرب في القمة، وهذا الملف في حد ذاته يحول الصراع الدائر بين المغرب والجزائر إلى قطبية عربية بين دول الخليج العربي المؤيدة للوحدة الترابية للمملكة المغربية وبين الدول المؤيدة للجزائر.
وبعيدا عن الأزمة الدبلوماسية بين المغرب والجزائر تتزامن القمة العربية المرتقبة مع ظرفية دولية غير مسبوقة بسبب الأزمة الأوكرانية والصراع الروسي الغربي الذي خلق أزمة غذائية ،إذ يُعد القمح الأسلحة أهم سلعتين تستوردهما الدول العربية من روسيا وأوكرانيا، بنسب متفاوتة بين دولة وأخرى.
إنطلاقا مما سبق تواجه القمة العربية القادمة مجموع من التحديات والإكراهات، من تباين في المواقف السياسية بين البلدان العربية، إلى تعدد أزمات الصراع، وتعقد الحسابات الأمنية الإقليمية ، كل ذلك، سيجعل من خروج قمة الجزائر بتحقيقها للأهداف المرجو منها شبه مستحيل.