حديث الساعةسياسة

الصحافة العربية الواقع والطموحات.. ليبيا نموذجا

وضع الصحافة و الإعلام بالعالم العربي، يعيش في الواقع أزمة إستفحال خلال عشرة السنوات الأخيرة، إزداد تسميمه و تسييسه بشكل كبير، أصبح  يخدم عدة جهات لها أهداف ومصالح سياسية، يواجه الإعلام بشكل قوي هيمنة و تسلط أطراف على كافة وسائل الإعلام و المؤسسات الإعلامية، كما أشارت عدة تقارير دولية أن حرية الصحافة في العالم العربي، شهدت تراجعا خطيرا خلال هذه الأزمات والصراعات التي شهدتها دول العالم العربي، هناك كذلك هيمنة الفكر الإيديولوجي و السياسي بكل أشكاله.

وأكثر من هذا أصبح الإعلام وسيلة لخدمة أجندات.. و تسويق الأخبار الزائفة من أجل زرع الرعب والفتنة و الفوضى على أساس الإعلام هو الموجه الأول و الرئيسي للرأي العام وله دور محوري في إعطاء الصورة الحقيقية و الوضحة، و أصبح الوضع الإعلامي العربي كذلك يعمل على تضخيم الأحداث و إعطاء أبعاد تتجاوز فهم العقل العادي.

إذا كان الاعلام من حيث وظيفته الأساسية هو وسيط يؤمن الحق في المعلومة ويساهم في التنمية الإجتماعية والحقوقية، حتى إستطاع في مرحلة من المراحل يشكل السلطة الرابعة، فإن الإعلام في جانب تطور تقنية الصورة بدأ يخرج عن وظيفته التقليدية، ليصبح أداة للفوضى، ووسيلة حرب.

في الآونة الأخيرة، لاحظنا أن التطور في الوسائل التقنية للإعلام لم يواكبها في العالم العربي نمو في المضمون الثقافي والحقوقي للممارسة الإعلامية، الشيء الذي تسبب في غياب ضوابط منظمة ومؤطرة للعمل الإعلامي، مما إنتهى باختراق مهنة المتاعب، التي تحولت الى مهنة مأزومة، بعد أن اخترقها الإرهاب، و أصبح له إعلامه الخاص الموجه للتخريب و الفوضى.

هناك دول تتعرض ليل نهار إلى التشويه من قبل فوضى الإعلام، مثل دولة ليبيا التي تم تصويرها كدولة فاشلة تمهيدا للتدخل في شؤونها الداخلية، مع إن ليبيا هي بلد يعاني من أزمة انتقال سياسي وليس دولة فاشلة.

تم ترويج كذلك عن ليبيا بأنها بلد مدمر يعيش فوضى و عدم إستقرار و حرب..، و الحقيقة عكس ما يتم تداوله عند الرأي العام الدولي بالنسبة لنا كمغاربة و حتى على مستوى الدولة المغربية، دولة ليبيا تعيش أزمة مرحلية و المملكة المغربية تعمل بشكل كبير على مبادرة أن يجتمع أطراف ليبيا و ترفض التدخل الخارجي في الشأن الليبي.

السؤال المطروح.. إذا كان هناك تقصير في الإعلام الليبي الموجه للرأي العام المحلي و الإقليمي و الدولي، يجب مراجعة هذا التقصير و العمل بقوة للتصدي لهذه الهجمات الإعلامية المستهدفة لتقسيم ليبيا سياسيا و إقتصاديا، و الاستفادة من خيراتها و ثرواتها.

في اعتقادنا الدول التي توجه اعلامها الرسمي ضد دولة أخرى، وتقوم بتشويهها وتسليك الإعلام التضليلي لنهب تراثها الرمزي وتشويهها إقليميا و دوليا، هي لن تكون إلا دولة راعية للإرهاب الإعلامي، وتساهم في عدم الإستقرار الإقليمي والدولي، والحقيقة هي: اعطني إعلاما سليما، أعطيك سلام وإستقرار.

الطموحات: نطمح إلى استرجاع الإعلام الهادف الذي يخدم مصالح الدول العربية، و يعمل على صيانة أعراف المجتمع وثقافته ويحرص على تقديم مواده بأسلوب مهني حيادي، و احترم ميثاق جامعة الدول العربية، لخدمة كيان الدول العربية و سلم وسلام، فهذا هو المطلوب، تقديم رسالة نبيلة، و عدم التدخل في الشؤون الداخلية، من المفروض تطبيق الميثاق، خصوصا و نحن مقبلون على القمة العربية بالجزائر.

وكذلك تفعيل دور الإعلام في مكافحة الإرهاب و الفكر المتطرف.

والعمل على تطوير برامج و حملات إعلامية توعوية ورشات تكوينية و دورات تدريبية تستهدف المجتمع و خصوصا الشباب.

كذلك تبني الخطاب الوسطي المعتدل المنبثق من القيم الوسطية المعتدلة للتعاليم الدينية السمحة.

ختاما: الاعلام وسيلة نبيلة حينما تكون في خدمة القيم الإنسانية العليا، لكنها وسيلة مهددة بالاختراق من قبل أعداء السلام والاستقرار.

https://anbaaexpress.ma/5i7rs

عثمان بنطالب

ناشط حقوقي دولي خبير في الشأن المغاربي و الإفريقي، مدير عام أنباء إكسبريس

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى