تم تتويج الفيلسوف و المفكر المغربي، “إدريس هاني” مؤخرا، بجائزة الفارابي الدولية لهذه السنة في دورتها الثالثة عشر، رفقة الفيلسوف”طه عبد الرحمن“وهي تابعة لوزارة العلوم والبحوث والتكنولوجيا بطهران، حسب ما جاء في التعريف بها: “جائزة الفارابي الدولية تمنح سنويا من قبل وزارة العلوم والبحوث والتكنولوجيا الإيرانية للأفراد الذين قدموا مساهمات بارزة في العلوم الإنسانية”.وهذا يعتبر شيئا مهما، و يعد تتويجا للمغرب، كرافد لاعلام الفكر والثقافة، واعترافا بمكانة المغرب والمغاربة في العالم الإسلامي، و مكسبا كبيرا للمملكة الشريفة، حيث كان المغرب ولا يزال ثغرا منيعا في الغرب الإسلامي، الذي لا زال يحتفظ على الهوية الإسلامية للمملكة تحت رعاية صاحب الجلالة الملك محمد السادس، وفي إطار إمارة المؤمنين التي هي آخر ما تبقى من مكاسب الهوية السياسية الإسلامية في المنطقة.
ولقد عبرت إمارة المؤمنين مرارا عن موقفها تجاه المرجعية الإسلامية والتي تعززها الأعراف التقليدية للمملكة، والأنظمة والتشريعات التي لا زال المغرب يراعي فيها حكم الشريعة الإسلامية بناء على سياسة اكثر اعتدالا ومراعاة لمقاصد الشريعة، فقد عبر جلالته في آخر خطبه بأنه لا يمكنه ان يحل حراما ويحرم حلالا.
يعتبر اضعاف المملكة الشريفة والاستخفاف برموزها واعرافها التي شكلت على مدى قرون سدا منيعا ضد التهديدات التي تستهدف الهوية الإسلامية للمغرب، اضعافا للعالم الاسلامي. فالرموز والاعراف الروحية مقصودة لترسيخ معالم الهوية الإسلامية المغربية.
لقد استطاع الاستعمار ان يفرض ثقافته وهويته في كثير من البلاد العربية والإسلامية، غير أنه فشل في اجثتات الهوية الإسلامية للمغرب، الذي ظل مركز دعوة واستقطاب روحي في غرب أفريقيا عبر قرون من الزمن.
يتساءل بعض الباحثين حول ماذا سيخسر العالم الإسلامي باضعاف إمارة المؤمنين، وماذا سيتبقى من مكاسب العالم الإسلامي اذا لا سمح الله اختفت هذه المكتسبات الروحية للمغرب؟ لحماية الهوية الإسلامية للمغرب يتطلب الأمر وجود أعراف، استطاعت المملكة الشريفة ان تحافظ عليها، حيث تلاشت الكثير من مكاسب الهوية الإسلامية من دول عربية واسلامية.
وهذا ما يفسر الطابع الخاص الهوية الإسلامية المغربية، والتي تواصل اشعاعها الروحي في غرب أفريقيا، ومد جسور الأخوة الإسلامية في إطار منظمة المؤتمر الإسلامي، والتحلي بالتسامح والحوار رغم ما تواجهه المنطقة من حالات استقطاب وتنازع.
ستظل المملكة الشريفة قطبا اساسيا في العالم الإسلامي يرعى شؤون الأمة روحيا، ويقلل من المخاطر التي تستهدف الهوية الاسلامية.
للإشارة فإن المفكر و الفيلسوف المغربي إدريس هاني، كاتب رسمي في أنباء إكسبريس، ويعتبر أحد أهم أعمدة الفكر الإصلاحي في العالمين العربي والإسلامي، وتنصب إهتماماته المعرفية في بحث قضايا الفكر العربي، أسئلة النهضة والإصلاح الديني، حركات الإسلام السياسي، وتحليل جيوستراتيجيا السياسة، وله العديد من الكتب المقالات والأبحاث المنشورة، وكذلك مشاركات في ندوات ومؤتمرات فكرية وسياسية محلية وعربية ودولية أقيمت في أقطار العالم العربي والعالم الإسلامي.