آراءسياسة

هكذا عرى المغرب ضعف النظام الجزائري

أحمد متراق
كاتب وباحث، محلل للشأن السياسي ومهتم بملف الصحراء

من المعلوم أن قواعد اللعب السياسي خارجيا أصبح لها منطق آخر يقوم على احترام الذات أولا وفرض الهيبة، واحترام الذات يقتضي بناء دولة قوية، أسس حكم سليم، تعاقد شرعي مع الشعب يوازيه ثبات سياسي وأمني، توازن اقتصادي واجتماعي، وهو الأمر الذي حاول المغرب طوال العشرين سنة الماضية بناءه ليصل مرفوع الرأس لتحقيق مكتسبات اليوم.

والمعلوم أيضا أن عالم السياسة ليس هناك مجال للصدف، كما أن غلطة الشاطر فيها ليس لها ثمن، وعندما حاولت الجزائر إدخال زعيم تنظيم البوليساريو خلسة لاسبانيا للعلاج بتزوير هويته، لم تكن تعلم آنذاك أنها تقدم على أكبر مغامرة في تاريخ حربها السياسية ضد المغرب، وان خطوتها تلك ستعطي للمغرب فرصة من ذهب ليحرج إسبانيا وتختار موقفها بين الأبيض والأسود في قضية الصحراء، لم تكن تعلم أن القوة الاستخباراتية بالمغرب بلغت مراحل جد متقدمة تفوقها بسنوات، ولم تكن تعلم أن علاج بن بطوش -على حساب أموال الشعب الجزائري طبعا- سيكلفها اعترافا إسبانيا مباشرا فيما بعد بمغربية الصحراء، وكلي يقين بأنها لو علمت بذلك سلفا لكانت ضحت ببن بطوش وكل من معه وتركته يصارع الموت بين خيام تندوف، لكن وكما قلت سلفا، إنها السياسة ..

ولسخرية القدر نفس المشهد الدرامي تكرر اليوم، لكن المصيبة أكبر وأعظم، وطريقة صياغة الحدث قد تجعل جنرالات الجزائر يستنجدون بقينينات الأوكسجين للتنفس ليلا.

بالأمس هللت صحف الجزائر وطلبت كعادتها منتشية بنشر صور إستقبال زعيم تنظيم البوليساريو في حفل تنصيب الرئيس الجديد لكينيا، نشرت صورا لم تكن تدري أنها ستبصح فيما بعد دليلا على فشل دولة تدعي أنها متقدمة إستخباراتيا، فتحولت صور النصر بعد ساعات لصور هزيمة وتأكيد على تآكل نظام عسكري هرم.

الجميل في القصة أن نفس النظام الكيني الجديد الذي وجه الدعوة لرئيس التنظيم الانفصالي لحضور الحفل وأجلسه في الصف الأمامي بالأمس، يعلن اليوم عن سحبه الاعتراف بالجمهورية الوهمية وبن بطوش لم يركب طائرة الخطوط الجزائرية بعد، إعلان يمثل انتصارا عظيما للمغرب وفشلا ذريعا للجزائر، من دولة كانت للأمس القريب حليفًا استراتيجيًا وداعما أساسيا للبوليساريو له من الدلالة ما يكفي ليؤكد للجميع أم المغرب دولة مؤسسات تعمل أكثر مما تتحدث، دولة عريقة تمضي بخطوات لحديثة لإنهاء وهم البوليساريو .. فهنيئا لنا جميعا بهذا الانتصار.

https://anbaaexpress.ma/g9xul

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى