حصري على أنباء إكسبريس
في حوار صحفي مع العائد من مخيمات المحتجزين بتندوف، والدبلوماسي المغربي المعتمد في جزر الكناري، السيد عند الله كريمش، أكد لنا أن قدر العلاقات بين المملكة المغربية والاسبانية هو التفاهم والتقارب نظرا للروابط الحضارية والتاريخية والثقافية التي تجمع بين المملكتين.
كما أكد لنا المسؤول المغربي بلاس بالماس، أن مدريد فهمت أخيرا أنه لامفر من الإعتراف بمغربية الصحراء من خلال خطة الحكم الذاتي المغربي، كحل واقعي ووحيد في النزاع الإقليمي المفتعل بالصحراء.
وقال السيد عند الله كريمش، أن الأمن القومي الإسباني مرتبط بشكل وثيق مع المغرب، لذلك أدركت إسبانيا بخطورة البوليساريو كحركة إنفصالية إرهابية، وهذا يعني أن مدريد أدركت الواقع المغربي وأن مصلحة وحدة المغرب هي من مصلحة وحدة إسبانيا.
هذه المحاور وغيرها ستكون موضوع حوارنا على أنباء إكسبريس، مع الدبلوماسي المغربي المعتمد في جزر الكناري السيد عند الله كريمش.
– حدثنا عن بداياتك في الالتحاق بالسلك الدبلوماسي بالمغرب؟
بداياتي بالسلك الدبلوماسي بالمغرب، جاءت بعد إلتحاقي بجبهة البوليساريو عام 1979، وتم تكويني في ليبيا كأستاذ بمعهد التربية، وبعد رجوعي من ليبيا، تم تعييني كمدير لوزارة الثقافة بالبوليساريو، وبعد ذلك إلتحقت بالمينورسو لمدة عامين، وبعد ذلك أرسلوني إلى إسبانيا بمدينة فيتوريا، وإشتغلت بها لشهور، بعد ذلك تم ارسالي إلى البرتغال في لشبونة لمدة 3 سنوات، وبعد البرتغال إنتقلت إلى مدغشقر وبقيت فيها إلى حدود التسعينات.
وفي سنة 2000، بالضبط يوم 17 يونيو لبيت نداء الملك السامي، أن الوطن غفور رحيم، وعدت إلى أرض الوطن وتم توظيفي بوزارة الخارجية بمديرية الدراسات والأبحاث، وفي مديرية الاتصال وبعد ذلك في مديرية إفريقيا، ثم تم إرسالي إلى لاس بالماس كدبلوماسي مسؤول ومعتمد بقنصلية المملكة المغربية.
وفي هذا الصدد لابد من الإشارة إلى أن قنصلية المغرب بلاس بالماس، تتميز عن كل القنصليات الموجودة في جزر الكناري، فهي تعتبر من أحسن القنصليات، رغم بعض الإكراهات، ومنذ عودتي إلى أرض الوطن، سخرت كل جهودي وقدراتي لخدمة قضيتنا الوطنية المركزية الصحراء المغربية، وكذلك نفس الشيء فعلته زوجتي ورفيقة دربي، السيدة مغلاها الدليمي مديرة المكتبة الوسائطية و المتحف الصغير للمغرب الصحراوي بمدينة الداخلة، وهي ناشطة وفاعلة جمعوية، شاركت في عدة ندوات دولية كاللجنة الرابعة للأمم المتحدة، وشاركت في بروكسل وجنيف وفي محافل دولية أخرى من أجل التعريف بقضيتنا الوطنية
– ماهي الصعوبات التي واجهتك عند إشتغالك بالسلك الدبلوماسي في المغرب؟
نعم كانت هناك صعوبات، لكن الحمد لله تجاوزناها بسرعة، لكن على كل حال كنت أحتاج إلى فترة للتأقلم من أجل التعرف على طريقة العمل، وكل الرفاق والزملاء بالسلك الدبلوماسي الذين إشتغلت معهم كانوا خير سند ومعين لي، ونحن دائما جهودنا تنصب نحو قضية وحدتنا الترابية وهذا واجب مقدس لكل واحد منا ولابد من تحمل المسؤولية في ذلك.
– نعرف جميعا بأن لاس بالماس تحتوي على تنظيمات يسارية تساند البوليساريو، كيف ترى الموقف الإسباني الرسمي الأخير في الإعتراف باقتراح الحكم الذاتي المغربي بالصحراء؟ وهل هناك إمكانية بأن تأخذ بعض التنظيمات الحزبية في الكناري موقفا إيجابيا من قضية الصحراء المغربية؟
إسبانيا والمغرب كانتا وستظلان جارتين دائمًا بسبب هذا الواقع الجغرافي الموجود، فالتفاهم والتقارب هو قدر المملكتين، نظرا للروابط الحضارية والتاريخية التي تربط ضفتي المضيق، صحيح هناك بعض الصعوبات والمطبات، التي تمر منها علاقات البلدين بين الفينة والأخرى، لكننا تغلبنا عليها بالحنكة والحكمة والثبات.
الآن هذا الجو الإيجابي الموجود حاليا، بعد إعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بمغربية الصحراء، جاء الاعتراف الإسباني بالسيادة المغربية على صحرائه من خلال خطة الحكم الذاتي كحل وحيد وواقعي، وهو حل يخدم علاقات البلدين.
فمدريد فهمت أخيرا أن لامفر من الإعتراف بمغربية الصحراء، وهذا الإعتراف الإسباني سهل علينا الأمر كدبلوماسيين وفتح لنا الكثير من مجالات توثيق هذا التعاون الإسباني المغربي في أفق أكثر وضوحا وثقة.
وإتضح لإسبانيا أن هذا النهج الجديد الذي إتبعته إزاء الصحراء المغربية، هو أفضل وأحسن طريق للسير قدما نحو المستقبل لما فيه من آفاق إقتصادية وحضارية واعدة بين المغرب وإسبانيا، بعيدا عن الرؤية الضيقة الشاذة التي كانت تعرقل هذا التعاون.
بالنسبة للشق الثاني من سؤالك حول موقف الأحزاب في لاس بالماس من الصحراء المغربية ومن البوليساريو، فطبعا جزر الكناري كانت وكرا لمساندة البوليساريو ولكن في هذه السنين الأخيرة، بدأ نفوذ البوليساريو يخفت ويتراجع لصالح المغرب، طبعا البوليساريو لهم مساندين بسبب المصلحة والاستفادة التي يتلقونها في خدمة أجندات البوليساريو لأهداف أخرى معروفة، فما بني على باطل فهو باطل.
الآن الأغلبية الساحقة في جزر الكناري تساند المغرب في قضيته المركزية، وعلى كل حال المتطرفون موجودون في كل مكان وهذا ليس إستثناءا.
– لكن تذكرت أنه قبل ثلاثة أسابيع، إتخذت وزارة الداخلية الاسبانية قرارا رسمياً بشطب على حزب Nueva Canarias من لوائح الوزارة، وهو من أشد الداعمين لعصابة البوليساريو في هذه الجزر، وأعتقد أن حكومة مدريد بدأت تعي جيدا بخطورة بعض الأحزاب الإقليمية الصغيرة في دعم تنظيم معروف بتوجهاته الإنفصالية..؟
على كل حال حزب Nueva Canarias حزب معروف أنه يغرد خارج السرب وهو تنظيم يساري وهو حزب ليس له أي قوة أو تأثير سياسي، ولما كان حزبا قانونيا كان معروفا أنه من الأحزاب الضالة والشاذة بالمشهد الحزبي بالكناري، إذا ساندك لم يساندك بشيء، وإذا كان ضدك لم يكن ضدك شيئا، لأن هذا الحزب مضروب بالصفر، وسياسة هذا الحزب هو الارتكاز على نشر البلبلة.
على كل حال أغلبية الأحزاب المعتمدة تساند المغرب في قضيته، بإعتبار القرب الجغرافي والمشترك الذي يربط بين المغرب وهذه الجزر، وكما قلت لك في بداية الحوار مصير المغرب وإسبانيا هو التفاهم، وكما يقال بالاسبانية.. “Estamos obligados a entendernos” وهذا التفاهم جاء بفضل حنكة وتوجيه جلالة الملك محمد السادس نصره الله، والسياسة الخارجية التي أشرف عليها، وهذه السياسة الملكية أعطت ثمارها على المستويين الإقليمي والدولي.
– في خطاب الملك الأخير بمناسبة الذكرى 69 لثورة الملك والشعب،كان الملك محمد السادس قد أشاد في خطابه، بالموقف الإسباني، كما أشادت وزيرة الدفاع الإسبانية مارغريتا روبلز بالعلاقات الرائعة والمتميزة التي تجمع المغرب وإسبانيا، وجاء كرد فعل على خطاب الملك، الذي وصفته الصحف الإسبانية بالخطاب الإيجابي والواضح، ماهو تقييمكم حول هذه النقطة ؟
فعلا جلالة الملك محمد السادس نصره الله، كان واضحا في خطابه الأخير ووضع النقط على الحروف، وأشاد بالعلاقات المغربية الإسبانية، ولكن لابد من الإشارة إلى نقطة هامة جدا، وهي أساسية حيث أشار جلالة أن الغموض في قضية الصحراء لم يعد مقبولا، وأن الصحراء هي منظار المغرب لرؤية العالم مما يعني أن اللعب على الحبلين قد انتهى، وأن الازدواجية أضحت مرفوضة في قضية الصحراء المغربية، على كل حال إتضح أن ثمار السياسة الخارجية المغربية آتت ثمارها وهذا واضح كما تفضلتم في سؤالكم من تصريح أعلى مسؤولة بوزارة الدفاع الإسبانية.
والأمن القومي الإسباني من أجل الحفاظ عليه، لابد من التعاون مع المغرب وهذا كلام الإسبان، أن المغرب يساهم بطريقة إيجابية في الحفاظ على الأمن القومي الإسباني
– فعلا وحتى مراكز الدراسات والأبحاث في إسبانيا دائما كانت تخرج تقارير حول هذا الموضوع وترفعه إلى مدريد بإعتبار أن المغرب يشكل حلقة أساسية وصمام أمان لإسبانيا، ومن هذا المنطلق أعتقد أن إعتراف مدريد بمغربية الصحراء، جاء كذلك كتخوف من الحركات الانفصالية بإسبانيا، كالانفصاليين الكتلان أو إنفصالي الباسك وغيرها من المناطق، أو حتى التخوف من إحياء بعض النزعات الإنفصالية بإقليم الأندلس..
فعلا كلامك صحيح، وهي نفس الوضعية التي يعيشها المغرب، تعيشها إسبانيا، الاسبان واعون تماما بخطورة هذه الحركات الانفصالية على وحدة البلاد، وهذا ينعكس طبعا على الواقع المغربي، وفي الآونة الأخيرة أدركت إسبانيا بخطورة البوليساريو كحركة إنفصالية إرهابية، وهذا يعني مقارنتها مع الحركات الإنفصالية الأخرى بإسبانيا لعدة عوامل موضوعية، وهذا يعني أن مدريد أدركت الواقع المغربي وأن مصلحة وحدة المغرب هي من مصلحة وحدة إسبانيا.
– بإعتبارك مسؤولا دبلوماسيا في قنصلية لاس بالماس، ماهي الصعوبات أو الإكراهات التي تواجه القنصلية من ناحية الخدمات وغيرها؟
قنصلية المملكة المغربية في لاس بالماس لها إمتياز خاص، هذه القنصلية تعاني طبعا من بعض الإكراهات، لكن نحن قائمين على قدم وساق في حل بعض المشاكل التي تواجه القنصلية، كقضية الهجرة السرية، التي تزايدت بشكل مطرد في جزر الكناري .
ونحن نحاول حل مشاكل بعض المغاربة الذين جاءوا بطريقة غير شرعية إلى جزر الكناري، ونحاول بحسب الامكانيات المتاحة لنا، للبحث عن حلول جذرية بإستقرار شرعي وقانوني بالجزر وبالتنسيق مع السلطات الإسبانية.
فالقنصلية موجودة أساسا من أجل خدمة المواطن، وعمل القنصلية يجري في الإطار الشرعي كممثلية دبلوماسية رسمية معترف بها ومعتمدة بلاس بالماس، وهناك تنسيق أمني ومدني يومي مع السلطات الإسبانية، من أجل الحفاظ على هذه العلاقة الموجودة بين إسبانيا والمغرب.
– قلت لي خلال دردشة جانبية أنك مهتم بالأدب والثقافة، ماهي المواضيع التي تناولتها في هذا المجال؟
على كل حال أنا إنسان بسيط وجد متواضع، وبعض الأحيان أكتب عن مواضيع الهوية والتاريخ، ولكن لأكون واضحا معك، لاأحبذ تعميمها على الجمهور، وأحتفظ بها لنفسي، إنطلاقا من فكرة التعبد في محراب الكتابة أي أنا أكتب من أجل ذاتي هذا من جهة، ومن جهة ثانية كذلك أكتب مواضيع ذات صبغة تحليلية بالواقع السياسي الإقليمي والدولي الذي نعيش فصوله بشكل ماضوي وآني.