آراءدولي

اليوم الأممي لحماية التعليم من الهجمات

لابأس أن نذكّر، بين الحين والآخر، بحاجتنا إلى ثقافة محايثة لما هو محلي-أممي، وإلى تمثل زمننا انطلاقا من التقاليد الأممية بدل التقوقع داخل التقاليد المحلية. وأقصد بالتقاليد، هنا، ذات الصلة بالمناسبات العالمية، كالأيام والأسابيع الأممية.

على مدار العام هناك حوالي 350 يوما أمميا، أو أكثر، اقترحها أشخاص من جميع القوميات، وصادقت عليها الأمم عبر هيئاتها. وهي أيام يراد من خلال الاحتفاء بها تعزيز القيم الإنسانية النبيلة. ولعل شهر سبتمبر من أكثر الشهور احتفاء بالأيام العالمية.

مرت ذكرى الهجمات الإرهابية التي ضربت أبراج مانهاتن، تلك الهجمات التي دمرت الأبراج وأزهقت آلاف الأرواح وصدمت العالم وخلّفت آلاما في ملايين النفوس. وبالموازاة، مر علينا، أيضا، “اليوم الأممي لحماية التعليم من الهجمات” المصادف للتاسع سبتمبر. والهجمات التي تستهدف التعليم لا تعد ولا تحصى، وهي مفتوحة طالما بقيت يد السفهاء والأشرار هي العليا.

وقد تم إعلان هذا اليوم بموجب قرار الجمعية العامة 275/74 الذي اُعتمد بالإجماع، ودعت فيه الجمعية العامة اليونسكو واليونيسف إلى إذكاء الوعي بشأن المحنة التي يمر بها ملايين الأطفال القاطنين في البلدان المتضررة بالنزاعات. وقد قدّمت قطر مشروع قرار اعتماد هذا اليوم الأممي بالرعاية المشتركة مع 62 بلدا آخر.

ويؤكد قرار الجمعية العامة أن الحكومات تتحمل المسؤولية الأساسية لتوفير الحماية وضمان التعليم الجيد المنصف والشامل لكل المتعلمين وعلى جميع المستويات، وخاصة الذين يمرّون بظروف حرجة. ويشدد كذلك على ضرورة تكثيف الجهود المبذولة في هذا الصدد وزيادة التمويل المخصّص لتعزيز بيئة مدرسية آمنة ومحصّنة في حالات الطوارئ الإنسانية، وذلك من خلال اتخاذ جميع التدابير الممكنة لحماية المدارس والمتعلمين والطواقم التربويّة من الهجمات، والامتناع عن الإجراءات التي تعوق وصول الأطفال إلى التعليم، وتيسير الوصول إلى التعليم في حالات النزاع المسلح.

ويعيش العالم هجمات ضد الأطفال “إذ تنتهك الأطراف المتحاربة إحدى أهم القواعد الأساسية للحرب: حماية الأطفال. وباتت الطبيعة الممتدة زمنياً للنزاعات الحالية تؤثر على مستقبل أجيال بأسرها من الأطفال. ومن دون إمكانية الحصول على التعليم، سينشأ جيل من الأطفال الذين يعيشون في أوضاع النزاعات دون أن يكتسبوا المهارات التي يحتاجونها ليساهموا في بلدانهم واقتصاداتها، مما يفاقم الأوضاع الفظيعة أصلاً التي يعاني منها ملايين الأطفال وأسرهم”.

ووفق الأمم المتحدة، في عامي 2020 و 2021، أُبلغ عن أكثر من خمسة ألف هجمة على التعليم، فضلا عن استخدام المدارس والجامعات لأغراض عسكرية، مما أضر بأكثر من تسعة ألف طالب ومعلم في 85 بلدا على الأقل. وزادت الهجمات على التعليم والاستخدام العسكري للمدارس بنسبة الثلث في عام 2020 مقارنة بعام 2019، وظلت على نفس المعدل في عام 2021.

للعالم العربي نصيب من هذه المأساة، أما على الصعيد المغاربي فمازال أطفال ليبيا في عدد من المدن والقرى يعيشون تحت إيقاع الخوف وأخبار الاقتتال.

في فضائنا المغاربي، لا يعاني التعليم في فترات الحرب فحسب، بل حتى في السلم مثلما هو حال باقي البلدان المغاربية التي تعرضت فيها المدرسة العمومية إلى سقوط مدوي، وتراجعت الكفاءة وسادت الرداءة. هذا إذا سلمنا أننا نعيش في السلم. وهل نحن نعيش فعلا في السلم؟ طبعا لا. فللحرب أشكال وأنواع. وأكثر الحروب انحطاطا هي الحرب النفسية والاقتصادية التي يتم تسليطها على البسطاء. التعليم في البلدان المغاربية يتعرض إلى هجمات معنوية حيث تعاني الأسر ومعها أطفالها من كل أصناف الخوف والاضطهاد. من كلفة الأدوات والملابس، إلى اكتظاظ الأقسام، إلى برامج مرهقة وغامضة، إلى مدارس ليس فيها ما يغري الأطفال، إلى صراعات وهمية حول اللغات واللائحة مفتوحة. السياسات احترفت الكذب والبهتان، أما النخب الأكاديمية فحدّث ولا حرج.

https://anbaaexpress.ma/l9hsy

سعيد هادف

شاعر جزائري وباحث في الشأن المغاربي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى